سوف يزعل “بابا غنوج” وصحن “الفتوش” من اللبنانيين إذا لم يعاملوهما بمثل ما
عاملوا صينية الكبة النيه وطبق الحمص بالطحينه ومؤخراً عروس المائدة اللبنانية “التبولة”.
ولمن لم يحظ بقراءة الخبرالمفرح نعلمه بأن لبنان دخل في موسوعة “غينيس” للارقام القياسية من الباب العريض لا بسبب إنجاز بشري عظيم أو إختراع إنساني رهيب يستفيد منه “شبه الوطن”، بل لاننا صنعنا أكبر صحن حمص وكبه وتبوله كما اننا-صحيح تذكرت-خيطنا أطول “طرحة” لعروس غطت ونظفت شوارع البلدة المعبدة وغير المعبدة! إنه بلد الأرقام القياسية فعلاً والعبقرية اللبنانية بأبهى حلتها!
لا ضيرأن يحتفل شعبٌ عبر مهرجانات تراثية وثقافية وفلكلورية بانجازاته في كل المحافل التي يبدع فيها حتى ولو كانت بسيطة كما يحق له أن يفخر بها، على أن لا يتلهى بالقشوروالدنيا منهارةٌ على رأسه. فالذي يريد دخول التاريخ يكون قد أرسى دعائم الجغرافيا أولاً (لا على طريقة لبنان أولاً) وبالتالي سيج بلده من الأعداء وحقق العدالة في دولةٍ راقية تساوي بين المواطنين ليس بالقانون فحسب بل بالكهرباء والماء والوظائف والمهرجانات! ورب قائل ما دخل المواطن في كل ذلك “البناء الدولتي”؟. والجواب على ذلك أن هذا المواطن هو الذي لا ينتخب فقط نفس الأشخاص الذين ثبت بالدليل القاطع أنهم تخطوا مدة صلاحيتهم ( expired) منذ زمنٍ بعيد، بل أنه أيضاً يتعصب لهم ويتحزب ويتشنج طائفياً إلى درجة خراب البلد .بل الأنكى أن هذا الجمهورفي الداخل يبدأ شتمه للسياسي الذي إقترع له من لحظة انزاله الورقة في صندوق الاقتراع بسبب معرفته ألمسبقة أن لا أمل من السياسيين في لبنان (فالج لا تعالج) لكنه لا يتوانى في كل دورةٍ إنتخابيةٍ عن إنتخاب نفس السياسي من دون محاسبة أو مساءلة (ألم يحمل قائد الامة ميشيل المرعلى الأعناق إلى قلم الاقتراع حتى لا تتسخ قدماه؟)، أما الجمهور المغترب الذي من المفترض أن يكون قد إكتسب نظرةً أرقى لبعده عن الفساد والمال السياسي المرتشي نراه يعود زرافات ووحداناً لتلبية نفير الشحن المذهبي والطائفي المدعوم بالبترودولار. إنه بلد محطم للأرقام القياسية في مفارقاته العجيبة.
فحتى ولو تلهى الشعب بصناعة الأطعمه العملاقة كجزء من معركة تجارية وتراثية مفتوحة، بدأتها إسرائيل منذ أعوام عبر سعيها إلى قرصنة هذه الأطباق، ومحاولة تسجيل حقوقها لدى العديد من دول العالم، إلا أن جهود الصناعيين سوف تذهب كالعادة أدراج الرياح بسبب عدم وجود دعم رسمي كاف لمواجهة الإسرائيلين في الأسواق المفتوحة أمامهم. فالجانب التراثي تهمله الدولة اللبنانية عبر استسهال عدم تسجيل المأكولات التراثية اللبنانية باسم لبنان في المحافل العالمية، على ما لهذا التسجيل من فوائد جمّة. وكالعادة أقيم هذا المهرجان وسط غياب رسمي من قبل حكومة تصريف الأعمال التي للمناسبة ضربت الرقم القياسي باستمرارها في التصريف، بعد حكومة المرحوم الشهيد رشيد كرامي، وربما تتخطاها كما تنذرحالة الطقس السياسي المعتم حالياً في لبنان.
