طهران – رغم تأكيد مجلس صيانة الدستور الإيراني بعد عملية اعادة الفرز الجزئي لنتائج الانتخابات الرئاسية على تثبيت فوز الرئيس محمود احمدي نجاد بولاية ثانية، ندد القادة الإصلاحيون في الجمهورية الإسلامية المرشحان مير حسين موسوي ومهدي كروبي بنتائج الانتخابات الرئاسية التي أعلنت السلطات خسارتهما فيها، واعتبرا أن الحكومة التي سيكونها نجاد ”غير شرعية ”. الأمر الذي ينبئ بعدم استقرار الوضع في البلاد رغم خفوت حدة الاحتجاجات في الشارع.
وعبر المرشحان المذكوران عن هذا الموقف في بيانات نشرت في موقعيهما على الإنترنت، وقال بيان لموسوي ”إنها مسؤوليتنا التاريخية أن نواصل احتجاجاتنا وألا نتخلى عن جهودنا للمحافظة على حقوق الأمة ”، ودعا إلى الإفراج عن المعتقلين في أحداث العنف التي شهدتها الاحتجاجات على نتائج الانتخابات.
أما كروبي فقال في بيان له إن ”قوى مرئية وأخرى غير مرئية عرقلت أي تغيير في السلطة التنفيذية ”، وطالب بالإفراج عن ”آلاف ” المعتقلين.
وبدوره قال حزب جبهة المشاركة الإسلامية الإيرانية إن نتائج هذه الانتخابات ”غير مقبولة ”، واعتبر أنها كانت ”نتيجة انقلاب أعد له منذ عام أضر بشرعية المؤسسة داخل إيران وخارجها ”.
من جهته انتقد الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي في بيان شديد اللهجة نتائج الانتخابات الرئاسية، ودعا إلى الإفراج عن المعتقلين على خلفية الاحتجاجات التي استمرت نحو أسبوعين، والكف عن مواصلة حملة الاعتقالات والقمع، حسب تعبيره.
وحذر احد اعضاء مجلس صيانة الدستور ضمنياً موسوي بمنع المصادقة على ترشيحه اذا تقدم للانتخابات الرئاسية المقبلة في ٢٠١٣.
وفي سياق آخر أعلنت السلطات الايرانية إطلاق خمسة من تسعة موظفين ايرانيين يعملون في السفارة البريطانية ونفت خفض مستوى العلاقات الديبلوماسية مع بريطانيا او مع اي دولة غربية أخرى.
وأوردت وكالة ”فارس ” الايرانية شبه الرسمية للانباء ان اعادة الفرز الجزئية الاولى في مدن كاراج وباب السار في شمال البلاد وكرمان في الجنوب ونهباندان وساربيشه في الشرق، لم تظهر اي تغيير في الارقام الاصلية. وكان المرشحون الثلاثة الخاسرون، وهم الإصلاحيان مير حسين موسوي ومهدي كروبي والمحافظ محسن رضائي، قد رفضوا تعيين مندوبين عنهم في لجنة إعادة الفرز.
وجدد كروبي المطالبة بإلغاء الانتخابات في رسالة بعث بها الى مجلس صيانة الدستور، لأن ذلك هو ”السبيل الوحيد لاستعادة ثقة الشعب ”. وصرح الناطق باسم المجلس عباس علي كدخودائي بان المحادثات في شأن اقتراح موسوي ”أسلوباً معينا ” لإعادة فرز الأصوات وتأليف ”لجنة تحكيم وطنية ” لدراسة نتائج الانتخابات والاحتجاجات التي تلتها، لم تصل الى نتيجة ”مرضية ”. وأضاف ان ”اعادة الفرز تتم أمام كاميرات هيئة الاذاعة والتلفزيون الايرانية في عدد من الاقاليم والمدن، وسنعلن بعد ذلك النتيجة ليعلم بها الناس ”.
وفي وقت سابق، أوردت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء ”إرنا ” الإيرانية ان إعادة الفرز أدت في احدى مناطق طهران إلى حصول احمدي نجاد على عدد أكبر من الأصوات من تلك التي نالها في انتخابات ١٢ حزيران (يونيو)، وانه بصفة عامة ”كانت النتائج ايجابية، ولم تكن هناك مخالفات في النتائج التي اعلنت ”.
نجاد: المخططات ”الناعمة ”
للإطاحة بالنظام أخفقت
ووصف نجاد انتخابه لولاية رئاسية ثانية بأنه انتصار للشعب وهزيمة لأعداء الجمهورية. وقال في تصريحه الاول بعد تأكيد إعادة انتخابه ”هذه الانتخابات كانت استفتاء بالفعل.. مخططاتهم للإطاحة بالنظام بطريقة ناعمة قد أخفقت ولم تستطع ان تحقق اهدافها ”.
