ديتروت – نشرت صحيفة “ديترويت نيوز” تقريرا الأسبوع الماضي أعده المراسلان مايك ويلكنسون ورون فرانش عن تفاقم موجة افتعال الحرائق في مناطق مختلفة من ميشيغن على ضوء الوضع الاقتصادي المتردي الذي يسيطر على الولاية والبلاد عموما.
واستهل الكاتبان التقرير بالقول: إن رجال الإطفاء في ديترويت لديهم تسميتهم الخاصة للمنازل التي تعرضت للحبس العقاري (فوركلوجرز) هو: الوقود!
وأبلغ نائب رئيس مفوضية إطفاء ديترويت سيث دويل الصحفية قوله: “إذا كان هنالك مفتعلو حرائق يبحثون عن إحراق ممتلكات لأجل التزوير أو الثأر، فيوجد فرص إضافية لهم: البيوت المحبوسة عقاريا تقدم كما كبيرا من الوقود”.
أضاف التقرير إن الحرائق المشبوهة تتزايد في جميع أنحاء الولاية، وحيث يقول مسؤولو الاطفاء أن بعض أصحاب المنازل يخاطرون بالتعرض إلى السجن للتخلص من الديون. والمنازل الفارغة، والمحبوسة عقاريا يجري اشعال النيران فيها على أيدي تجار المخدرات والمراهقين الشاعرين بالملل.
يقول المحقق مايك كون من دائرة شرطة مقاطعة كلير وهي مقاطعة ريفية لا يزيد عدد سكانها عن 30 ألف نسمة “ما حصل هو أن الناس وصلوا إلى درجة عالية من اليأس، بحيث لا يعرفون إلى أين يلجأون”.
وتؤدي هذه الحرائق إلى تعريض الناس والممتلكات للخطر ومن شأنها أن تؤدي إلى حصول ارتفاع معدلات أسعار التأمين، فيما المحققون يكافحون لمواكبة هذه الظاهرة الإجرامية وكشف جوانبها.
وقد ارتفع عدد الحرائق المشبوهة التي طالت الممتلكات بما فيها المنازل والمصالح التجارية والمراكب بما يقرب من 50 بالمئة بين عامي 2006 و2008، ليصل إلى 4895 حريقا. وهذا الرقم (معدل 13 حريقا مشبوها في اليوم الواحد) لا يشمل مدينة ديترويت، حيث يقع حوالي ربع عدد الحرائق في ميشيغن كلها.
ولم يجرِ شمول مدينة ديترويت في إحصاء الممتلكات التي طالتها حرائق مشبوهة، لأن سلطات المدينة لم تقدم بعد بيانها السنوي عن الحرائق للعام 2008 إلى مكتب جرائم الحرائق في الولاية.
وتنهي هذه الظاهرة عقدا كاملا من الانخفاض في حوادث الحرائق المفتعلة في الولاية وتشمل جميع المناطق تقريبا، من داخل مدينة ديترويت امتدادا إلى مدينة سانت كلير شورز المجاورة، وصولا إلى مقاطعة آيرون الريفية في منطقة شبه الجزيرة الأعلى. ومن بين مقاطعات الولاية الـ83، شهدت 70 مقاطعة ارتفاعا في عدد الحرائق المفتعلة، حسب بيانات مكتب جرائم الحرائق في الولاية.
وقال كون إن هذه الحرائق يجري افتعالها اساسا بدافع مالي. أضاف إن نسبة الحرائق المصنفة في خانة الافتعال في مقاطعة كلير ارتفعت من 15 بالمئة عام 2006 إلى 45 بالمئة عام 2008.
وتتمتع ولاية ميشيغن بأعلى معدل بطالة على الصعيد الوطني بنسبة تبلغ 15 بالمئة، وبأعلى معدل للأملاك المحبوسة عقاريا وللنزوح السكاني مما يسهم في جعلها خليطا من عناصر “المولوتوف” يحير المحققين.
أرقام مقلقة
في العام 2008 سجلت مدينة ديترويت 6486 حريقا مفتعلا ويقول غاري فيكتور مسؤول قسم التحقيق في الحرائق في دائرة الاطفاء في ديترويت “إنه من المستحيل ماديا التحري عن كل هذه الحرائق” ويضيف: “إذا لم تكن لدينا القدرة على إكمال التحقيق وتقديم شهادة أمام المحكمة فليس بإمكاننا إثبات جريمة الافتعال”. وتفيد أجواء التحقيق في هذه الحرائق أن هنالك مشكلة مع عدد الأملاك الفارغة التي لا يمكن بيعها أو تأجيرها في أوضاع السوق العقارية الراهنة، والتي لاتزال مرهونة عقاريا وعلى أصحابها متوجبات ضريبية وفواتير خدمة منزلية متراكمة ومستحقة.
وتعمل دائرة الإطفاء على وضع أولويات في التحقيقات في الحرائق تبدأ من الحوادث التي تنجم عنها ضحايا، ثم حرائق المدارس، والمجمعات السكنية وصولا إلى المنازل.
وتتركز معظم الحرائق في المنازل الفارغة غالباً، والتي تكثر أعدادها في مدينة ديترويت. ففي العام 2007 جرى إحصاء أكثر من 90 ألف وحدة سكنية فارغة في المدينة وهو ما يوازي ضعفي العدد للعام 2000، وفق معلومات مكتب الاحصاء الأميركي.
ولا تبقى المنازل خالية لمدة طويلة في داخل المدن مثل ديترويت وفلانت وبونياك. فغالباً ما ينتقل إليها المشردون وتجار المخدرات وأفراد عصابات الشوارع. وبعض المنازل المحبوسة عقاريا تنتهي رمادا على أيدي عصابات متناحرة وتجار مخدرات.
جرائم عديدة تنجو من العقاب
وارتفعت نسبة فقدان الأملاك بسبب الحرائق المفتعلة بنسبة 30 بالمئة على نطاق الولاية بين عامي 2006 و2008، لتصل الخسائر إلى ما يقرب من 120 مليون دولار. وطالما أن العديد من مفتعلي هذه الحرائق ينجون من العقاب، فإن ارتفاعاً في هذه الجرائم يمكن ان يؤدي الى ارتفاع في أعداد طلبات تعويضات التأمين وبالتالي اسعار التأمين.
وتصرف شركات التأمين أوقاتاً وجهوداً إضافية في التحقيقات مما يؤدي الى زيادة في أسعار التأمين تطال جميع الناس.
وفي العام الماضي وضع فريق مكافحة افتعال الحرائق في ديترويت أيديه على اثنين من مفتعلي الحرائق، ونجح في بداية هذا العام في تفكيك شبكة يمتهن أفرادها افتعال الحرائق مقابل المال. ويمتلك الفريق حالياً كلاب مدربة على اكتشاف الحرائق المفتعلة ويأمل بالحصول على منحة مالية لتمويل جهوده لتخفيض هذا النوع من الجرائم بالطريقة نفسها التي اتبعت منذ نحو عشر سنوات لمكافحة حرائق السيارات والتي نجحت في تخفيض نسبتها بحوالي ٢٥ بالمئة.
Leave a Reply