ثلاثة أيام من الحوار فـي ندوات جمعت نشطاء عرباً أميركيين ومسؤولين فيدراليين
المؤتمر السنوي لـ ”أي دي سي” في واشنطن بحضور سياسيين وأكاديميين وحقوقيين.. وكلمة للرئيس الأسبق بيل كلينتون
واشنطن – خاص ”صدى الوطن”
عرب أميركيون بأعداد غفيرة تقاطروا الأسبوع الماضي إلى العاصمة الأميركية واشنطن من عموم الولايات لحضور المؤتمر السنوي للجنة العربية الأميركية لمكافحة التمييز (أي دي سي) والذي حضره صناع السياسة وأكاديميون ومفكرون ونشطاء، أداروا حوارات باسم العرب الأميركيين مع الحكومة الأميركية.
يشار الى أن ”أي دي سي” أسست عام ١٩٨٠ على يد سيناتور أميركي من أصل عربي هو جيمس أبو رزق بهدف حماية الحقوق المدنية للعرب الأميركيين، لتصبح هذه المنظمة بمثابة مظلة يتجمع تحتها العرب الأميركيون على مدى الـ ٢٩ سنة الماضية. وتميز مؤتمر الأسبوع الماضي بما وصله من سقف لناحية تأثيره السياسي، حيث كان المتحدث الرئيسي مساء يوم السبت هو الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون. وكان شارك في الحوارات والنقاشات على مدى ثلاثة أيام زهاء ألفي شخص، وشدد كلينتون في كلمته على أهمية معنى الهوية في ظل العولمة ومستقبل العلاقة بين الولايات المتحدة والعالم حيث قال ”نحن نعيش في عالم تعتمد دوله على بعضها البعض، فيه خيرون كثيراً وفيه سيئون كثيراً أيضاً، الناس باستطاعتهم أن يفخروا بأنفسهم لكن بدون احتقار الآخرين، علينا أن نحترم الفروق فيما بيننا، وإلا لن يكون هناك ثقة”.
وأشاد كلينتون بالسياسة التصالحية التي تعتمدها الإدارة الأميركية الجديدة تحت قيادة أوباما خاصة ما جاء في خطابه الأخير للعالم الإسلامي من القاهرة، مؤكداً على أهمية الزيارات المكوكية التي يقوم بها المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط جورج ميتشل إلى سوريا ولبنان. وأشاد كلينتون بنزاهة الانتخابات التي أجريت في لبنان، معتبراً إياها منطلقاً لحل الخلافات في هذه البلاد.
وتحدث كلينتون عن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وحث الحضور على لعب دور لإقامة سلام في الشرق الأوسط، مشيراً إلى الفرص الاستثمارية القائمة في الضفة الغربية، وقال ”أعتقد أنه من الضروري إعطاء الفلسطينيين أملاً في الغد” وقد منح كلينتون جائزة القيادة العالمية من ”أي دي سي”.
وكانت الأيام الثلاثة للمؤتمر افتتحت بحفل استقبال في السفارة البحرينية في واشنطن، أقامته للمؤتمرين سفيرة البحرين هدى نونو، وأعقب الحفل عرض فني لمجموعة من نجوم الفن العرب الأميركيين عبارة عن ”ليلة شبابية” شارك فيها العديد من المواهب الفنية بمصاحبة عازف الموسيقى من ديترويت ستيف سول، وعرض كوميدي منفرد لـ هاني المدهون وفقرات أخرى.
وتحدث في الأمسية د. بول مونتايرو مدير العلاقات في البيت البيض لشؤون المجتمع، مشيراً الى أهمية دور الشباب في تغيير العالم، وإلى لفتة من الرئيس أوباما بدعوته للمواطنين لزيارة البيت الأبيض لتحقيق مزيد من التفاعل مع الحكومة.
وكان من بين المتحدثين النائب الأميركي المسلم كيث أليسون، الذي زار غزة وشهد مدى تأثيرات الحرب عليها والحصار الاسرائيلي المفروض، كما تحدث الدكتور سعد الدين ابراهيم وهو ناشط مصري معروف في مجال الحقوق المدنية، وهو يقوم بإلقاء محاضرات في جامعة هارفارد كأستاذ زائر. وكان أليسون وابراهيم كلاهما تحدثا عن خطاب الرئيس أوباما في القاهرة،ودعا أليسون العرب الأميركيين إلى زيادة مشاركتهم في السياسة فيما تحدث ابراهيم عن الاصلاحات السياسية في العالم العربي، بمثل ما جاء في الخطاب.
وقد شهد المؤتمر أعمال ندوات عملية خصصت لتدريب الشباب العربي الأميركي على العمل الإعلامي ومنها ندوة حول ”الإعلام ودوره في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”.
وتحدث في الندوة باربرا وين من ”انترفيث بيلدرز” وهي منظمة حقوقية ترسل مندوبين للشرق الوسط.
