ولكن حقاً، ما هي أعظم الاختراعات التي قام بها الإنسان على مر العصور؟
كلما فكرت في هذا الأمر، يتبادر إلى ذهني ذلك المقطع من مسلسل كرتوني للأطفال، حيث تظهر عربة محملة بالبيوض، بعجلات مثلثة الشكل. وبسبب الرجرجة الناتجة عن حركة العربة.. تتقاقز البيوض فتتكسر جميعها قبل وصول العربة إلى السوق. بهذه الطريقة.. يتم إيصال تلك المعلومة الذهبية عن “الدولاب” الدائري الذي يمكننا من إيصال البيض إلى السوق سالما.
حقاً، كان اختراع “الدولاب” (في العصر المعدني قبل 7000 عام) اختراعا عظيما ومدهشاً ومفاجئاً. ومن وقتها لم يعد البشر يندهشون بأنواع الدواليب الأخرى، الهوائية والمائية التي تولد الطاقة. حدث هذا.. قبل أن تتم إعادة اكتشاف “الدولاب” في أقبية “الفروع الأمنية” في بعض الدول العربية، حيث يتم استخدامه كأحد وسائل “التربية الوطنية” التي تبدأ بتكسير الأقدام وتنتهي بتكسير الرؤوس والنفوس.. والبيض أيضا!
ليست المرآة من تمكّن الإنسان من رؤية نفسه، بل الكاميرا التي اخترعها “سكولز” للمرة الأولى في العام1792، وفي بعض الروايات أن أول من تكلم عنها ووضع مبادئها العالم العربي الحسن بن الهيثم في العام 1015. ومهما يكن.. فالكاميرا مكنت البشر من تخليد لحظات معينة من أعمارهم، فصارت الألبومات خزّانات الزمن التي تمتلئ باللحظات (واللقطات) الجميلة، التي يمكن الرجوع إليها في أي وقت. بعد الكاميرا الفوتوغرافية.. لم تعد الدهشة تعقد ألسنة البشر رغم وفرة الأجيال الجديدة من الكاميرات التلفزيونية والسينمائية والرقمية.. وصولاً إلى كاميرا الهاتف المحمول.
التلغراف.. اختراع عظيم ولا شك، لدرجة أن مخترعه صامويل مورس (العام 1854) لم يصدق نفسه، وشعر بوجوده قوة إلهية وراء ذلك الاختراع، فكانت أول جملة تم إرسالها عبر المحيط الأطلنطي، من أميركا إلى لندن، تقول: “هذا ما صنعه الله!”. بعدها لم يعد البشر يتعجبون من وسائل الاتصال الأخرى.. كالهاتف والخليوي ووصولاً إلى البلوتوث والانترنت.
توماس أديسون، أكسل طالب في التاريخ وصاحب ألف اختراع،(ما الذي تفعله المدارس حقاً؟!) معروف بين الناس، وفي التاريخ، بأنه صاحب اختراع “المصباح الكهربائي”. اللمبة.. الاختراع الذي أذهل مليارات البشر، هي المرادف الآخر للنور، لدرجة أنه يبدو من العسير الاقتناع بأن “عصر التنوير” الأوروبي كان عصراً تنويرياً بدون لمبات، إذ كيف نفهم أن الأوروبيين كانوا في القرن السادس عشر تنويريين، في الوقت الذي لم تكن لديهم مصابيح كهربائية؟ بالطبع.. يمكن حل سوء الفهم هذا ببساطة.. فالكثيرون من البشر في وقتنا الحاضر يمتلكون أفضل أنواع المصابيح والنيونات، ولكنهم ظلاميون لدرجة أنك تظن أنهم يعيشون في العصر الطباشيري!
في العام 1967 الذي انهزمنا فيه، كان الأطباء يحتفلون بزارعة أول قلب اصطناعي. لم تنجح تلك العملية التي أجراها الطبيب الجنوب الأفريقي كريستيان برنار، إذ مات المريض بعد 18 يوما فقط. لكن الأهم.. أنه ومنذ تلك اللحظة بدأ التفكير بأن الإنسان كائن يأتي إلى العالم ومعه “قطع غيار”. لم يتوقف بعد تلك العملية تصدير الأفكار الكلاسيكية عن القلب بوصفه مركزاً للأفكار والعواطف والمشاعر، لكن المؤكد أن العشاق والرومانسيين أصيبوا بخيبة أمل كبيرة. ومنذ ذلك اليوم مازال التفكير مستمرا عن كيفية إنتاج قطع غيار بشرية، من جميع الأنواع.. فاليوم من الناحية الطبية يمكن زراعة دماغ.. من دون أن يصدم ذلك الكثيرين من البشر. المدهش في هذه الحالة.. إن العوائق قانونية.. إذ ما هي هوية المريض الذي تجرى له عملية من هذا النوع، وماذا سيكون اسمه، ومن هي عائلته الحقيقية، هل هي عائلة صاحب الدماغ، أم صاحب “الطاسة”، والطاسة ليست ضائعة إلا في ثقافتنا، لأن المسألة شائكة ومايزال “القانونيون” يعملون لحلها.
كثيرون يشككون بوصول الإنسان إلى القمر في العام 1969 (وكثيرون منا يفعلون ذلك، بحماسة مثيرة للريبة)، وإذا ما ثبت يوماً إن “نيل أرمسترونغ” لم يحطّ على سطح القمر في ذلك اليوم من شهر تموز، لن تختفي تلك الجملة التي غزت العالم وقتها، والتي وصفت أول خطوة بشرية على سطح القمر بأنها: “خطوة صغيرة لرجل على سطح القمر وقفزة عملاقة للبشرية”. إذا ما صدق حدس البعض (منا نحن العرب) وتبين أن تلك الخطوة القمرية زائفة وملفقة، فإن ذلك لن يؤثر بقليل أو كثير على “القفزة العملاقة” للبشرية.. في مجال غزو الفضاء واستشكافه، لدرجة أن البعض قد لا يفاجئهم وصول وفد من الكائنات الفضائية للمشاركة بـ”قمة” حول مستقبل الكون. طبعاً نحن لن نصدق أن أمراً مثل هذا يمكن أن يحدث..
اختراعات.. اختراعات.. لدرجة يصعب عدها، فالأعوام الأخيرة لوحدها حملت الآلاف من تلك الاختراعات، والكثير منها لم يلفت انتباه الناس حتى!.. بين جميع تلك الاختراعات، ثمة اختراع يستحق الاحترام والتبجيل على الدوام، اختراع.. لا تذهب بهجته.. إنه “الأسبيرين”.. مسكن آلام المليارات من البشر.
تسكن آلام مليارات البشر.. هل هذا قليل؟!
Leave a Reply