المقاومة تستعد لها بجهوزية وسلاح متطور سيشكل نقطة تحول
إسرائيل تحضر لحرب على لبنان في الربيع القادم
بيروت –
الترسانة الصاروخية لـ”حزب الله” باتت خطراً استراتيجياً على الكيان الصهيوني
في وادي حولا، الى إلقاء القبض على خلايا استخباراتية جندتها الاستخبارات الصهيونية (الشين بيت) و”الشاباك”، من مخبرين وعملاء لبنانيين يعملون معها منذ عقود، وشكّل اعتقالهم ضربة لهذه الاستخبارات. فإسرائيل لن تترك لبنان ينعم بالهدوء والسلام، ولن توقف اعتداءاتها عليه، ولم يردعها قرار مجلس الأمن الدولي 1701، من وقف خروقاتها الجوية والبرية والبحرية، إذ سجل حوالي سبعة آلاف خرق منذ صدور هذا القرار في آب 2006، ولم تفعل قوات الطوارئ الدولية سوى تسجيل هذه الخروق، وإصدار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بيانات تعرض للواقع القائم، ولما جرى تنفيذه من القرار المذكور، وتساوي بين الجلاد والضحية، ويتحمّل “حزب الله” مسؤولية استمرار تخزينه للسلاح والصواريخ، حيث تمّ استغلال حادثتين وقعتا في خربة سلم وطيرفلسيه، للبناء عليهما، لجهة استمرار المقاومة في امتلاك السلاح جنوب نهر الليطاني، في منطقة عمليات القوات الدولية بالتنسيق مع الجيش اللبناني.
ومنذ فترة وقادة العدو الإسرائيلي يحاولون تسريب معلومات عن أن عدواناً عسكرياً سيقع على لبنان، ويضعون توقيتاً له في الربيع القادم من العام 2010، وقد يمتد إلى الخريف من ذلك العام أو مطلع الشتاء، ويربطونه بما سيحصل مع إيران وملفها النووي، إذ تحرّض إسرائيل عليه وتطالب الولايات المتحدة ودول أوروبية لشن هجوم على المواقع التي يعتقد أنها تحتوي على تخصيب اليورانيوم، وإنتاج مفاعل نووي، تؤكّد طهران أنه للاستخدام السلمي وتوليد الطاقة الكهربائية، لكن ثمة إصرار أميركي-إسرائيلي على أنه للاستخدام العسكري.
وفي ظل ما يدور حول الموضوع النووي الإيراني والمفاوضات الجارية حوله، فإن إسرائيل وعلى لسان رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو يخطط لخوض حرب مع إيران و”حزب الله” في الربيع المقبل، وقد طلب بزيادة الموازنة العسكرية والأمنية، وبدأ إعداد الجبهة الداخلية لهذه الحرب، من خلال عدد من المناورات التي أجريت خلال السنوات الثلاث الماضية، والتي كانت الأولى من نوعها في الكيان الصهيوني، الذي كشف تقرير لجنة “فينوغراد” عن ثغرات كبيرة في الجبهة الداخلية ساهمت في خسارة إسرائيل للحرب على لبنان صيف 2006، لعدم تجهيز الملاجئ ورجال الدفاع المدني، مما دفع بآلاف المستوطنين للنزوح من شمال فلسطين إلى عمقها، بعد أن تساقطت صواريخ المقاومة عليها، بمعدل 400 و500 صاروخ يومياً، مما أجبر السكان على الضغط داخلياً لوقف الحرب التي استنزفت المجتمع الإسرائيلي ووضعته أمام هجرة معاكسة داخل الكيان وإلى خارجه.
وتهدد الترسانة الصاروخية التي تمتلكها المقاومة أمن إسرائيل، وباتت تشكل عامل ردع ضد أي عدوان تفكر به، وهو ما كشف عنه وزير الدفاع الإسرائيلي السابق موشيه أرينز عندما أشار الى “أن الترسانة الصاروخية التي يملكها “حزب الله” تمثل تهديداً استراتيجياً لإسرائيل ويجب على الدولة الإسرائيلية أن تقوم بخطوات لحماية مدنها من الصواريخ التي تغطي كل الأراضي الإسرائيلية، ويجب القضاء على هذا الخطر”.
وما أعلنه أرينز سبق لرئيس الكيان الصهيوني شيمون بيريز أن تحدث عن هذا التهديد، وقال إن “حزب الله” بات يملك حوالي 80 ألف صاروخ، أي أربعة أضعاف ما كان يملكه في أثناء العدوان الإسرائيلي في 12 تموز 2006، ولم يشأ الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، أن ينفي أو يؤكّد هذه المعلومات، كما يفعل دائماً، وقد تعاطى مع هذا الموضوع بكثير من الذكاء والحنكة، ولعب مع الإسرائيليين لعبة الحرب النفسية، فإذا هم تعاطوا مع المقاومة على أنها تملك هذه الكمية من الصواريخ، فسيكون أي عدوان يلجأون إليه مكلفاً جداً، إذ باستطاعة المقاومة أن تمطر الدولة العبرية بألف صاروخ يومياً، أي أنها قادرة أن تبقى حوالي ثلاثة أشهر تقصف المستوطنات والمدن الإسرائيلية، وإذا تعاطى العدو مع كمية الصواريخ وتجاهلها، فإنه يكون قد وقع في خطأ استراتيجي كبير، وفي الحالتين فإن المقاومة تكون كسبت المعركة.
