بغداد – توفي الزعيم الشيعي البارز عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الاسلامي العراقي الاربعاء الماضي عن ٥٩ عاما في احد مستشفيات ايران بعد اصابته بالسرطان، تاركا خلفه تحالفا ممزقا، وآخر قيد التشكيل.
وقال عباس العامري مدير مكتب النائب همام حمودي العضو البارز في المجلس الاعلى ان “السيد الحكيم توفي”.
واضاف ان “الوفاة حدثت في احد المستشفيات الخاصة في طهران”. وكان نجلا الحكيم عمار ومحسن برفقة والدهما في المستشفى عند وفاته.
واضاف العامري ان “جثمان الحكيم سينقل الى بغداد بعد مروره بمدينة البصرة (جنوب)، ثم الى مدينة النجف حيث مثواه الاخير”.
وانتقل الحكيم الى ايران منذ اشهر بعد اكتشاف اصابته بسرطان في الرئة ونقل بشكل طارئ الاسبوع قبل الماضي الى احد مستشفيات طهران اثر تدهور حاد في صحته.
ويشكل غياب الحكيم خسارة جسيمة للتحالف الطائفي الذي يقود السلطة في بغداد، إذ كان يشكل عنصرا هاما في تماسك المشروع الطائفي الذي سمح بتحويل العراق من الناحية الواقعية الى أقاليم متنازعة وحصص وامتيازات تم تقاسمها بين أطراف التحالفات التي شكلت ما يسمى بـ”العراق الجديد”.
ويقود “الإئتلاف العراقي الموحد” السلطة منذ العام 2005. ويضم هذا التحالف عدة مجموعات شيعية متناحرة، إلا انها شكلت قوة كافية لادارة السلطة بالتحالف مع الحزبين الكرديين الرئيسيين.
وانهار هذا التحالف بسبب نزاعات على النفوذ وذلك بعد اتهام حراسة نائب رئيس الجمهورية عادل عبدالمهدي، احد ابرز قياديين المجلس الإسلامي الأعلى، بسرقة بنك في بغداد وقتل ثمانية من حراسه.
وقرر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي زعيم حزب الدعوة الانفصال عن التحالف وبدء السعي لإنشاء تحالف “وطني” بديل لتحالفه “الطائفي” الراهن.
ودافع الحكيم عن مشروع الفيدرالية أملا بانشاء كيانات شبه مستقلة عن بعضها البعض في الشمال والجنوب والوسط. وكان الدافع الرئيسي لهذا المسعى هو السيطرة على عائدات النفط الضخمة، في الجنوب. إلا أن الهزيمة الانتخابية التي مني بها المجلس الإسلامي الأعلى في انتخابات مجالس المحافظات التي جرت مطلع العام الجاري دفنت المشروع مؤقتا.
والحكيم معروف بعلاقاته الوثيقة مع ايران وظل يلعب دورا قياديا في المجلس الإسلامي الأعلى في العراق منذ تأسيسه في 1982 في ايران كحركة موالية للولي الفقيه في إيران.
ويقول خصوم المجلس الإسلامي الأعلى انه ذراع إيران الطويلة في العراق.
ويمتلك المجلس مليشيا تحولت الى جيش شبه مستقل هي “فيلق بدر” الذي شارك عناصره في الحرب ضد العراق الى جانب القوات الإيرانية. ودخل هذا “الفيلق” بأسلحة ودبابات إيرانية برفقة الدبابات الأميركية التي غزت العراق عام 2003.
وتنسب الكثير من اعمال القتل الطائفي التي جرت في العراق الى المليشيات الشيعية التي يشكل “فيلق بدر” احد أبرز أركانها.
نبذة
ولد في النجف عام 1950 ومنذ نعومة اظفاره توجه نحو الدراسة في الحوزة العلمية في النجف، وتتلمذ على يد المرجع الراحل محمد باقر الصدر مؤسس حزب “الدعوة” كما حضر قليلا لدى المرجع الكبير الإمام الخوئي.
وشارك في العمل السياسي والتصدي لنظام صدام حسين، فكان من المؤسسين لحركة جماعة العلماء المجاهدين في العراق، وعضوا في الهيئة الرئاسية للمجلس الأعلى في اول دورة له ثم مسؤولا للمكتب التنفيذي للمجلس الأعلى في دورته الثالثة. ثم أصبح عضوا في الشورى المركزية للمجلس الأعلى منذ العام 1986.
وتم انتخابه في ايلول (سبتمبر) 2003 رئيسا للمجلس الأعلى بعد مقتل شقيقه محمد باقر الحكيم بتفجير قرب ضريح الإمام علي في النجف.
وتعرضت عائلة الحكيم الى مضايقات وإعدامات في زمن صدام حسين، حيث تؤكد الوثائق التي تقدمها العائلة بإعدام نحو مئة من أفراد عائلة الحكيم التي تقطن في النجف بينهم سبعة من اشقاء عبد العزيز الحكيم.
