المقولة ان الرئيس الاميركي باراك اوباما ”لديه الكثير في طبقه ”، هي الفكرة المعبّرة لهذا العام. فهو يملك قائمة طويلة بالأمور التي يجب عليه القيام بها، فيما تبرز كل يوم ازمة جديدة (مثل الانقلاب في هندوراس)، يجري إضافتها الى هذه القائمة؛ فهل نستطيع فعلاً ان نلومه، اذا دخن، خلسة، سيجارة من وقت الى آخر؟
ولكن قبل ان يتوجّه الى ”غابته ” الرئاسية، هناك إحدى المهمات التي لم تنجز بعد، وهي تحديث ومراجعة سياسة الولايات المتحدة لتصدير الاسلحة، اذ تعود آخر نسخة رسمية لهذه السياسة، الى عهد الرئيس الاسبق بيل كلينتون.
إضافة الى الخطاب الاعتيادي حول ترويج الاستقرار الإقليمي، وتأكيد التفوق العسكري الاميركي، وترويج ”الحل السلمي للنزاعات، والسيطرة على الاسلحة، وحقوق الإنسان، ونشر الديموقراطية ”، ادخل المرسوم الرئاسي الرقم ٣٤ الصادر في شباط العام ١٩٩٥ اعتبارا جديداً، هو ”تعزيز أسس القدرة الصناعية الدفاعية الاميركية، لملاقاة المتطلبات الدفاعية للدولة، وللحفاظ على تفوق عسكري طويل الأمد، بأقل كلفة ”. اي بعبارة اخرى، كل صفقة محتملة لبيع أسلحة، سيتم الحكم على جانب منها، بما اذا كانت جيدة بالنسبة لصانعي الاسلحة.
ولا تحتاج كل ادارة الى سياسة رسمية لتصدير الاسلحة. فتحت ستار ”الحرب العالمية على الارهاب ”، سرّع الرئيس السابق جورج بوش من وتيرة بيع الاسلحة، ورفع حظر الاسلحة عن بعض الدول، كما ضخّ المزيد من الاموال في المساعدات العسكرية الخارجية. وباختصار، فان سياسته كانت أساسا، البيع، ثم البيع، ثم البيع، وقد اتّبع هذه السياسة من دون إصدار اي بيان رسمي بها.
وباعت الولايات المتحدة العام الماضي، أسلحة وخدمات عسكرية لأكثر من مئة دولة. فهل بإمكان جميع هذه الدول ان تكون أهلا للاعتماد عليها كشريك امني؟ وإذا لم يكن الوضع كذلك، هل ستعمد ادارة اوباما الى تقصير هذه اللائحة الطويلة من الزبائن؟ وهل ستبحث عن طرق افضل لبناء العلاقات مع دول مثل باكستان، بدل ان ترسل لها مقاتلات ”أف-١٦ ” بقدرات نووية، والتي يرجح اكثر ان تستعمل ضد الهند، من ان تستعمل في محاربة تنظيم القاعدة او حركة طالبان؟.
وبغياب تغيير واضح في السياسات التي اتبعتها ادارة بوش، فان مبيعات الاسلحة الاميركية يرجح ان تظل تستخدم في تغذية النزاعات والمساهمة في انتهاكات حقوق الإنسان. وخلال ولايتي الرئيس بوش، ذهبت أكثرية الاسلحة الاميركية في العالم النامي، الى دول تصنفها وزارة الخارجية الاميركية على انها غير ديموقراطية و/او تنتهك بشكل كبير حقوق الإنسان. وأكثر من ثلثي النزاعات المسلحة الناشطة في العالم، تغذى بأسلحة زودتها الولايات المتحدة.
هناك إذا شيء واحد واضح، وهو انه في غياب سياسة حازمة، الكثير من الاسلحة سيتم تصديرها. وتجدر الإشارة انه في العام ٢٠٠٨، بلغ مجموع برنامج المبيعات العسكرية الخارجية، ٣٦ مليار دولار، بزيادة اكثر من ٥٠ بالمئة عن العام ٢٠٠٧. ومبيعات النصف الاول من العام ٢٠٠٩ بلغت ٢٧ مليار دولار، ويمكن ان تتخطى الأربعين مليارا في نهاية العام، وذلك بخلاف سنة ٢٠٠٠ وما يليها، حيث كان المعدل يتراوح بين ٨ و١٣ ملياراً في العام.
وتظهر مسألة ”أف-٢٢ رابتور ”، الطائرة المتطورة جداً، والتي بنيت أساسا لمواجهة طائرة سوفياتية لم يتم تصنيعها، التاثير الذي تؤديه جماعات السلاح في واشنطن. وقد تم حتى الآن إبعاد ملفها عن مكتب وزير الدفاع روبرت غيتس، بجهود حثيثة من المدراء التنفيذيين لشركة ”لوكهيد مارتن ”، وأعضاء نقابة الميكانيكيين، وأعضاء الكونغرس الذين يوجد في مقاطعاتهم معامل لها (وشيكات من الشركة في خزناتهم). وسبق وأفاد سلاح الجو، انه لا يحتاج الـ ”أف-٢٢ ”، وغيتس نفسه أشار الى انها لم تقم بأية مهمة، لا في العراق ولا في افغانستان.
ولكن عوضاً عن التخطيط لمواجهة إيقاف الانتاج المحتمل خلال سنة او سنتين لـ ”أف-٢٢ ”، تقوم ”لوكهيد مارتن ”، مع حلفائها، بمحاولة زيادة الـ١٢ ”أف-٢٢ ” في ميزانية الجيش لهذا العام. وإذا لم يكن هناك من مهرب من فشل هذه الجهود، فالمخرج: التصدير. وأبدت كل من اليابان واسرائيل واستراليا اهتماماً كبيراً بالطائرة المقاتلة، رغم ان القوانين الحالية تمنع بيع هذه الطائرة الى الخارج. غير ان ”لوكهيد ” وأصدقاءها في الكونغرس يدفعون لتغيير هذا الواقع. وأدت اليابان دورها في العزف على وتر المخاوف من المنافسة الخارجية، حين اعلنت انه في حال عدم توافر الـ ”أف-٢٢ ”، فانها ستشتري الـ ”تايفون ” الاوروبية الصنع… بدلاً عنها.
Leave a Reply