رغم أن الحياة الزوجية من أخطر الوظائف الاجتماعية، إلا أن الزوج، والزوجة أيضا، يلتحق بالوظيفة الزوجية دون خبرة سابقة. يبدو أن هذه سمة الوظائف الخطيرة، فمهنة الوزير أو النائب مثلا، من المهن الخطيرة، لكنها لا تشترط أي خبرة سابقة.
لذلك، فإن الصدام يكون متوقعا بين الزوجين، لأن كلا منهما التحق بوظيفة لا يعرف عنها شيئا. ولا شك أن الخبرة عند الزوج مثلا، كان يمكن أن توفر عليه جهودا مضنية وفاشلة، مثل خوض المعركة المسماة “من السيد في هذا البيت؟”.
تبلغ السذاجة أحيانا بالزوج في بدء حياته الزوجية إلى حد أنه يتصرف باعتباره مركز القرار وصانعه وصاحبه، لكنه لا يلبث أن يدرك أن هناك الرأي والرأي الآخر، أي رأي الزوجة ورأي أمها أيضا.
وما دام الأمر في يد صانعة القرار فمن الحمق، على الأقل في نظر الزوج الحصيف أن يحاول خلق دور قيادي له، وأن يكتفي بأن يكون كل تصرف من تصرفاته هو رد فعل. هنا يمكن للحياة الزوجية أن تمضي بسلاسة وهدوء.
ولعل من سذاجة الرجل وهو يعبر من مرحلة العريس إلى مرحلة الزوج أن ينشد امتداد الحياة الرومانسية التي كانت، إذ يرفض –بداخله- أن يصدق أن حبيبة الأمس التي خلقت من طينة غير طينة البشر، هي إنسان عادي من بني البشر، ويكاد يكذب عينيه وهو يراها نائمة وشعرها الحريري “المنفوش” كشعر المجنونة، وفمها المرسوم كالعنقود مفتوح على آخره في شخير بعيد عن الرقة، والأغرب من هذا كله معالم وجهها الممسوحة مثل حواجبها التي اختفت.
أما الزوج الذي تمرس بالحياة الزوجية، فيعرف أن هذا هو الوجه الآخر للحسناء التي أحبها، وأنه شيء عادي جدا أن تكون هذه هي النسخة الليلية منها بلا دهشة ولا عجب، وأن الوجه الجميل الذي هام عشقا في تقاطيعه، كثيرا ما يتحول إلى وجه من وجه الهنود الحمر وراء المعاجين البيضاء والزرقاء والحمراء التي تغذي البشرة، بينما يموج الشعر بالرولهات والصبغات التي التفت حوله. ذلك الزوج الحصيف ينبغي أن يدرك أن المرأة تفقد جمالها وهي داخل بيتها وأن عليه أن يصبر ليراها في قمة تألقها في بيوت الآخرين.
فأهل الخبرة من الأزواج يعرفون أن الزوجة تتزين وترتدي أفخر ثيابها لتزهو على الأخريات في الحفلات وبيوت الأصدقاء، وأن علاقة الزوج بهذه الثياب وتلك الزينة قاصرة على دفع التكاليف. إضافة لذلك، فإن الزوج القانع والمؤهل للحياة الزوجية يعرف تماما أنه لا حيلة له، ولا محاولة منه سوف تجدي لإخفاء دخله عن “جوزته”. فللزوجة أنف يشم الفلوس، ويستشعرها عن بعد.
وعلى مر التاريخ، فشل أغلب الأزواج، في إخفاء أي زيادة في الدخل عن الزوجة. وفي التاريخ القريب، يحكى هنا في هذه المدينة الغائمة، أن زوجة موظف في إحدى شركات الاستثمار، لجأت إلى بيت أمها غاضبة منه، لأنه (أي زوجها) زعم أن كل ما معه خمسة عشر ألف دولار، بينما هي تعرف أنه اختلس أكثر من مئة ألف دولار.
إن خبرة الرجل بالزواج هامة جدا ومطلوبة ولا يعيبها بالنسبة للزوجة، إلا أن يصبح الزوج الخبير مدرباً وعلى درجة عالية من إتقان الكذب!
Leave a Reply