وكان من اكثر المقربين لشقيقه الاكبر وكان يثق برأيه واستشارته في الأمور السياسية والجهادية والاجتماعية.
وكلفه شقيقه الاكبر بمسؤولية ادارة الملف السياسي لحركة المجلس الاعلى فترأس وفد المجلس الاعلى الى واشنطن، وادارة العملية السياسية للمجلس الاعلى في اللجنة التحضيرية لمؤتمر لندن 2002 ثم مؤتمر صلاح الدين، ثم في العملية السياسية بعد سقوط نظام صدام.
واصبح بعد سقوط النظام السابق عضوا في مجلس الحكم، ثم عضوا في الهيئة القيادية لمجلس الحكم العراقي وترأس المجلس في دورته لشهر كانون الاول (ديسمبر) عام 2003 وانتخب بالاجماع من قبل اعضاء الشورى المركزية للمجلس الاعلى الاسلامي العراقي.
واقام الحكيم الذي يضع عمامة سوداء ترمز الى سلالة الرسول، بعد عودته من المنفى في بغداد حيث يسكن المنزل السابق لطارق عزيز نائب رئيس الوزراء في عهد صدام حسين.
وعبد العزيز الحكيم هو الابن الأصغر والأخير لآية الله محسن الحكيم من اصل عشرة ابناء، اعدم نظام صدام حسين ثمانية منهم.
تحالف جديد
بالعودة الى السياق السياسي في العراق، فقد فتح إعلان حلفاء رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الأسبوع الماضي تشكيل تحالف جديد لخوض الانتخابات في كانون الثاني (يناير) المقبل، من دون إشراكه، الباب على اسئلة مختلفة حول مستقبل العراق ومصير قواه السياسية، بعد انقسام الأحزاب الشيعية لا سيما في ظل تصاعد اعمال العنف.
وأطلق على الائتلاف، الذي أعلن عنه في بغداد، اسم “الائتلاف الوطني العراقي”، كبديل لـ”الائتلاف العراقي الموحد” الذي شكل في العام 2005 من أحزاب شيعية بحتة، وهيمن على الحياة السياسية والبرلمان، حيث حصل على 128 مقعدا من أصل 275.
وتشكيل “الائتلاف”، من دون حزب “الدعوة الإسلامية”، بزعامة المالكي، إعلان نادر للانقسام بين الساسة الشيعة. وربما تؤدي الانقسامات داخل التكتل الشيعي، الذي كان متناغما، لمزيد من العنف، لكنها ربما تمثل أيضا بداية لتحالفات اقل طائفية، نظرا لأن التكتلات تبحث جاهدة عن شركاء بين الأكراد والسنة، مع استعداد قوات الاحتلال الأميركي لمغادرة العراق نهاية العام 2011.
وسيفرض هذا الأمر ضغوطا على المالكي إذا أراد الاحتفاظ بمنصب رئيس الحكومة المقبل. وكان “ائتلاف دولة القانون”، الذي دعمه المالكي، حقق فوزا كبيرا في انتخابات مجالس المحافظات مطلع العام الحالي.
ومن ابرز القوى التي انضوت في “الائتلاف الوطني العراقي” الجديد “المجلس الإسلامي الأعلى العراقي”، و”منظمة بدر”، و”التيار الصدري” بزعامة السيد مقتدى الصدر، و”حزب الفضيلة الإسلامي”، و”تيار الإصلاح الوطني الحر” بزعامة رئيس الحكومة السابق إبراهيم الجعفري، و”المؤتمر الوطني” بزعامة أحمد الجلبي، بالإضافة إلى قوى سنية، أبرزها “مجلس إنقاذ الأنبار” بزعامة حميد الهايس، و”جماعة علماء ومثقفي العراق – فرع الجنوب” وشخصيات ليبرالية وعلمانية ومستقلة.
وظهر عدد محدود من ممثلي السنة أو الأكراد البارزين خلال مؤتمر صحافي لإعلان الائتلاف الجديد. وركز المتحدثون في المؤتمر الصحافي لإعلان التحالف الجديد على الوحدة الوطنية والقومية ودحض مبدأ الطائفية.
وعبر الجعفري، خلال الإعلان عن “الائتلاف” الجديد، عن أمله في أن ينضم المالكي إليهم على الرغم من الاختلافات. وقال “باسم الائتلاف، الباب مفتوح دائما أمام الأخوة الذين تأخروا عن الانضمام إلى اللائحة لأي سبب من الأسباب”. وأكد أن “الائتلاف الحالي لن يكون بمعزل عن الائتلاف السابق نحو صناعة مستقبل واعد، كما يضع نصب عينيه السيادة الوطنية ومحاربة الإرهاب وتداول السلطة وتحريك ملف المعتقلين، وغيرها من الأهداف التي تتطلب حشد الطاقات نحو البناء وجعل القوى السياسية الوطنية أمام حالة من التنافس البناء وتحمل المسؤولية”.
Leave a Reply