ولكن أمر هذا اللبنان غريب. فبدل محاربة إسرائيل في المطبخ ماذا لو استعدينا على أرض المعركة للحرب المقبله التي تخطط لها إسرائيل بجد وعزم كل يوم، وآخرها المناورة العسكرية الكبرى؟ ففي حين نفكر بمواد التبوله والحمص ونفرح بطائرتي “هوكر هنتر” العجوزتين اللتين علاهما الصدأ منذ عام ١٩٥٩ (لكن تبقيان درة تاج سلاح الجو اللبناني) في عيد الاستقلال، تثبت إسرائيل جهوزيتها واستعدادها للحرب المقبلة!! وفي الوقت الذي نغتبط فيه بأطول طرحة، نغمض أعيننا عن الأجهزة التجسسية التي زرعتها إسرائيل في اراضينا لكي تعيث فيها فساداً وفتنة.
كيف نتسلى بالفلافل وقليها في حين تقتحم إسرائيل المسجد الأقصى براً وجواً ضاربةً عرض الحائط بكل المقدسات وكل كرامات وشرف الأنظمة العربية المتفرجة؟ لما لا والنتن ياهو يدعى إلى مائدة الرحمن في شهررمضان المبارك ويحتفل بذكرى الزعيم جمال عبدالناصر في منزل السفير المصري في عاصمة الكيان! هذا زمنٌ يرفع فيه علم إسرائيل في عواصم بني عربان الخليجية في حين يطرد أبناء جبل عمل الكادحين العاملين لتأمين قوت عيالهم وهم لم يعرف عنهم أنهم تسببوا بالخلل في أمن أي بلد ساهموا في نهضته وازدهاره لانهم من أتباع القول “إذا كنتم غرباء فكونوا أدباء”.
يستحق النظام العربي الرسمي أن يدخل موسوعة “غينيس” في تواطئه ضد شعبه. حتى الأتراك لم يتمكنوا من نسيان غزة واطفال غزة إلى حد تعريض حلفهم مع إسرائيل للخطر في حين يستقبل ارهابيو الصهاينة في عواصم العرب. حتى قادة إسرائيل العسكريين ملاحقون قضائياً في أوروبا بينما تمكن محمود عباس بواسطة الابتزاز الاسرائيلي من منع التصويت على تقريرٍ يدين إسرائيل ويعريها على جرائمها في غزة! فـ”الرئيس” الفلسطيني الذي لا يحكم ولا يملك شروى نقير من السيادة الوطنية والذي يخدع نفسه بلقب رئيس على “قارورة” من أرض مكبل الارادة والادارة والضمير والحرية بحيث لا يتنفس ولا يرف له جفن من دون دولة الاحتلال و لا سلطة له خارج بيته، انتهت مدة رئاسته لكنه مازال يمارس صلاحياته الباغية بدون أي مسوغ قانوني أو شرعي أو أخلاقي! هذا المدعي سوف يدخل التاريخ بسبب تآمره على القضية الفلسطينية التي حولها من قضية مقدسة إلى ورقة خاسرة في لعبة الامم بسب أهوائه الشخصية!
بالعودة إلى لبنان وأطعمته اللذيذة فنحن بأحر الشوق للإنتصار على إسرائيل بالملاعق والشوك والطناجر وصحون المازة والفول المدمس والبرغل والرز. ولا يهم ما ذكره بروفسور اسرائيلي اسمه دان شيفتن في جامعة تل ابيب ساخرا من العرب انه كلما اطلقت اسرائيل قمرا صناعيا يخرج علينا العرب بنوع جديد من الحمص … وأن “العرب هم الفشل الأكبر في تاريخ الجنس البشري. لا يوجد شيء مخلول تحت الشمس أكثر من الفلسطينيين”، ثم يقول بسخرية “في العالم العربي يطلقون النار في الأعراس كي يثبتوا أن لديهم على الأقل شيء واحد صلب فاعل قادر على الإطلاق”. فهل يسمع ذلك الحكام البنائين للقصور والضاربين في كل اصناف الطعام ليل نهار؟ أم أن العز للرز والبرغل شنق حاله!
Leave a Reply