بدا اعلان رئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون لائحته مكتملة في جزين مضراً للمعارضة على مساحة لبنان خصوصاً في الدوائر التي يتواجد فيها مناصرو العماد عون و رئيس مجلس النواب نبيه بري، مهما حاول الفريقان الحليفان اظهار حالة جزين بالخاصة و الاستثنائية، واصدار بيانات مشتركة في هذا الصدد. وان كان الجو العام في لبنان اوحى مسبقاً بعدم الاتفاق في جزين، لاسباب غير سياسية، وانما تتعلق بعوامل الحزبية والاحجام والمستقلين والعائلية…
العماد عون يستند الى واقع المقاعد الطائفي ، جميعهم للمسيحيين، و يعتبر النائب سمير عازار محسوب بالكامل على الرئيس بري، ولم يسلفه شيئاً.
والرئيس بري يرى في عازار نموذجاً للمنطقة يحتذى به ، وهو الموجود بين اهلها دائماً، وقد اثبت وجوده في كل المحطات الانتخابية، باعتباره رقماً صعباً.
و اذا قورب الموضوع طائفياً بالارقام فان اعداد الناخبين الشيعة في جزين يصل الى ثلث عدد الناخبين الموارنة، وجميعهم محسوبون على الرئيس بري، و الناخبون المسيحيون في المحطات السابقة اعطوا بأكثريتهم اصواتهم لعازار، غير ان للموضوع عند العماد عون ابعاده على مساحة الوطن، ونظرة الخصوم في الطائفة بالتعامل مع مقاعد الطائفة من جهة، وموضوع القاعدة العونية من جهة ثانية، وهو ما يدفع ثمنه العماد عون في اكثر من دائرة: في زغرتا لم يرشح احداً وسحب فايز كرم، وفي الكورة اضطر لترشيح جورج عطالله في اخر لحظة مسايرة للقاعدة الحزبية، رغم وجود اخرين يؤيدهم الحلفاء ويرون فيهم نجاحاً مؤكداً، الى كسروان وجبيل والمتن وكثرة الطامحين الحزبيين عند العماد عون، مقارنة مع عدد المقاعد النيابية…
للوهلة الاولى بعد اعلان لائحة جزين كانت ردة الفعل في المجتمع اللبناني متنوعة:
– انصار العماد عون شعبياً اكدوا قوته وعدم تنازله عن مقاعد، وهذا مدعاة فخر لهم في وجه الخصوم في ١٤ اذار لا سيما المسيحيين منهم.
– مرشحو العماد عون في المناطق التي يوجد فيها نفوذ للرئيس بري استشعروا الخطر الذي يمكن أن تتركه ردة الفعل الشعبية، المتعاطفة مع الرئيس بري، لتشطيبهم واستبدالهم بآخرين، وهذا يعززه وجود مرشحين مستقلين كحال دائرتي جبيل وعاليه، لكن الخطر يمتد الى مناطق اخرى وفي طريقة متبادلة كالبقاع الغربي.
– افرقاء المعارضة بشكل عام استاؤا من جو ”التنافس الحبي” بين افرقاء الحلف الواحد، ووجدوا فيه ثغرات هم بالغنى عنها.
– افرقاء ١٤ اذار قرأوا عدم انسجام في تحالف خصومهم، وركزوا في المقابل على وحدة لوائحهم.
– شخصيات معتدلة في ١٤ اذار رأت بداية التمايز ما يسمح لها بالتحالف مع الرئيس بري.
– شخصيات مستقلة ترى قوة لوضعيتها السياسية، وتكريسها حلاً في المرحلة المقبلة.
– الفريقان ازدادا قوة في مناطقهما المحسومة في الجنوب او جبل لبنان، طبقاً لامتداد شعبيتهما، ولكن اوجدا هوة جديدة بين جزين و عمقها الجنوبي الشيعي، علما ان قضاء جزين يضم قرى شيعية، والتنافس بين النائب سمير عازار ”الماروني الذي بقي مع الموارنة وحماهم من خلال علاقاته وساهم بتعزيز الروابط مع المحيط في اصعب الحالات”، كما يقول مناصروه، وبين تيار العماد عون صاحب الخطاب الوطني ذاته والتوجه نفسه، ولكن المسألة ترتبط بحزبية للتيار الوطني الحر ومستقلين.
وعليه كيف ستكون الصورة لبقاء المسألة ”حبية” فقط في جزين؟؟
بالطبع ان ردة الفعل الاولى تختلف عن الآتي من الايام تبعاً للتطورات المقبلة وحجم المعارك الانتخابية في اكثر من دائرة. ولكن سياسياً معارضاً يقرأ خطوات مطلوبة قالها في مجالس سياسية معارضة عدة، وسيقدمها كورقة عمل:
– ان المطلوب من المعارضة تأكيد استثنائية جزين ان تبعد الخطابات الانتخابية لجزين بالسر و العلن.
– ان تحيد اعلامها عن حالة جزين.
– ان يقوم انصار الرئيس بري والعماد عون بجهود عملية اضافية لتأكيد التوافق على مستوى لبنان، بلقاءات مشتركة، وزيارات متبادلة.
– ان تؤلف لجنة متابعة مشتركة من المعارضة للانتخابات النيابية.
– ان يقوم سياسيو التيار الوطني الحر وحركة امل بغزل سياسي واعلامي متبادل.
ان يحصل اكثر من لقاء قبل الانتخابات بين الرئيس بري و العماد عون.
ان يعلن العماد عون موقفاً واضحاً انه ملتزم بتحالفه مع الرئيس بري وبانتخابه رئيساً للمجلس النيابي، وان يعلن الرئيس بري في حلقة تلفزيونية ابعاد تحالفاته ووحدة المعارضة.
بالطبع المعارضة بأفرقائها جميعهم ليسوا بعيدين عن ابعاد أي خطوة، و يعلمون حجمها وتأثيرها، كما شدد قيادي في ”حزب الله”، الذي وعد بسعي حزبه لوحدة المعارضة، وهو قلل من شأن خطوة جزين، ليؤكد جازماً ان المعارضة ستثبت خلال الايام المقبلة ان تحالفها متين جداً.
Leave a Reply