ديربورن – خاص »صدى الوطن«
تمتلك المدرسة والمربية رؤية خاصة وأسلوباً مميزاً في التعليم يعارض الطرق التعليمية التقليدية القائمة على »التلقين« فهي تعتقد أن »التعليم« لا يمكن ضبطه بقواعد خاصة ومنتظمة. التعليم بيئة.. تقول المدرّسة قاسم، وهو بالتالي ثقافة وطريقة فهم وإحاطة بالعالم والواقع، والتعليم بهذا المعنى.. هو طريق تحرر وتجاوز وانتصار على المعوقات والحواجز الذاتية والموضوعية..
تدرّس أميرة قاسم مادة »أي بي لانغويج« في مدرسة فوردسون في ديربورن، وتعمل مع طلابها على إقامة علاقة خاصة مع اللغة الإنكليزية في مختلف حقول المعرفة (فلسفة – دين – سياسة). فاللغة -في رأي السيدة قاسم- ليست أداة للتواصل والتخاطب فحسب، بل هي أداة تفكير أيضاً، وهذا هو الأهم، وتضيف: »إن التخاطب هو أحد وظائف اللغة بلا شك، لكن يجب ألا ننسى تلك العلاقة الجدلية بين الفكر واللغة.. هذه العلاقة المثيرة التي تطرحها النظريات الحديثة« وبهذا المعنى، فإن أهمية أن يتعلم أبناء الجالية العربية في أميركا اللغة الإنكليزية ليس من أجل التواصل، بل من أجل أن يكونوا في صلب الثقافة الأميركية وليس على أطرافها..
وعن اندماج الطلاب العرب في المجتمع الأميركي، تقول قاسم: هذا أمر ضروري، ولكنه للأسف لا يحصل، فالأهالي يعيقون اندماج أبناءهم في المجتمع الجديد بدعوى المحافظة على تقاليدهم وثقافاتهم. وتتابع: »من المهم أن نهتم بثقافتنا العربية والإسلامية التي هي ثقافتنا الأم، ولكن علينا أن نمارس هذا الاهتمام بوعي، لأن ما يحصل في الواقع.. أن بعض الجاليات العربية تعيش كمجتمعات مغلقة داخل المجمتع الأميركي، مجتمعات مغلقة بكل معنى الكلمة، أشبه بالكانتونات، التي تؤدي في نهاية المطاف إلى ازوداجية الشخصية العربية في أميركا«.
وتتوسع السيدة قاسم في موضوع علاقة الجاليات العربية بالمجمتع الجديد، فتقول: »إننا ننغلق على أنفسنا بقصد المحافظة على ثقافتنا، ولكن هذا الأمر يؤدي بنا في نهاية الأمر إلى الانعزال والهامشية، كما أن هذه العلاقة هي امتحان لثقافتنا العربية، فإذا كنا نعتقد أن »ثقافتنا« أصيلة وقوية فعلينا أن ننفتح على الآخر بلا توجس، ونحاوره، ونتعاون ونندمج معه من أجل البناء العام، وهذا الأمر سيساعد على إثراء كلا الثقافتين، إن بعض المثقفين العرب مثل جبران خليل جبران وادوارد سعيد تركوا آثاراً ناصعة في الثقافة الأميركية وسوف يستمر هذا التأثير زمناً طويلا«.
وفي العودة إلى مجال عمل أميرة قاسم، تقول: »إنني دائماً أعلم طلابي كيف ينفتحون على الآخرين، وكيف يعبرون عن أنفسهم، وكيف يستخدمون اللغة بالطريقة المثلى. أنا لا أعلم الطلاب كي يحصلوا على الدرجات العليا، فهذا الأمر تحصيل حاصل، خاصة إذا امتلك الطالب الرؤية الصحيحة بتأثير من أساتذه وأهله بطبيعة الحال، غير أنه في الواقع كثيراً ما يلعب الأهل دوراً سلبياً، لأنهم يريدون من أبنائهم أن يتفوقوا.. من أجل السمعة والمفاخرة، فهم لا يدركون أن العلم وسيلة وليس غاية بحد ذاتها، والأكثر خطورة.. أن المؤسسات الاجتماعية والثقافية، في جاليتنا، لا تقوم بدور مشجع، فهي في أكثر الأوقات محكومة بالمناطقية والقبائلية والطائفية«.
أميرة قاسم، قدمت إلى الولايات المتحدة من لبنان في السابعة من عمرها، درست وتخرجت من ثانوية فوردسون في ديربورن، ثم من كلية هنري فورد. درست الأدب الانكليزي في جامعة ميشيغن – ديربورن وتخرجت عام ١٩٩١، وتعمل الآن على إعداد أطروحة الدكتوراه في الأدب الإنكليزي، وعنوانها »مناهج التعليم في اللغة الإنكليزية«.
Leave a Reply