لم يسبق أن تلقفت أذناي عبارة شكر من النوع الذي سمعته قبل أيام من أحد المواطنين الذين قمت على خدمته في مجال عملي. “أشكرك بعنف”، قال الرجل.
“عفوا، هل قلت أشكرك بعنف؟” سألت الرجل قبل أن يؤكد لي صحة العبارة التي أطلقها، محاولا شرح ما يعنينه..
“فهمت”، أبلغته، لكنني لم أسمع قبلا أن أحدا يشكر آخر بـ”عنف”. انتهى اللقاء “بلا عنف”. وفكرت للحظة كيف أن “العنف” قد دخل قاموس الإطراء لدى بعض الناس. بدا لي المعنى أقرب إلى الشاعرية. وتخيلت كيف يمكن لواحدنا أن يمارس عمله بعنف ويحب بعنف ويجامل بعنف ويفارق بعنف طالما أن العنف يمكن أن يكون سمة من سمات العلاقة الإيجابية. ولم ألبث أن وقعت فريسة افتراضات دهمتني بقوة (عفوا بعنف) ورحت أتساءل لماذا يتحدث الساسة والحقوقيون والمتنورون عن “نبذ العنف” و”إدانة العنف” و”مكافحة العنف”. وبدا لي لوهلة أن “العنف” مفردة قد ظلمت على ألسنة هؤلاء، وأن علي أن أبحر في “لسان العرب” أو “القاموس المحيط” لعلي أجد ربطا لهذه المفردة بصفتها “حال” يمكن استخدامها بطريقة إيجابية في التعبير.
ثم قفز إلى ذهني أحد أصدقائي الذي يجادلني دوما بـ”عنف” وفكرت: لماذا يشاع بين الناس قول: “وجادلهم بالتي هي أحسن”؟ لماذا لا يقال “وجادلهم بالتي هي أعنف؟” لست واثقا من إمكان العثور على معنى إيجابي لهذه المفردة لكن اعد نفسي وأعدكم بـ”عنف” أن أحاول “بعنف” في أقرب فرصة متاحة!
ع.ب
Leave a Reply