تساءل أستاذ العلوم السياسية في كلية بروكلين بجامعة “سيتي يونيفيرسيتي” في نيويورك إيمانويل نيس: هل الكساد الكبير في الاقتصاد من شأنه أن يؤدي إلى ثورة كبيرة؟ وقال في مقال له نشرته صحيفة “كريستيان ساينس مونيتور” إن نظرة إلى حقبة الـ٥٠٠ سنة الماضية تكشف عن دلائل مذهلة. وأضاف الكاتب أنه للمرة الأولى منذ أجيال بدأ الناس يناقشون مدى صلاحية نظام السوق الحر الذي يسيطر اليوم على العالم ويحدد مصير الأمم، وأوضح أن ذلك النظام الرأسمالي يزيد الغنى وليس له القدرة على التخفيف من حدة الفقر على سطح الكرة الأرضية، مما أدى إلى غياب العدالة وزيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
ومضى إلى أن العالم يعيش منعطفا تاريخيا هاما بحيث يمكن أن تنشأ بدائل للرأسمالية الراهنة. وأشار إلى وجود حركة عالمية جديدة مكرسة لتحقيق العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، تتمثل في زيادة تمرد العمال والفلاحين والسكان الأصليين والانتفاضات والاحتجاجات البيئية والحركات الديمقراطية. وقال الكاتب، الذي يعمل على تحرير موسوعة عالمية جديدة للثورات والاحتجاجات منذ عام ١٥٠٠ إلى الآن، إنه قام باستعراض الأحداث الثورية الهامة على مدار خمسة قرون ماضية، وإنه اكتشف أن المجتمعات طالما شهدت موجات احتجاجية ضد الظلم وضد عدم المساواة. وأضاف أن الحكام الذين لا يستجيبون لمطالب الشعوب في العدل والمساواة، يواجهون خطر فقدان شرعيتهم في الحكم، وأشار إلى أن ثورة المجتمع المدني تمكنت من وضع حد لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
ومضى إلى أن “فلاديمير لينين” كان قد ألقى محاضرة على الشباب الاشتراكي في زيوريخ قبل ثورة شباط عام ١٩١٧ بشهر واحد، قال فيها “إننا نحن الجيل الكبير ربما لا نعيش حتى نشهد المعارك الحاسمة لثورتنا القادمة”. وأوضح الكاتب أنه بعد مرور أقل من عام تسلم لينين والبلشفيين الآخرين السلطة بمساعدة من العمال والفلاحين وبمساندة معظم العسكريين في الجيش السوفياتي. وأضاف أن الأزمة المالية العالمية الراهنة تدفع بالناس إلى الفقر واليأس أكثر من أي وقت مضى منذ القرن العشرين، فكيف يتصرفون إذا عرفوا أن ليس لديهم ما يخسرونه؟ وفق تعبير الكاتب.
واختتم بالقول إن الفلاحين والعمال والطلاب والسكان الأصليين في جميع أنحاء العالم بدؤوا ينظمون أنفسهم في حركات من شأنها أن تتحدى سلطات الدول، خاصة أن تلك الحركات تحظى بالتأييد والمساندة على المستوى العالمي. ومضى إلى أن الفلاحين في أميركا اللاتينية والهند ربما يناضلون من أجل الإصلاح الزراعي، وأن العمال والطلاب في جميع أنحاء العالم ما انفكوا ينفذون إضرابات واعتصامات، ويخرجون إلى الشوارع دون تصريح لدعم مبادئ المساواة والديمقراطية.
Leave a Reply