يبدو ان الاحداث التي تشهدها مدينة القدس في الاونة الاخيرة، كلها مفتعلة، وتقف وراءها حكومة اليمين الاسرائيلية المتطرفة، بقيادة بنيامين نتنياهو، والتي لم يتم انتخابها اصلا بهدف تحقيق سلام مع الفلسطينيين.
ما جرى في باحة المسجد الاقصى قبل اسبوعين، ومحاولة بعض الصهاينة اقتحام الحرم القدسي وتدنسيه، لم يكن حدثا منفصلا، فقد تبعه عدة محاولات مماثلة، كان اخرها، مسيرة جرت السبت الماضي في سوق القطانين وباب الواد، القريبين جدا من الاقصى، شارك فيها مئات من اليهود المتشددين، لمناسبة عيد “فرحة التوراة”، هتفوا خلالها بشعارات معادية للعرب والمسلمين، على مرأى ومسمع الفلسطينين اصحاب المتاجر والاهالي في كلا المنطقتين، الذين أصروا على التواجد والابقاء على حوانيتهم مفتوحة، ومن ثم الاشتباك مع تلك الشراذم، بهدف منعهم من الوصول الى الحرم الشريف. لا يحسبن احد ان الاقصى في خطر محدق، فمئات من الفلسطينيين يعتكفون داخله منذ بدء الاحداث، لا يفارقونه لا ليلا ولا نهارا، وهؤلاء مستعدون للدفاع عنه حتى لو كلفهم ذلك حياتهم، ثم ان هؤلاء المرابطين، لن يلتفتوا الى هدنة ولا معاهدة ,اذا احسوا ان قدسهم في خطر، بالأمس اعلنت منظمة الجهاد الاسلامي في قطاع غزة ان مقاتليها منعتهم شرطة “حماس” من ثلاث محاولات لاطلاق الصواريخ على المستوطنات الاسرائيلية، ردا على ما يتعرض له المسجد الاقصى من هجمات، ذلك يعني ان الهدنة في خطر، وأي اختراق لها سيفضي الى حرب جديدة في الاراضي المحتلة، شبيهة بتلك التي شنها الجيش الاسرائيلي على غزة في الشتاء الماضي، وهو ما حذر منه العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني، في تصريحات لصحيفة “هارتس” الاسرائيلية نشرت الاسبوع الماضي، قال فيها ان القدس يمكن لها ان تكون ملتقى للتعارف والسلام،او منطلقا لشرارة الحرب.
ولكن أي سلام هذا يتطلع اليه الاسرائيليون، وحكومتهم مستمرة في بناء المستوطنات ورافضة للجهود التي تبذلها الادارة الاميركية، والتي ربما استحق عليها باراك أوباما نيله لجائزة نوبل للسلام، حتى هذه انتقدها غلاة الصهاينة المتطرفين في كل من اسرائيل وأميركا، معتبرين اوباما رئيسا ساذجا يبحث عن اوهام، في سعيه لتحقيق سلام في الشرق الاوسط، يقوم على دولتين واحدة للفلسطينيين واخرى لليهود. وفي هذا الصدد حذر الكاتب الاميركي توماس فريدمان في مقال نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الاسبوع الماضي، من امكانية تعرض الرئيس الاميركي لمحاولة اغتيال، شبيهة بتلك التي تعرض لها رئيس الوزراء الاسرائيلي الراحل اسحق رابين، بسبب سعيه لتحقيق مصالحة تاريخية مع الفلسطينيين. الظاهر ان السنوات القليلة القادمة في عهد نتنياهو لن تشهد سلاما، وهذا ما دفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى تسريب تصريحات، عن قرب تنحيه عن الحكم، خاصة بعد ان وجهت له انتقادات مريرة، بسبب تراجعه عن شروطه بتجميد الاستيطان في مقابل لقاء يجمعه برئيس الحكومة الاسرائيلية، وبسبب طلبه بضغط اميركي واسرائيلي تاجيل نقاش تقرير غولدستون في الامم المتحدة، وهو التقرير الذي اعتبر ان اسرائيل ارتكبت جرائم حرب ضد المدنيين في حرب غزة. عليه فالمنطقة مقبلة على مرحلة متجددة من الصراع، في ضوء انحسار اجنحة الاعتدال، فالقضية الفلسطينية على غير مثيلاتها من القضايا، تظل دائما ملتهبة لا تحتمل التجميد او التراخي خاصة حين يكون الامر متعلقا بالقدس والأقصى.
Leave a Reply