غزة – اتهمت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب خلال الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في الفترة بين 27 كانون الأول (ديسمبر) و18 كانون الثاني (يناير) الماضي. إلا أن التقرير ندد بشكل خاص بالاستخدام المفرط وغير المتكافئ للقوة من جانب إسرائيل.
وأوصت اللجنة مجلس حقوق الإنسان بالطلب من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بعرض التقرير على مجلس الأمن الدولي، ولمح رئيس اللجنة المحقق الدولي ريتشارد غولدستون إلى إمكانية إحالة هذه الاتهامات إلى المحكمة الجنائية الدولية. كما قالت إن على مجلس الأمن الطلب من إسرائيل إجراء تحقيق مستقل في هذه الاتهامات خلال ثلاثة شهور. واعتبرت اللجنة أن اسرائيل استخدمت القوة بشكل غير متكافىء اثناء هجومها على قطاع غزة، ولم تتخذ أي تدابير احتياطية ضرورية للحد من الضحايا المدنيين، وتعمدت مهاجمة المدنيين في بعض الحالات، كما أشار التقرير إلى أن إطلاق صواريخ فلسطينية على البلدات الإسرائيلية هو بمثابة جريمة حرب.
جدير بالذكر أن ملخص التقرير المكون من سبع صفحات لم يخصص سوى 4 فقرات لبحث الانتهاكات الفلسطينية، في حين انصب التركيز في بقية الملخص على الانتهاكات الإسرائيلية. كما كان غولدستون الذي عين في نيسان (أبريل) الماضي حادا جدا في انتقاداته لإسرائيل.
وقال غولدستون للصحفيين إن »اللجنة توصلت إلى أن القوات الإسرائيلية ارتكبت ممارسات هي بمثابة جرائم حرب، ويمكن اعتبارها جرائم ضد الإنسانية«. وقال غولدستون »لقد توصلنا إلى استنتاج بناء على الحقائق التي اكتشفناها بأن هناك دليلا قويا على حدوث انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان ارتكبتها إسرائيل خلال عملياتها العسكرية في غزة«.
»عقاب جماعي«
وقال التقرير إن استخدام قذائف الفوسفور الأبيض وقذائف المدفعية شديدة الانفجار فيه خرق للقوانين الإنسانية. وأضاف أنه كانت هناك »حوادث عديدة من الهجوم المتعمد على مدنيين أو أهداف مدنية، في انتهاك لأبسط مبادئ القوانين الإنسانية الدولية من ضرورة التمييز بين المدني والعسكري مما أسفر عن حالات قتل وإصابات خطيرة«. واتهم التقرير إسرائيل بفرض عقوبات جماعية على سكان قطاع غزة، واستنتج أن العملية العسكرية كانت موجهة ضد سكان القطاع بشكل جماعي. وقال »إن العمليات الإسرائيلية قد خطط لها بعناية في جميع مراحلها كي تكون غير متكافئة بهدف عقاب وإهانة وإرهاب السكان المدنيين«.
وأضاف أن »إسرائيل قد فشلت في التحقيق أو محاكمة المتهمين بانتهاك القوانين الإنسانية الدولية وقوانين حقوق الإنسان«. كذلك قال التقرير إن إطلاق الجماعات الفلسطينية المسلحة صواريخ على بلدات إسرائيلية »هو جريمة حرب وقد يكون جريمة ضد الإنسانية«. إلا أنه أشار إلى أنه لم يجد أي دليل يدعم الاتهامات الإسرائيلية بأن الجماعات الفلسطينية المسلحة في غزة »إما دفعت بالمدنيين إلى مناطق تشن منها الهجمات أو أجبرت المدنيين على البقاء في محيط الهجمات«.
اذا كان لهذا التقرير أهمية فمرجع ذلك لعدة عوامل: طوله، حيث امتد على مدى 575 صفحة، ومؤلفه، ريتشارد غولدستون، وهو قاض ومحقق قضائي ذو سجل حافل. أما الهيئة التي كلفت غولدستون بكتابة التقرير، مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فليست جهة تستطيع إسرائيل اتهامها بالتحيز بسهولة، وقد حصلت أميركا على تمثيل فيها مؤخرا.
وطالب التقرير إسرائيل والسلطات في غزة بتقديم تقرير خلال ستة شهور حول نتائج تحقيقاتهما فيما توصل اليه التقرير، وإلا فسيتطلب الأمر تدخل المحكمة الجنائية الدولية. وأوصى التقرير أن يطلب من السلطات في إسرائيل وغزة التحقيق في ما تضمنه والرجوع إلى مجلس الأمن الدولي خلال ستة شهور.
رفض إسرائيلي
وقد رفضت إسرائيل تقرير الأمم المتحدة فور صدوره وقالت إن التفويض الذي أسست لجنة تقصي الحقائق استنادا إليه كان »أحادي النظرة«.
إلا أن وزارة الخارجية الإسرائيلية أضافت أنه »رغم تحفظات إسرائيل على التقرير إلا أنها ستقرأه »بعناية«، وتؤكد على التزامها بالقانون الدولي والتحقيق في أي اتهامات بارتكاب أخطاء من جانب قواتها«. وكانت اسرائيل قد رفضت التعاون مع بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق ورفضت السماح لمندوبيها بدخول أراضيها قائلة ان »مهمة البعثة فيها انحياز«.
رد فعل »حماس«
من جهته رحب رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية بتقرير لجنة تقصي الحقائق بشأن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة قبل ثمانية شهور، معتبراً أنه قدم إدانة واضحة بارتكاب إسرائيل جرائم حرب.
وقال هنية في تصريحات للصحفيين خلال اجتماع حكومته الأسبوعي في غزة إن إسرائيل استخدمت نصف سلاحها الجوي وألوية متعددة براً وبحراً وقتلت بالجملة على مدار 22 يوماً في قطاع غزة. وأضاف »أن الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية في موقع الدفاع عن النفس وليس في موقع الهجوم، ولا يمكن على الإطلاق المقارنة بين الإمكانيات البسيطة التي تمتلكها المقاومة في غزة وبين القوة الكبيرة التي يمتلكها الاحتلال«.
وأكد هنية أن حكومته »سهلت عمل هذه اللجنة ووفرت لها المناخ اللازم من أجل أن تصل إلى الحقيقة الكاملة جراء الحرب الأخيرة التي تعرض لها القطاع«. وقال إن مسؤولية قطاع غزة والضفة الغربية »تقع على عاتق الأمم المتحدة ويجب عليها متابعة جرائم الاحتلال التي ارتكبت«.
وقد حثت دوناتيلا روفيرا التي ترأست التحقيق الذي أجرته منظمة العفو الدولية في النزاع مجلس الأمن على »إحالة تقرير غولدستون إلى المحكمة الجنائية الدولية إذا لم تجر إسرائيل و»حماس« تحقيقات ذات مصداقية خلال فترة زمنية محددة«.
يذكر أن حوالي 1400 فلسطينيا و13 إسرائيليا قتلوا أثناء الحرب كما جرح 5500 شخص الغالبية العظمى منهم من الفلسطينيين.
Leave a Reply