نيويورك – يحتدم الجدل بالولايات المتحدة حول نجاعة إجراءات حكومية أميركية تهدف في نهاية المطاف إلى تأميم بعض المؤسسات المالية المتعثرة.
وأعلنت إدارة الرئيس أوباما الاثنين الماضي عن تعديل الشروط التي تقدم بموجبها مساعدات للبنوك المتعثرة بحيث تمتلك حصة أغلبية يسهل عن طريقها السيطرة على هذه المؤسسات.
وفي أول رد فعل للسوق بالولايات المتحدة هوت الأسهم الأميركية إلى أدنى مستوى في ١٢ عاما بعد أن اقتربت كل من مجموعة “سيتي غروب” وهي واحدة من أكبر البنوك الأميركية ومجموعة “أميركان إنترناشيونال غروب” (أي آي جي) للتأمين إلى طريق يوصل في الواقع إلى التأميم بعد الدخول مع الحكومة في مفاوضات بشأن مساعدات جديدة.
وتهدف المفاوضات إلى زيادة حصة الحكومة في “سيتي غروب” إلى ٤٠ بالمئة رغم أن البنك يحاول تحديدها في ٢٥ بالمئة، بعد أن كانت المجموعة تلقت مساعدات حكومية وصلت إلى ٤٥ مليار دولار في السابق امتلكت بها الحكومة أسهما ممتازة.
أما أي آي جي التي تلقت مساعدات وصلت إلى ١٦٠ مليار دولار فإنها تتفاوض أيضا بشأن مساعدات إضافية بعد أن منيت بخسائر وصلت إلى ٦٠ مليار دولار في الربع الأخير من العام الماضي.
تعديل الشروط
ونقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن مسؤولين بالإدارة الأميركية القول إن الإدارة عدلت الشروط التي تقدم المساعدات بموجبها للبنوك بحيث يسمح للبنوك بتسديد الديون للحكومة بالأسهم العادية بدلا من السيولة النقدية المباشرة، وتهدف هذه الخطوة إلى تقديم المزيد من السيولة للبنوك لمساعدتها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة لكن لا تستهدف تأميم البنوك.
وفي سعيها لتعزيز ثقة المستثمرين في المؤسسات التي تواجه صعوبات مالية مثل “سيتي غروب” قالت الحكومة إنها مستعدة لتملك كميات كبيرة من أسهمها ما يوصل بالتالي إلى حصة أغلبية للحكومة أو بمعنى أخر تأميمها.
وتقول “واشنطن بوست” إن الخطوة هي بمنزلة مقامرة كبيرة، فحجم الجهود الحكومية تعكس عمق الأزمة وبالتالي تعمق خوف المستثمرين.
وأكدت الصحيفة أن الإجراءات الجديدة تمهد الطريق بالضرورة إلى تأميم معظم البنوك الكبرى المتعثرة.
وستبدأ الحكومة هذا الأسبوع في “اختبارات جهد” لعشرين من أكبر البنوك لاختبار مدى حاجتها للأموال لتستطيع التغلب على فترة من الكساد القوي.
وستقدم الحكومة ١٠٠ مليار دولار لهذه البنوك لمساعدتها وفي حال حاجتها إلى أموال أخرى ستطلب الحكومة منها جمع أموال من القطاع الخاص وإلا فإن الحكومة ستطلب استثمارات أكبر فيها.
وفي حال تحويل هذه الاستثمارات إلى أسهم عادية فمن شأنها تحقيق سيطرة أغلبية للحكومة على البنوك الرئيسة بعد أن انخفضت أسعار أسهمها في الفترة الأخيرة.
وقال وزير الخزانة تيموثي غيثنر إنه يهدف إلى تحاشي السيطرة الواضحة على البنوك لأنها تعني أن تكون الحكومة هي المسؤول الرئيس عن إدارتها.
لكن مسؤولين آخرين قالوا إنهم قد يبحثون السيطرة الكاملة على البنوك ملجأ أخيرا مؤقتا. وقد تلجأ الحكومة إلى امتلاك حصة أغلبية بالبنوك دون السيطرة على إدارتها اليومية.
رأي مختلف
وفي صحيفة “وول ستريت” كتب الرئيس السابق للمؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع وهي المسؤولة عن قطاع البنوك مقالا قال فيه إن الولايات المتحدة وسط ركود اقتصادي خطير وإن انكماش التضخم بصورة كبيرة يمثل خطرا حقيقيا.
ويضيف وليام إسحق، الذي عمل رئيسا للمؤسسة من العام ١٩٨١ حتى العام ١٩٨٥ ويعمل حاليا رئيسا لمجموعة سيكيورا الاستشارية في واشنطن، أنه يجب على الحكومة الإعلان بأنها لا تنوي تأميم أي من البنوك الكبيرة وأنها تقف خلف النظام المصرفي وأن البنوك سوف تظل تتلقى مساعدات من الحكومة على شكل أسهم ممتازة لا تتمتع بقوة تصويت وبالحجم الذي تريده.
وأكد إسحق أن الحكومة لا تستطيع التوقف عند تأميم بنك أو اثنين إذ إن المضاربين والرافضين للعملية سيقومون بالمضاربة على أسهم البنوك الأخرى ما سيقوضها.
كما اقترح لنجاح عملية التأميم إيجاد مخرج معقول ومدروس، واستشهد بتأميم “بنك كونتننتال إلينوي” عندما كان في منصبه الحكومي حيث أعيد البنك للقطاع الخاص ضمن خطة مدروسة.
وأضاف أن من الصعوبة بمكان إيجاد أشخاص آخرين يحلون محل المسؤولين الحاليين للبنوك، وقد كانت هذه إحدى الصعوبات التي واجهته أثناء تأميم بنك “كونتننتال إلينوي”.
وقال إسحق إن البعض يستشهد بالطريقة التي سيطرت بها الحكومة السويدية على بنك غوتا بعد انهياره، لكنه قال إن الأمر يختلف بالنسبة للولايات المتحدة بسبب الحجم الهائل لبنوكها ولنظامها المصرفي.
Leave a Reply