محمود هزيمة: أتفهم شعور الأهالي وخسارتي للمدرسة كخسارتي لأحد أبنائي
ديربورن – خاص “صدى الوطن”
التقت “صدى الوطن” يوم الخميس الماضي المدير المسؤول عن الأكاديمية الأميركية الإسلامية الحاج محمود هزيمة للوقوف على حقيقة ما جرى معه في الأكاديمية ولمعرفة الأسباب الكامنة وراء الإقفال المفاجئ لها في 24 أيلول (سبتمبر) الماضي بعد أسبوعين على افتتاح العام الدراسي الجديد. ولأن “صدى الوطن” تحرص دائما على عرض جميع وجهات النظر وتسعى الى معرفة الحقيقة ونقلها الى القراء، فقد أصرت “إدارة التحرير” في “صدى الوطن” على التحدث إلى الحاج هزيمة بالرغم من فشل المحاولات المتكررة للاتصال به والتحدث معه قبل ذلك، ما أدى إلى صدور التقرير الأول الذي نشرته “صدى الوطن” خاليا من “رواية هزيمة” ووجهة نظره عن ما حصل في الأكاديمية الإسلامية الأميركية.
في اللقاء فضل الحاج هزيمة أن يبدأ حديثه عن المؤسسة منذ تأسيسها عام 2006، بعد تأجير مدرسة المجمع الإسلامي إلى مدارس “تشارتر” الأمر الذي أدى إلى غضب الأهالي الذين أخذوا يبحثون عن بديل. وتم عقد اجتماع للأهالي الذين أصروا على فتح مدرسة اسلامية، وجمع مبلغ 60 ألف دولار تبرعات بموجب شيكات لم يقبض منها هزيمة دولارا واحدا لأن جميع من تبرعوا قد عادوا وأوقفوا الشيكات في البنك، إلى أن دفع أحد الأصدقاء (رفض هزيمة ذكر اسمه) مبلغ 60 ألف دولار من أجل استئجار مبنى الأكاديمية الحالي على شارع تشايس وتجهيزه بالحد الأدنى الممكن كي يبدأ العام الدراسي 2006/2007. وتسجل في ذلك العام حوالي 170 طالبا منهم 25 لم يدفعوا أقساطاً لأنهم أقرباء يخصون المعلمين. وكان معدل القسط للطالب الواحد حوالي 3000 دولار للسنة، لأن من الأهالي من كان يدفع 1500 أو 2000 أو 3000.. كل بحسب وضعه المالي الذي كانت المدرسة تراعيه.
ويشرح الحاج هزيمة بأن العام الدراسي الأول للمدرسة انتهى بخسارة تقدر بـ 281 ألف دولار. ولسد العجز يقول انه اقترض من البنك باسمه وباسم زوجته مبلغ 235 ألف دولار كي تفتح المدرسة أبوابها في العام التالي.
وفي عام 2008 تراكم هذا الرقم إلى 404 آلاف دولار، وكان هزيمة، وفق ما يقول، يستعمل “الكريدت كارد” لسد العجز إلى أن وصل حجم الديون الشخصية المترتبة عليه للبنوك وشركات الائتمان 774 ألف دولار، فدعا الأعضاء وقتها الى اجتماع طارئ في 11 أيلول ٢٠٠٨ ووضعهم في الصورة التي آل إليها الوضع، وشرح تفاصيل الأزمة التي تعيشها المدرسة وأطلعهم، حسب قوله، “على كل كبيرة وصغيرة” ووضع بين أيديهم المبلغ المستحق عليه للبنوك وقدم في هذا الاجتماع دراسة مفصلة تشير الى عجز يصل الى حدود 181 ألف دولار سنويا إذا تم استقبال 200 طالب بمعدل 3500 دولار للطالب الواحد، تملص جميع الأعضاء من الموضوع يقول هزيمة، ولم يبادر حينها أحد منهم لسد جزء من العجز المترتب على المدرسة. ويتابع هزيمة بأن أيا من الأعضاء لم يوقع على عقد الايجار بل رفضوا التوقيع كما رفضوا أن يكونوا في “مجلس الإدارة” الرسمي المقدم الى الحكومة للحصول على رخصة إنشاء مؤسسة غير نفعية.
