العجز في منطقة ديربورن التعليمية يقارب ١٨ مليون دولار
الأهالي والمعلمون يرفضون قرارات المجلس التربوي بفصل موظفين في اجتماع عاصف
ديربورن – خاص “صدى الوطن”
بعد تظاهرتين قام بهما أهالي طلاب منطقة ديربورن التعليمية احتجاجا على الاقتطاعات المالية التي فرضها العجز في ميزانية ولاية ميشيغن المالية وجه أكثر من ٢٠٠ من الأهالي والمعلمين غضبهم الى المجلس التربوي في المدينة في اجتماع عاصف مفتوح حاولت فيه الأطراف إيجاد حلول واقعية.
وفي الاجتماع الذي دام حوالي ثلاث ساعات، أعرب أهالي الطلاب في مدارس ديربورن العامة وموظفون في هذه المدارس وطلبة عن استيائهم لقرارات كان المجلس التربوي في المدينة اتخذها مؤخرا، وقضت بالاستغناء عن عدد من الموظفين والمعلمين العاملين في القطاع.
وكان اعضاء المجلس التربوي خلال اجتماعهم الاثنين الماضي اتخذوا خطوات أولية لمحاولة تخفيف عدد الموظفين المنتظر الاستغناء عنهم، وقد بادر الاداريون بتأجيل التصويت على تفعيل قرارات الاستغناء عمليا حتى كانون أول (ديسمبر) القادم.
وقد عقد اعضاء المجلس اجتماعا مغلقا وفوريا وسط تظاهرة شارك فيها العشرات من الطلبة وذويهم، طالبوا فيها باتخاذ اجراءات من شأنها حماية المدارس، وحينها قرر اعضاء المجلس التربوي تحويل الجلسة الى اجتماع عادي، قدّم اكثر من مئة من المواطنين تعليقات مكتوبة وتحدث آخرون عبر الميكروفون وجميعهم طالبوا بعدم الاستغناء عن مدرسين وموظفي مكتبات ومساعدين مهنيين وآخرين يعتزم المجلس إنهاء خدماتهم بسبب العجز في الميزانية الذي تسببت به الاقتطاعات التي فرضتها حكومة ميشيغن لسد عجز موازنة الولاية.
وبعد ساعات من النقاش، أقر المجلس عقدا جديدا مع اتحاد المهندسين العاملين بعد أن وافق هؤلاء على تخفيض رواتبهم وعلى تنازلات اخرى في مقابل احتفاظهم بوظائفهم.
وستقدم المنطقة التعليمية كذلك برنامجا لرزمة تقاعد مبكرة للمعلمين ممن امضوا عشر سنوات من الخدمة على الاقل، سيتلقون 25 الف دولار أضافية على مدى السنوات الخمسة القادمة اذا ماوافقوا على هذا العرض، على ان تنهي خدماتهم اعتبارا من 29 كانون ثاني(يناير) وبذلك يتاح للمنطقة التعليمية فرصة لالغاء قرار بالاستغناء عن حوالي 300 موظف.
وتم تأجيل التصويت حتى 14 كانون اول القادم على انهاء خدمات الدفعة الاولى من موظفين بينهم العاملين في السكرتاريا ومساعدين مهنين وسائقي حافلات وحراس وعمال تغذية,على ان تنهى خدمات معلمين في الأول من شباط(فبراير).
الى ذلك قال منسق الاتصالات ديفيد ماستونين “إن المنطقة التعليمية لن يكون بوسعها استكمال الاعمال الكتابية والتخطيط اللازمين لتقديم كشوفات باسماء الموظفين الذين تم الاستغناء عنهم، في الاجتماع المقرر يوم الاثنين القادم”، واضاف “ان الكثيرين من هؤلاء تم اخبارهم بأن لا يحضروا الى مواقع عملهم اعتبارا من الاول من كانون أول، ولكني ساستمر بالعمل لغاية إقرار فصلهم بشكل رسمي”.