كما عقدت ندوات حول التبرع الخيري تحدث فيها بات مانكينو نائب رئيس مجلس العلاقات الأميركية العربية، وهيثم خليل وهو مدير التطوير في ”أي دي سي” إضافة الى ندوة حول المسائل التنظيمية شارك فيها عبد أيوب وهو مستشار ”أي دي سي” القانوني، وجوزيف روبنز مدير الحملة الأميركية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ونورا عريقات البروفسور في جامعة جورج تاون. وكان هناك ندوة حول الحقوق المدنية تحدث فيها جون ميلر مساعد مدير الـ”أف بي آي”، ومايك جيرمان مستشار ”الاتحاد الأميركي للحريات المدنية”، وكان من بين الموضوعات المثارة نشر ”أف بي آي” لجواسيس في المساجد والمراكز الإسلامية في أميركا، إضافة إلى التوترات بين ”أف بي آي” والجالية العربية والتي نمت في الآونة الأخيرة، وأشار ميلر في هذا الصدد الى أن ”أف بي آي” ليس في سياساتها استهداف أقليات بعينها، مضيفاً أن ”اف بي آي” لا تقوم بتفتيش الأماكن والبنايات وإنما الأشخاص، وناقشت الندوة ما أعلنه وزير العدل الأميركي بخصوص إرشادات عامة تسمح لعناصر ”اف بي آي” بالتركيز على العوامل الإثنية والدينية حين يفتح التحقيق. وقال ميلر إنه من المستحيل عدم الأخذ بعين الاعتبار المسائل الاثنية والأصول في معظم التحقيقات لكن هذه العوامل ليست هي التي تقود ضابط ”أف بي آي” لفتح التحقيق. مؤكداً ”أن الإرهابيين يقومون بعملياتهم تحت مسمى الدين والعرق، لذا لا بد من أخذ هذه العوامل في الاعتبار، حين يتم التحقيق”. وأضاف ”رغم أنه ليس العامل الوحيد، ولكنه يظل عاملاً مؤثرا”. من ناحيته اعتبر جيرمان والذي أمضى ١٦ عاماً كضابط في ”أف بي آي” قبل انضمامه إلى ”الاتحاد الأميركي للحريات المدنية” قال إن التركيز على العرق والدين لا بد أن يقود إلى التصنيف النمطي وأشياء أخرى. ودعا جيرمان ”أف بي آي” إلى التركيز على سلوك الشخص وليس على معتقداته.
وبعد ظهر يوم السبت أقامت ”أي دي سي” حفل غداء حضره موظفون كبار من وزارة الأمن الداخلي تحدثت فيه نائبة وزير الأمن الداخلي جانيت لوت هول وتعلقت كلمتها باتجاهات السياسة الأميركية في عهد أوباما وكيف أنها ستؤثر إيجاباً على العرب الأميركيين، وقالت ”أعرف أن لديكم أسئلة وهواجس لكني أطلب منكم التعاون معنا لحل المشكلات التي تهمكم”. كما تحدثت هول عن المواضيع التي سيناقشها أوباما في الشهور القادمة ومنها الهجرة، ومكافحة الإرهاب وحماية الحدود ومسائل السفر وأشارت هول إلى ما لقيه العرب الأميركيون منذ أحداث ١١ سبتمبر. وأضافت ”نعرف أنكم مهتمون جداً بأن تعاملوا بعدالة مثلكم مثل بقية الأميركيين”.
وكانت جائزة ”بروبونو” لمحامي العام منحت لمؤسسة ”لاونستين” الحقوقية الإنسانية التابعة لجامعة ”يال”، عن دورها في التحقيق باستهداف ”اف بي آي” لمهاجرين مسلمين، وقد تسلم الجائزة نيابة عن المؤسسة البروفسور مايكل ويشني.
وقال ويشني في كلمة بالمناسبة ”أدعو الرئيس أوباما إلى تفنيد بعض السياسات التي اتبعها الرئيس بوش في هذا الصدد”.
ومنحت جائزة التميز في الدفاع عن حقوق الإنسان إلى سلام المرياتي وهو المدير التنفيذي لمجلس العلاقات العامة الإسلامي (أمباك)، نظراً لدفاعه عن المسلمين في أميركا.
وعقدت ندوة حول الأزمة المالية والاقتصادية التي تمر بها الولايات المتحدة والعالم.
وتم في الجلسة المسائية ليوم السبت تكريم عضو مجلس النواب الأميركي جون دينغل (ديمقراطي – ديربورن) حيث منح جائزة التميز الطويل في العمل التشريعي، في حين منحت جائزة للانسانية العالمية لمطران القدس المنفي هيلاريون كبوشي، عن دفاعه لعقود من السنين عن حقوق الفلسطينيين، ومنح مدير مكتب فلسطين في ميشيغن حسن نعواش وزوجته شيرين جائزة الناشط إليكس عودة، وهي جائزة سنوية تمنح لزوجين عن دورهما في دعم ”أي دي سي” والجالية العربية.
وقد منحت جائزة الصحافة لهلين توماس والتي تولت منصب كبيرة الصحفيين في البيت الأبيض لسنوات طويلة. ومنحت جائزة هالة مقصود للناشط مروان برقان.
وخصصت جلسة الأحد الصباحية للنظر في مؤلفات أدبية وعديد كتب لمؤلفين عرب أميركيين، تحدثت في مجملها عن أوضاع العرب الأميركيين والاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وما يلاقيه الناس هناك من ظلم وقهر واستبداد.
وألقى المطران كبوشي كلمة عاطفية مؤثرة في المؤتمرين قدمه للمنصة د. كلوفيس مقصود، تحدث عن أهمية الوحدة بين العرب وبين المسلمين والمسيحيين، وهو نفي من القدس قبل ٣٠ عاماً ولازال يناضل للعودة.
وتم توزيع جوائز من بينها جائزة ”أي دي سي” لممثلها في سان دييغو ابراهيم داية، في حين منحت جائزة ”روز نادر” لرندا وعمر سماحة، وأخيراً منحت جائزة ”راشيل كوري” إلى الناشطة اليهودية الأميركية آنا بلتزر، التي تحدثت عن الظلم الذي يعانيه الفلسطينيون، وطالبت الإسرائيليين بمكافحة التطرف داخل مجتمعهم.
Leave a Reply