ليس سهلا في “عالم ما بعد 11 أيلول” أن تبادر شركة عملاقة لبيع الإلكترونيات، بحجم شركة “بست باي” إلى تهنئة المسلمين بأحد أعيادهم الكبرى في دوريتها الدعائية السنوية التي تشمل ملايين المستهلكين في الولايات المتحدة وخارجها.
يعرف المسؤولون في الشركة أن مبادرتهم ستكون محفوفة بمخاطر التشهير من قبل شريحة كبرى من المتعصبين الذين يضعون المسلمين في قالب واحد عليه دمغة “الإرهاب”. لكنهم مضوا في مبادرتهم تجاه الجاليات الأميركية العربية والمسلمة اقتناعا منهم أن هذه الخطوة تعزز موقع الشركة لدى ملايين الزبائن من هذا الوسط الأميركي المتنامي، وتعكس “جوهر القيم” لدى الشركة وتكرم فروقاتهم الثقافية كما ورد على لسان مديرة الموقع الاجتماعي على الانترنت.
بالطبع لم تخص الشركة بتهنئتها المسلمين والعرب دون سواهم من الاثنيات والأديان الأخرى. فهي كانت ولا تزال تقدم التهنئة بالأعياد المسيحية واليهودية وغيرها. لكن مبادرة هذا العام حملت مقدارا من الشجاعة في الاصرار على التوجه الى مختلف الأديان والاثنيات ما يستحق التقدير والثناء.
وكما كان متوقعا فقد واجهت الشركة سلسلة من الانتقادات والضغوطات والتهديدات بالمقاطعة من قبل نشطاء وجمعيات يقودون حملات منظمة مناهضة للمسلمين. إحدى المتعصبات كتبت على الموقع الاجتماعي للشبكة “أن بامكان جميع المسلمين الذهاب والعيش في مكان آخر من العالم حيث يتم تقبلهم”. ووصفت شركة “بست باي” “بأنها كانت مجرد مزحة قبل إعلان التهنئة وباتت بعده وكأنها غير موجودة”.
لم تنحن الشركة أمام الحملات التشهيرية الشعواء ورابطت عند موقفها، في سلوك مسؤول ومترفع، متعهدة بتعميم التهنئة على كل أتباع الديانات الذين يتشكل منهم مجتمعها الاستهلاكي وفرق موظفيها.
لكن على العرب والمسلمين ألا يكتفوا بمشاهدة مسرحية التهجم على شركة “بست باي” دون أن يبدوا أي حراك لإظهار دعمهم الملموس لها من خلال كتابة الرسائل المنوهة بمبادرتها الشجاعة على الموقع الاجتماعي التابع لها ومن واجب العرب والمسلمين أيضا، أن يردوا التحية بأحسن منها، وهذا من شيم تراثهم ودينهم.
فالتعامل مع شركة “بست باي” يجب أن يتعزز وينمو، ويجب على كل عربي ومسلم أميركي أن يترجم تقدير لمبادرة الشركة عن طريق المراسلة الداعمة وتفضيلها تجاريا على نظيراتها من الشركات.
وغني عن القول أن ادارة الشركة سوف تجري جردة بمقادير الربح والخسارة المتأتية عن توجهها الى المسلمين بتهنئتهم بعيد الأضحى المبارك.
فاذا لم يبرهن العرب والمسلمون لمسؤولي الشركة أن مبادرتهم وقعت على أنفس تعرف معنى المعاملة بالمثل، فلا يمكننا أن نتوقع تكرار هذه المبادرة بسهولة في الأعوام القادمة من “بست باي” أو من أي شركة أميركية كبرى أخرى.
“صدى الوطن”
Leave a Reply