وما يقلق قادة العدو السياسيين والعسكريين، هو المدى الذي تصل إليه الصواريخ التي باتت تتعدى حيفا وما بعد حيفا إلى تل أبيب وما بعد تل أبيب إلى النقب حيث المفاعل النووي الإسرائيلي (ديمونا)، الذي يشكل خطراً على الكيان الصهيوني، إذا ما وصلت إليه صواريخ المقاومة، حيث تعادل صواريخها سلاحاً نووياً بوصولها الى المواقع والمراكز الكيميائية والنووية ومحطات تكرير النفط وتوليد الطاقة، وهذا ما كشف عنه رئيس الأركان في الجيش الإسرائيلي غابي اشكينازي، عندما أشار الى أن صواريخ “حزب الله” تصل إلى عمق 360 كلم، وهو ما استعجل الولايات المتحدة الأميركية، لإجراء مناورات مع الجيش الإسرائيلي وتدريبه على تقنيات حديثة لمدة ثلاثة أسابيع لمواجهة خطر الهجوم الصاروخي سواء من “حزب الله” أو حركة “حماس” أو إيران وسوريا، وتمّ تزويد الدولة العبرية بصواريخ “باتريوت” متطورة وأخرى مضادة للصواريخ لإسقاطها عند انطلاقها من لبنان وغزة وسوريا وإيران.
فالولايات المتحدة التي تتكفل أمن إسرائيل لا تستطيع أن تقدم لها سوى الأسلحة المتطورة، لمواجهة ما باتت تمتلكه المقاومة من سلاح جديد قد يدخل الى المعركة، حيث نقلت وسائل الإعلام الصهيونية بأن الجيش الإسرائيلي يدرّب طياريه على مواجهة دفاعات المقاومة التي تمتلك صواريخ مضادة للطائرات، روسية الصنع، التي زودتها سوريا بها كما يقول قادة العدو، الذين نبّهوا القيادة الروسية من خطورة تسلل وتسرب سلاح روسي الى المقاومة، التي استخدمت قاذفاً من نوع “كورنيت” ضد الدبابات الإسرائيلية “الميركافا”، وأوقع مجزرة فيها في أثناء حرب تموز على لبنان.
فالحرب الإسرائيلية التي يعمل لها من جديد نتنياهو ووزير دفاعه إيهود باراك لاستعادة الهيبة للجيش الإسرائيلي، لن تكون هذه المرة كالحروب السابقة، ولن يستعيد الجيش الذي لا يقهر قوة ردعه، بل سيكون أمام حرب مختلفة وفق ما يقول السيد نصر الله، الذي يتوعد قادة العدو، بأن فرقهم العسكرية ستُدمر في لبنان، مهما كان عددها إذا حاولت اجتياح لبنان، وأن طائراتهم ستسقط مع طياريهم، وأن مستوطناتهم ستنال نصيبها من الصواريخ التي ستكون الرادع لضرب أهداف مدنية في لبنان.
فالربيع المقبل الذي يضع العدو موعداً لحربه المقبلة وهي الثالثة على لبنان، سيكون خريفاً عليه، كما يقول قادة المقاومة التي باتت على جهوزية تامة لمواجهة أي عدوان، إذ أعادت تدريب وتأهيل عناصرها وزيادة كفاءتهم القتالية، وتزويدهم بأسلحة متطورة ستشكل مفاجأة في المعركة، التي سيكون حسمها سريعاً لصالح المقاومة ومن الأيام الأولى إذا ما وقعت كما يقول قادتها، الذين يؤكدون على أن المستوى القتالي للمقاومة، هو في أرقى درجاته.
فالحرب التي يعد لها العدو، تستعد لها المقاومة، لكن الوضع الإسرائيلي الداخلي قد يعيقها، وأن “إسرائيل” إذا كانت تركز على الجبهة الشمالية مع لبنان، فإنها ستفاجأ بأن الجبهة الجنوبية في غزة لن تكون هادئة، كما لن يكون داخل فلسطين المحتلة مستكيناً، بل سيتحرّك في أوسع انتفاضة ستربك الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
والحرب التي يروّج قادة العدو، لم يلاقوا لها هدفاً أوعنواناً، سوى امتلاك المقاومة لترسانة كبيرة من الأسلحة والصواريخ، تهدد أمن كيانهم، وقد افتعلوا موضوع اقتيادهم للسفينة “فرانكوب”، من عرض البحر، وزعمهم أنها تنقل أسلحة لـ”حزب الله” من سوريا التي زودته بها إيران، وتبيّن أن هذه الرواية الكاذبة لا صحة لها، وهي لخلق سيناريو يبرر الحرب، وقد كشفت التقارير الأمنية والإعلامية، وكذلك الدبلوماسية، بأن إسرائيل فبركت هذه الرواية، وأظهرت أسلحة عادية جداً، ومنها للاستخدام الفردي، من أجل خلق مناخ إسرائيلي وعربي ودولي يمهد للحرب تحت شعار استمرار المقاومة في لبنان بالتسلح، خارقة القرار 1701، وقد ردّ الجيش اللبناني على الادّعاءات الإسرائيلية، بالتحقيق مع طاقم السفينة التي وصلت الى الشاطئ اللبناني، وأكّد أن حمولتها لم تكن سلاحاً أبداً.
فتفتيش إسرائيل عن ذريعة لشن حرب على لبنان مستمر، ولم توفق بعد، وهي في كل الأحوال، سواء بذريعة أو من دونها، لم تخرج من جعبتها القيام بعدوان لتعيد الثقة بجيشها.
Leave a Reply