لم تتفاعل الاتهامات المصرية لحزب الله في الشارع اللبناني حين اعلانها، رغم الاهتمام الإعلامي بها نسبياً، وظلت مواقف القوى السياسية اللبنانية بعيدة منها على غير عادة، وليس السبب عدم إسناد القضاء المصري اتهامات حقيقية، باستثناء “شراء بيوت” في مكان ما على الحدود المصرية مع قطاع غزة، ولا هو بالطبع عدم التسرع في إطلاق المواقف قبل التأكد من حقيقة ما يجري، ولطالما تسابقت مواقف قوى ١٤ آذار عند كل “خبرية” تضر بسمعة الخصم، لتعلق عليها وتقرأ في أبعادها المرئية وغير المرئية، وان سياسيين ممن ينتمون إلى هذه القوى كانوا جاهزين دوماً للتحليل والاستنكار عبر شاشات التلفزة فور إعلان خبر ما، وشرح الضرر الذي يلحق بلبنان… ولعل مواطنون ممن يخاصمون الحزب انتظروا تعليقاً أو استنكاراً أو تساؤلاً ضد “حزب الله”، يُستعمل قبل الانتخابات النيابية، فلم يجدوا.
أما المتعاطف مع “حزب الله” فيستغرب هذا الموقف المصري المباغت، بموازاة المصالحات الجارية، أو الحوار بين دول غربية و الحزب المذكور.
ويتساءل مراقبون عما إذا كانت هذه المحطة رد اعتبار مصري للاتهامات التي صدرت بحق مصر إبان العدوان الإسرائيلي على غزة، أو تعبيراً مصرياً عن عدم السير بما تحقق في الدوحة والتي تعترض عليه القاهرة، أو تحذيراً استباقياً للداخل المصري المتعاطف مع حزب الله، وخصوصاً أن مصر ذكرت مسألة “التشيع” لتحاكي به -حسب المراقبين أنفسهم- الإسلاميين، لتحييدهم عن صراعها مع حزب الله”، ولتبرر لدول عربية أفعالها…
أيا يكن وبانتظار الآتي من الأيام فان الداخل اللبناني وعبر تساؤله أو تجاهله أو انتظاره، يوحي بأن تغييرات فعلية حدثت في لبنان، تُترجم عملياً من خلال المواقف السياسية، أو التجاهل لتلك المسائل، وكان اللافت حديث نُسب إلى قيادي في قوى ١٤ آذار متعاطف مع القضية الفلسطينية، وبقي الحديث ضمن الصالونات السياسية الضيقة -على ذمة الراوي- انه قال حين وردته الأخبار المصرية: شيء طبيعي لحزب مقاوم يعمل سراً وعلنية ضد إسرائيل أن يشتري بيوتاً ويجند شباباً ويراقب تحركات على الحدود مع غزة، وإلا كيف لم تهزم المقاومة في غزة؟ وكيف لم تهزم في لبنان؟ وهذا لا يعني تغييراً لنظام و تبديلاً لمذاهب و لا تحريضاً أو معركة… أضاف: ليفهم الجميع أصبحنا في مكان آخر.. خسر مشروع و ربح آخر، “بلا هالحرتقات”، القمة العربية واضحة بقراراتها، وبريطانيا وفرنسا وغيرهم فتحوا حواراً مع “حزب الله”.
ماذا يعني ذلك في لبنان؟ ولماذا تبقى التحالفات الانتخابية كما هي دون تغيير؟
كنا ذكرنا في مقالات سابقة أن المرحلة المقبلة مختلفة، وان المؤشرات توحي بفوز الجميع، و قد بدت الأمور من خلال الترشيحات والتنازلات الحاصلة بصورة مفاجئة لحساب الحلفاء، ويؤكد المراقبون بناء على ذلك احتمال ان تشهد البلاد حكومة تكنوقراط يرأسها الرئيس نجيب ميقاتي، إذا تعذر قيام حكومة الوحدة الوطنية بعد الانتخابات، وقد غابت فعلاً الشعارات “الطنانة” وغاب الحديث عن مصيرية الانتخابات، ولو كان البلد يستوعب تغييراً اكثر لانتقلت شخصيات من طرف إلى طرف، أو على الأقل إلى الوسط.
على كل حال ورغم تبيان صورة و خريطة التحالفات و الأسماء ، فان الأمور قابلة للتبدل في بعض التفاصيل ،وان التغيير الجذري قبل الانتخاب سيؤدي إلى كسر التوازن على جميع الجهات، وان مصلحة الجميع تقضي بأن يبقى كل شيء على حاله، تمهيداً لمرحلة بعد الانتخابات.. ولكن ماذا عن كسر التوازن في صيدا بترشيح الرئيس فؤاد السنيورة ؟
مراقبون يجزمون بأنه تموضع جديد يراد للسنيورة الغائب حتماً عن رئاسة حكومة مقبلة، وحتى لا يغيب كما غاب رؤساء حكومة عن السياسة سابقاً، وكسباً لمقعد نيابي شبه مضمون لتيار المستقبل.
Leave a Reply