وكان الاجتماع أستهله ماستونين بقراءة تعليقات لاكثر من 70 شخصا، أدلوا بآرائهم في عملية فصل الموظفين، واستمر ماستونين في هذا لاكثر من ساعة، تبعه العشرات من المتحدثين عبر الميكروفون، وجميعهم قالوا بان هذا القرار سيؤثر سلبا على اطفالهم، وكثيرون طالبوا بفصل مزيد من الاداريين، في حين ذهب البعض من المتحدثين لمطالبة اعضاء المجلس التربوي المنتخبين الى اجتراح حلول اخرى لتوفير 12 مليون دولار كانت الولاية استقطعتها من الميزانية المخصصة للمدارس في ديربورن هذا العام.
وبعد الاستماع بهدوء للمطالب والتعليقات لاكثر من ساعة ونصف، فاجأت عضوة المجلس ماري لاين الحضور بالقول”كلنا مهتمون، الأمر ليس كما يتصوره البعض، ولكننا لا نستطيع جدولة رواتب دون ان يكون بحوزتنا أموال من الولاية”.
من جانبه قال رئيس المجلس جوزيف غايدو “نحن انتخبنا لنؤدي عملا، ونحن نقوم بهذا العمل على أحسن وجه في ظل الظروف القائمة”، فيما استمر المتحدثون واحدا تلو الاخر يعربون عن قلقهم بشأن ما سوف يعتري الصفوف المدرسية من ازدحام قد يصل عدد الطلاب في الفصل الواحد الى اكثر من 30 وربما 40 طالبا، في ظل خفض عدد المعلمين، وقالت الطالبة ماري سلامة (١٦ عاما) “الصفوف ستتحول الى فوضى عارمة بوجود أرقام كهذه”.
ومن ناحيتها قالت عضو لجنة أهالي طلاب ثانوية فوردسون جاكلين زيدان ان “المجلس التربوي في ديربورن لم يبذل قصارى جهده للحفاظ على المعلمين في القطاع التعليمي” وتساءلت “هل ناقشوا المسألة بكافة أووجهها ونظروا اليها من جميع الزاويا قبل ان يلجأوا الى القرار الدرامتيكي بفصل المعلمين وما سيكون له من تأثير بالغ على حياة أولادنا”.
الأهالي والمعلمون في المدارس الابتدائية أبدوا أسفهم على التلاميذ الصغار، كيف انهم سيتحولون في النصف الثاني من العام الدراسي الى معلمين غير الذين بدأوا معهم.
جانيت روبينز تعمل سكرتيرة مكتبة في منطقة ديربورن التعليمية منذ 25 عاما، قالت ان المدرستين اللتين تعمل فيهما تصل عدد الكتب المتناولة فيهما الى اكثر من الف كتاب اسبوعا. واضافت “ان هناك موظفي سكرتاريا مسؤولين عن معدات وأجهزة تقدر قيمتها بالآلاف الدولارات في هاتين المكتبين، ستظل عاطلة نصف الوقت اذا ما انهيت خدمات بعض موطفيها”.
كوني هاريسون موظفة اعلامية، قالت انها بحثت ووجدت ان منطقة ديربورن التعليمية لديها 487 الفا من المؤلفات في مكتباتها، تصل قيمتها الى 7,4 مليون دولار، وان 139 الفا من هذه المؤلفات قد تمت استعارتها هذا العام، وهذه كانت ستكلف اهالي الطلبة اكثر من مليوني دولار لشرائها.
كايتي أبور معلمة لذوي الاحتياجات الخاصة، ذكّرت أعضاء المجلس التربوي بأنهم “مواطنون انتخبهم المواطنون ليمثلوا المواطنين”، وقالت “لن يكون بامكان الطلبة من ذوي الحاجات الخاصة النجاح في صفوف مزدحمة، وحتى بعض الطلبة العاديين سيجدوا صعوبة فيها”.