وعندما لم يتجاوب الأعضاء لمعالجة الأزمة، يقول هزيمة، عقد اجتماعا للأهالي وقدم لهم عرضا على برنامج “باور بوينت” شرح فيه ما تعانيه المدرسة من مصاعب مالية، وصارحهم، حسب قوله، “إذا لم تدعمونا فلن نستطيع الاستمرار”. فقررت اللجنة المصغرة إقامة حفل لجمع التبرعات، ومن أصل 300 من الحضور قال هزيمة ان 36 شخصا فقط تبرعوا ونصفهم ليس لديهم أولاد في المدرسة.
ويضيف هزيمة بأن الضربة الموجعة التي تلقاها هذا العام كانت بفعل عودة 5 عائلات إلى العراق (18 طالبا) وعائلتين إلى لبنان (5 طلاب) وعائلة الى باكستان وأخرى الى فلسطين، وكلهم لم يدفعوا ما عليهم ما تسبب بخسارة 130 ألف دولار. ويتابع “دعيت عندها إلى اجتماع طارئ آخر حضره كل من: ايمن أبو عايدة، عبدالله السعدي، معين داوود، علي الحاج دياب، علي الخطيب، حسن اسماعيل، محمد مسلماني، السيد فاضل، لمى فرحات بالإضافة إلى بعض المعلمات ووضعتهم في أجواء ما حصل، وكالعادة لم يتوصل الاجتماع الى نتيجة. وقمت بعد ذلك بعقد اجتمعات متفرقة للمعلمات طلبت فيها مساعدتهن فقبلن جميعهن ما عدا أربع معلمات من أصل 26، قبلن أن يدرّسن من دون أن يتقاضين أجرا للشهرين المتبقيين من العام الدراسي السابق، وقلت لهن بأن أجورهن هي “دين برقبة” المدرسة وسوف تدفع لاحقا”.
وعند سؤال السيد هزيمة عما حصل بعد حفلة عيد الفطر التي أقامتها المدرسة ولم تفتح أبوابها بعدها، يقول: “فتحت المدرسة أبوابها في اليوم التالي لعيد العمال في الثامن من شهر أيلول الماضي بشكل طبيعي ثم أقفلت يومي الاثنين والثلاثاء بسبب عطلة عيد الفطر، ويوم الأربعاء كان هناك حفلة مقررة للطلاب بمناسبة العيد، فاتصلت بي المديرة ميشال غاريت لتخبرني بأن هناك انذارا ملصقا على مدخل المدرسة من شركة الكهرباء بقطع التيار إذا لم يتم دفع الفاتورة البالغة أكثر من 20 الف دولار، فطلبت منها أن تزيل الإنذار عن الحائط حتى لا يراه الأهالي وأن تتصل بشركة الكهرباء التي أصرت على تحصيل كامل المبلغ فورا بعد أن استنفذنا كل أشكال التسهيلات التي منحتنا إياها الشركة قبل ذلك”. ويضيف هزيمة بأنه كان على اتصال بأحد الأصدقاء المتمولين المطلع على أوضاعه وأوضاع المدرسة، وكان قد وعده بالمساعدة اتصل به في ذلك اليوم (يوم حفلة عيد الفطر) وأخبره بما حصل فقال له بأنه في فلوريدا وسيكلمه فور عودته، وانتظر هزيمة ثلاثة أيام ليعاود الاتصال به فلم يرد عليه الرجل فعندها أخذ القرار بإقفال المدرسة لأنه “لم يعد هناك من أمل على الإطلاق بتصحيح الوضع وإكمال العام الدراسي”.
وعند مواجهته بأن بعض الأهالي اتصل بشركة الكهرباء ولم يظهر بأن هناك أية مشكلة مع الشركة استغرب هزيمة الأمر، وفيما يلي بعض الأسئلة التي وجهتها “صدى الوطن” لهزيمة.