واضاف بعد زيارته مقر وزارة الاستخبارات ”انه يريد تحطيم هيمنة القوى الكبرى ”، وقال ”نحن نرغب في تفاعل مع باقي دول العالم مرتكز الى التغيير، وفي هذا السياق علينا ان نستخدم طاقاتنا كافة لتدمير هيمنة قوى الاستكبار العالمي.. ان احتكار القوى الكبرى في المجالات العلمية والعسكرية يجب ان يتوقف ايضا ”.
وبعد أكثر من أسبوع من وفاتها، أمر احمدي نجاد رئيس السلطة القضائية آية الله هاشمي شهرودي بالتحقيق في واقعة مقتل ندا آغا سلطان وتحديد المسؤولين عنه. ووصف وفاتها بأنها ”مثيرة للريبة ”، معتبراً ان المعارضة وأعداء ايران في الخارج أرادوا استغلالها لتحقيق ”اهدافهم السياسية الخاصة، وأيضا لتشويه الصورة النقية النظيفة للجمهورية الاسلامية في العالم ”. وتحدث عن ”وجود الكثير من الشواهد والدلائل على تدخل معارضي الشعب الايراني من اجل استغلال الاحداث سياسيا ”.
وكان التلفزيون الإيراني بث ان عشرة على الاقل قتلوا مع ندا في ٢٠ حزيران برصاص ”الارهابيين ” و ”المخربين ”، وان تصوير مشهد وفاتها ونقله سريعا على وسائل اعلام اجنبية يوحي بأنه حادث مدبر.
وفي موقف استرعى الانتباه، أعلنت قوى الأمن الإيرانية اعتقال ”مسلحين ارتدوا زي قوات التعبئة الشعبية الإيرانية (الميليشيات الإسلامية ”الباسيج ”) والشرطة خلال الاضطرابات الأخيرة ”. ونفى قائد ”الباسيج ” حجة الإسلام حسين طائب الاتهامات الموجهة إلى الميليشيات بقتل عدد من المتظاهرين، مشيراً إلى ان رجاله غير مخولين حمل السلاح. كما أكد قائد شرطة طهران عزيز الله رجب زاده مجدداً ان لا دور للشرطة في إطلاق النار خلال التظاهرات لأن رجالها ”غير مخولين فتح النار على الناس. لقد تدربوا لاستخدام وسائل منع الشغب للحفاظ على سلامة الناس ”.
الأزمة مع بريطانيا
وجدد وزير الاستخبارات الإيراني غلام حسين محسني اجائي اتهام ”الاميركيين والصهاينة ” بأنهم ”يريدون زعزعة استقرار ايران ”، ذلك انهم ”بدأوا قبل أشهر من الانتخابات الحديث عن امكان تزويرها واستمروا على هذا المسار بعد الانتخابات ”.
وأعلن التلفزيون الايراني الرسمي إطلاق خمسة من تسعة موظفين محليين يعملون في السفارة البريطانية، وتكليف فريق قانوني ”متابعة مصير الموقوفين ”. وصرح الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية حسن قشقوي بأن وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند ونظيره الإيراني منوشهر متكي تحادثا هاتفيا الاحد الماضي. وأوضح ان المسؤول البريطاني أكد ان لا نية لبلاده للتدخل في الشؤون الداخلية لايران. وعلق قشقوي على ذلك بأنه ”اذا اثبتوا ذلك حقا، فإن الأمر يمكن ان يعتبر خطوة ايجابية ”. وإذ شدد على ان ”خفض مستوى العلاقات الديبلوماسية ليس على جدول أعمالنا بالنسبة إلى أي دولة، بما في ذلك بريطانيا ”، أضاف: ”اعتقال موظفين محليين لا يعني خفض مستوى العلاقات ”، إذ ”لا نتصرف بانفعالية. اننا واقعيون جدا ونتحرك استنادا الى ادلة ”.
أما متكي، فصرح في وقت لاحق بأن طهران تعاملت مع قضية موظفي السفارة البريطانية ”على أساس القانون والعدالة ”، ذلك أن الذين يخرقون القانون يخضعون للمساءلة والتحقيق، داعيا بعض الدول الأوروبية الى عدم التستر وراء إسم الاتحاد الاوروبي والكف عن التدخل في شؤون بلاده، إذ كان ذلك ”خطأ بينا ”. وأضاف: ”قلنا مرارا لنظرائنا الأوروبيين خلال الازمات المختلفة التي مرّت بها المنطقة ألا يتخذوا مواقف غير عادلة، فعلى سبيل المثال عليهم الاعتراف بالمقاومة اللبنانية واحترام الشعب اللبناني ”.
Leave a Reply