برايد، أم لخمسة اطفال، تمنت على المقاطعة التعليمية الابقاء على الاخصائيين الاجتماعين والنفسيين، حيث انهم ساعدوا ابنا لها، ولها ابن آخر سيكون بحاجة الى مساعدتهم، وخاطبت اعضاء المجلس قائلة “ستفشلون في تعليم ابنائي اذا فصلتم الاخصائيين النفسيين من الخدمة”.
أما كفين سيزالكي، وهو أب لأربعة اطفال في المرحلة الابتدائية، فققد أبدى تفهمه بأن لانسنغ خفضت الاموال المخصصة للمنطقة التعليمية ولكنه طلب من المجلس اعادة النظر في مسألة تبديل المعلمين في المدارس الابتدائية في شباط القادم، وقال “إنه قرار سقيم ان تبدّل الأحصنة في منتصف السباق”.
ماليسا سيلر أمّ قالت “قراركم السريع هذا بالاستغناء عن معلمين ترك مرارة في افواه اهالي الطلبة، واجبكم ان تجدوا طريقة أخرى، لا يكون لها اثر على الطلاب”.
استمرت التعليقات لاكثر من ساعتين ونصف، وختم الاجتماع بعد ازوف الموعد المقرر لانتهائه الساعة 10:30 ليلا، حيث تم تمديده مرتين.
وكان المجلس اقر في غضون هذا الاجتماع عقدا تجريبيا مع اتحاد المهندسين العاملين في مدارس ديربورن العامة، وافق فيه الاتحاد على خفض رواتب هؤلاء بنسبة 6,3 بالمئة وتحميلهم فرق التأمين الصحي، اذا ما اختار الاعضاء شركات معدلات تامينها الصحي تفوق الحد الادنى، بحسب المشرف العام على المنطقة التعليمية براين ويستون.
وصرح ويستون بان الاتحادات التي تمثل المعلمين والمهن الأخرى اذا ماوافقت على مثل هذه التنازلات,فانها بذلك ستحمي اعضاءها من امكانية فصلهم من وظائفهم.
تجدر الاشارة الى ان المهندسين العاملين في هذا القطاع لم يصوتوا بعد على العقد. وكانت عضوة المجلس التربوي ايمي بلاكبورن صوتت ضد هذا العقد قائلة انها ليس بامكانها الموافقة على حماية اعضاء مهنة واحدة، فيما اعضاء مهن اخرى يواجهون شبح فصلهم. وقالت بلاكبورن “هناك الكثير من الاقتطاعات الصغيرة التي يمكن القيام بها ولكننا نحتاج الى عدد كبير من هذه الأشياء توازي قيمتها أكثر من ١٥ مليون دولار”.
وكان المجلس وافق ايضا على برنامج تقاعد مبكر للمعلمين في نطاق رزمة من عدة بنود، قال ويستون عنه “ان الهدف منه محاولة تخفيض عدد الموظفين المفصولين”.
يشار الى ان برنامج التقاعد المبكر سيوفر لمنطقة ديربورن التعليمية مبالغ من المال، وذلك بالاستغناء عن معلمين كبارا يتقاضون رواتب عالية، واستبدالهم بمعلمين جدد برواتب اقل نسبيا، كما أن المنطقة ستوفر مبالغ اخرى عبارة عن تكاليف البطالة في حال فصلت هؤلاء المعلمين عنوة. علما بأن المنطقة لن تكون قادرة على اللجوء لهذا البرنامج ما لم يوافق عليه 40 معلما على الاقل.
وبعد انتهاء الاجتماع قال ويستون انه يثمن تعليقات الناس وهو يوافق على اهتماماتهم بشكل عام مضيفا “أفهم انهم محبطون وخائفون وغاضبون”، لكنه لاحظ ان قليلا منهم قدموا افكارا حول ماهية الطريقة التي يمكن من خلالها التغلب على العجز في الموازنة، وقال “لا استطيع ان أدير عجزا يبلغ 18 مليون دولار”.
Leave a Reply