– هل نستطيع أن نرى الإنذار الذي ألصقته شركة ديترويت أديسون على مدخل المدرسة؟
– أرسلته إلى المحامي الذي يعمل على تقديم أوراقه وبياناته للمحكمة وفقا لقانون الإفلاس (الفصل 7).
– لماذا فتحت المدرسة وأنت تعلم بأن الوضع سيء إلى هذه الدرجة؟
– كنت آمل أن يتم انتساب عدد أكبر من الطلاب، فقد تسجل حوالي 70 طالب في الفترة الممتدة من شهر شباط إلى شهر تموز وهو عدد أدنى من المتوقع، فقلت في نفسي ربما بعض الأهالي ينتظرون إلى شهر أيلول حيث كانت نسبة التسجيل في ذلك الشهر في الأعوام السابقة عالية، ولكن الصدمة كانت عندما كان عدد الطلاب 20 طالبا فقط من الذين تسجلوا في شهر أيلول، ثم يضيف هزيمة بأنه راسل المرجع الديني الشيعي السيد علي السيستاني طالبا المساعدة و”بعثت له بشريط فيديو عن المدرسة وعن برنامجها التعليمي فلم أسمع ردا”، كما طلبت من مؤسسة “إمام” في أميركا، التابعة للمرجعية الشيعية في العراق، بأن تدير المدرسة فرفضت.
– ماذا فعلت بالأقساط التي أخذتها من أهالي الطلبة؟
– جزء كبير من الأهالي دفعوا قبل نهاية العام الدراسي الماضي، وقد تم صرف هذه الأموال لسد العجز المتراكم على المدرسة من دفعات الإيجار ومعاشات المعلمين إلى آخره.
– ما قيمة ما دفعه الأهالي؟
– 215 ألف دولار.
– هل أنت مستعد لإرجاع هذه الأموال إلى أصحابها؟
– هذه الأموال هي دين في رقبتي وعندما أتمكن من سدادها سأعيد لكل ذي حق حقه ومن يريد من الأهالي أن يساعدني فإني له من الشاكرين ولكني لا أعد أحدا بمدة محددة.
– لماذا لا تتكلم مع الأهالي وتحاول تسوية الأمر معهم؟
– أعلم بحالتهم وأتفهم ما يشعرون به ولكن في بعض الأحيان قد يخرج المرء من عقاله ولا أملك أي شيء في الوقت الحاضر لأقدمه لهم.
– البعض من الأهالي اتهمك بأنك تعمدت أخذ الأقساط وإقفال المدرسة.. بماذا ترد؟
– لو كانت لدي النية بالاحتيال لما دفعت للمعلمات رواتبهن في 15 أيلول وتستطيعون أن تتصلوا بهن وتسألوهن، وما كنت قد دفعت لكنيسة سانت لو 14 ألف دولار في التاسع من أيلول كبدل إيجار عن شهر آب وجزء من شهر أيلول، ولما كنت قد دفعت 4 آلاف دولار لشركة المياه في مدينة ديترويت. لم تكن لدي النية بالاحتيال لكني وصلت إلى طريق مسدود وأقفلت بوجهي كل الأبواب، فالمدرسة كانت تعني لي كل شيء وخسارتي لها كخسارتي لأحد أبنائي.
ما تقدم كان حصيلة اللقاء مع الحاج محمود هزيمة وما أدلى به لـ”صدى الوطن” يمثل المقلب الآخر من حكاية مدرسة إسلامية تعثرت مرتين، ويقول بعض الأهالي إنهم مصممون على إعادة النهوض ها مستفيدين من التجربتين المريرتين السابقتين.
و”صدى الوطن” إذ نجحت في لقاء هزيمة والحصول منه على ما لديه من وقائع يعتبرها شهادة على براءته من أي سوء إئتمان تبقى على استعداد لإفراد مساحة من صفحاتها للراغبين من الأهالي ممن يمكن أن يكون لديهم أية ردود أو توضيحات أو تعليقات على حديث الحاج هزيمة.
Leave a Reply