استطاعت الجالية اليمنية أخيرا أن تتجاوز التأثير السلبي للساعة السليمانية، والتمرد على حالة اللاوعي التي طبعت الجالية اليمنية بطابع التشرذم المميز بتدني الشعور بالعمل الجماعي ولو في الحدود الواجب مراعاتها في العلاقات البينية لأي مجتمع بشري متجانس. إننا نسجل بفخر واعتزاز هذه الأيام نصرا عزيزا على بعض صور الجهل والتخلف، وإننا سعداء بهذا الارتقاء الحضاري المستجد الذي أتاح لنا فرصة النظر في العلاقات والأشياء من مستوى وجوهها، وتجاوز المستويات الدونية التي لا يستطيع البعض أن يرى منها أو من خلالها إلا الإصرار على عدم المفارقة.
التفكير السليم مطلب محوري وحاسم في تقرير العلاقات المشتجرة بين الجماعات. والجماعات المتحضرة تجند طاقاتها وقواها العقلية المستنيرة في خدمة المصالح العامة للجماعة، وبينما الجماعات الأخرى واقعة تحت تأثير الجهل من جهة، والشطار المتعيشون على تلك البيئة من جهة أخرى.
لقد تهنا كثيرا في دروب البحث عن مخارج لحالة الشتات المحبط الذي تعاني منه جاليتنا الموقرة، رأينا خلالها كيف تضاءلت الأماني والأحلام، وتضاءلت معها فرص وإمكانات كان المغتربون اليمنيون على موعد معها للتماثل على الأقل بغيرهم من الجاليات الأخرى من الجاليات المنتشرة في طول البلاد وعرضها.
وفي إطار البحث عن حلول ومخارج لحالة الشتات تلك بذلت العديد من المحاولات الرامية إلى إيجاد صيغة تلتقي عندها كل الأماني والتطلعات، ولكن الاجتماع حول مثل هذه الأماني كان وسيبقى متعذرا وربما مستحيلا بالنظر إلى طبيعة البشر في الاختلاف، ولو تحت ذرائع ومبررات يحتمل فيها الموضوعي والكيدي، الظاهر والباطن، المعلن والخفي، ناهيك عن تأثير التدني المعرفي، ولا تقتصر هذه الاختلاف على محاور الإفرقاء فحسب ولكنها تتواجد داخل كل محور متخفية بأقنعة شتى والكل يتحين فرصة لتسوية حساباته في إطار مجموعته. ووفقا لقاعدة احترام الرأي والرأي الآخر فإن الضرورة تقتضي أن يسلم بهذه القاعدة بقدر متكافئ ومتوازن، بغض النظر عن حساب النوايا. أما أن يظن احد أو آحاد بأنه أو بأنهم يمتلكون هذا الحق دون سواهم، فهذا تجنٍ وعدوان على حقوق الآخرين بدون وجه.
ولكنا لا ندري لماذا يصر البعض على ادعاء العداء لنظام صنعاء، ومواجهة كل التوجهات والتدابير الرسمية للحكومة اليمنية بازدراء وتنكر، رغم علم الجميع بتهافت هؤلاء القلة على أي عظمة تلوح من صنعاء بشائرها، وتسابقهم المرير على التقاط صورة مع هذا المسؤول الزائر أو ذاك ولو بثمن باهظ. وفي هذا الصدد فإننا نستغرب التصرفات المتشجنة لعدد من “الأخوة” إزاء الالتفاف الواسع للجالية حول اللائحة التنظيمية لهيئات الجاليات اليمنية التي صدرت عن الحكومة اليمنية، واستبشرت الجالية في ميشيغن بما وفرته من مخارج عملية وعلمية وقانونية لحالة الركود المؤسف التي اصابت الجالية بالشلل وأفقدتها القدرة على التظور ومواكبة الحياة، وكنا نتمنى لو أن مومياء “الأخوة” التقت بنرجسية “الاخوان” وعدمية “الرفاق” لكان أكثر جدوى ومنفعة. وأكثر من هؤلاء وأؤلئك، فإننا نشفق على البعض من الكتبة الذين تتناقض سلوكياتهم مع أقوالهم في تعارض يبعث على السخرية والرثاء، حيث تنعدم لديهم القدرة على التمييز بين مفهومي المعارضة والمقاطعة ناهيك عن التمييز بين المقتضيات المتباينة في كلا المفهومين ولا يتردد أو يخجل هذا (البعض) من ترديد الإدعاءات في كل المجالس والمحافل كل يوم ومنذ سنوات بأن محكمة أمن الدولة في صنعاء منعقدة للنظر في أمره، رغم أن محكمة الوهم هذه لم تصدر حكما بعد، كونها ما تزال منعقدة منذ أزل الانعقاد لأجله وإلى ما شاء الله. هذه النماذج، وما أكثرها، تبحث عبثا عن دور، ولو في الدهاليز الخلفية لمسرح المراهقة السياسية، وهي مع الأسف لا تمتلك غير أن تكون إلا كالفراشات التي تسعى مغرورة مخدوعة بوهج إلى مصيرها المحتوم.
بعض أفراد المعارضة اليمنية يقدمون صورة تتجلى فيها روح المسؤولية وعظمة الالتزام تجاه الوطن وأبنائه بتجرد يكشف نبل المقاصد وعزة النفس وصدق النوايا، كما يدل على قدرة عالية على التمييز والتقييم الواعي للتوجهات، والانحياز دوما إلى صف الوطن والشعب كلما كان في ذلك مصلحة عامة. هذه النماذج هي التي تستحق الإشادة، لانها تؤدي على الوجه الأكمل ما تراه مفيدا دون تبحج أو ادعاء.
الإنجازات التي أحرزتها بعض اللجان الفرعية في استكمال المهام التي أوكلت إليها يضع اللجنة التحضيرية على موعد وشيك للاجتماع للنظر في أداء اللجان، وربما يلتقي في التوقيت مع الترتيبات الرسمية المواكبة، وسيكون من دواعي الفخر، أن تكون ولاية ميشيغن قد حققت سبقا في استكمال الإجراءات والترتيبات اللازمة لميلاد هيئة الجالية اليمنية في ولاية ميشيغن، التي نعلق عليها آمالا كبيرة في إحداث نقلة نوعية تلامس بالعلاج أكبر قدر من الحاجات المستهدفة.
Leave a Reply