سيستعجل رئيس الجمهورية ميشال سليمان إجراء الاستشارات النيابية الملزمة من مقره الصيفي في قصر بيت الدين، التي ستسفر عن إعادة تكليف “دولة الرئيس المكلف السابق” لتشكيل الحكومةالعتيدة. وسيبدأ فورا منعا لهدر الوقت، الرئيس السابق – الحالي بجولته البروتوكولية على رؤوساء الحكومات السابقين من أجل الوقوف على خاطرهم وأخذ النصيحة من أصحاب التجارب، ثم بعدها يقوم “دولة النائب” بالاجتماع بالكتل النيابية للوقوف على رأيها وأخذ العلم بمطالبها. وطبعا يتخلل ذلك إجازة ترفيه عن النفس من تعب السياسة ومطالب الأفرقاء المملة، فهل يأتي العيد ولا نزور الأهل والأقارب في السعودية؟!
سيرجع العنوان العريض إلى تصدر واجهة التأليف: حكومة وفاقية وحكومة وحدة وطنية إلى آخره.. ثم سيصطدم الأفرقاء بأول نقطة خلاف، من أين نبدأ؟ من الصفر أم من تشكيلة 15-10-5 الحتمية. وهي التشكيلة التي لن يستطيع الحريري القفز فوقها أو تجاوزها لأنها أولى ثمار التوافق السعودي-السوري، ولو أن هذا التوافق بات مجمدا إلا أن هناك رغبة لدى الطرفين بعدم العودة إلى زمن التوتر. وإذا كان الحريري يعلم بأن إعادة تسميته لتشكيل الحكومة حتمية وإذا كان يعلم بأن صيغة 15-10-5 هي حتمية أيضا، فما معنى تقديم اعتذاره عن عدم تأليف الحكومة سوى محاولة توجيه رسائل سياسية فارغة المضمون يمكن اختصارها بالتالي:
– استطاعته قلب الطاولة ونسف كل ما تم التوصل إليه على مستوى التأليف وهو في نفس الوقت لا يستطيع السير بخطوته إلى النهاية ورفض التكليف الجديد.
– التذكير بأنه لا يزال أكثرية، والدليل الحسي بأن النائب وليد جنبلاط قد أعاد تسميته في الاستشارات النيابية ولا يمكن للمعارضة أن تشكل حكومة بدونه.
– شد العصب في تيار المستقبل كي يقول بأننا لا زلنا نمسك بزمام المبادرة وأن كل ما نقدمه هو منّة منا وليس مفروضا علينا.
والواقع أن خطوة الحريري اللاتكتيكية واللااستراتيجية هذه تعبر عن عمق المأزق الذي يعيشه الرجل، ففي الوقت الذي يجهد نفسه لاقناعها بأنه لا يزال أكثرية وبأن صديقه جنبلاط لم يغادره وهو معه في السراء والضراء، يجد يديه مغلولتين في مسالة التشكيل، حتى أن جنبلاط بات يفسد عليه بعض خطواته عندما طرح مبادلة الاتصالات بوزارة الأشغال مع التيار الوطني الحر. إضافة إلى أن “وليد بيك” يعيد تسميته كما الرئيس بري من أجل حكومة وفاقية وفقا لتشكيلة 15-10-5، لأن كل الخيارات الأخرى تبقى مستبعدة في ظل الظروف السياسية التي تعيشها البلاد. فحكومة تكنوقراط لا تلغي الخلاف السياسي بل تخرجه من داخل مجلس الوزراء إلى الأقطاب والزعماء السياسيين الذين بدورهم إذا لم يتفقوا فإلى الشارع در.
وحكومة أقطاب غير ممكنة لأنها ستخضع لنفس المعايير المختلف عليها في تشكيل الحكومة الحالية، من كم هو عدد الأقطاب، الى كم قطب يحق لكل طائفة، وكم قطب يحق لكل فريق.
وحكومة يرأسها الرئيس السابق نجيب ميقاتي أو النائب محمد الصفدي تبقى مستبعدة من حسابات الحريري والسعودية، لأن من لم يتنازل عن الجزء فهو لن يتنازل عن الكل، ولن تعطى الفرصة مرة أخرى لأحد من خارج “الملاك” تمكنه من أن يقوي حيثيته الشعبية على حساب الحريرية.
بالمحصلة، فإن كل الخيارات تبقى مستبعدة وإذا اعتمد أحدها كبديل عن تسمية الحريري فلتقطيع الوقت ليس إلا، كذلك الأمر فإن كل الخيارات والاحتمالات فيما خص تقسيم الحكومة تبقى مستبعدة، وإذا اعتمد احدها كبديل عن صيغة 15-10-5 فلتقطيع الوقت، ليس إلا..
Leave a Reply