تل أبيب – في ما يشبه خطوة استباقية بامتياز أشهرت حكومة بنيامين نتنياهو، المزيد من نواياها السياسية وقررت محاصرة أي تسوية مستقبلية بدعمها مشروع قانون في الكنيست يقضي بإجراء استفتاء شعبي على أي اتفاق يشمل الانسحاب من أراض عربية محتلة. وبدا تأييد المشروع من جانب زعيم حزب العمل ايهود باراك شهادة إفلاس نهائي لمن اعتبر قبل ساعات من التصويت أنه يظهر إسرائيل في العالم “كرافضة للسلام”.
وقد أقر الكنيست مشروع القانون حول استفتاء شعبي قبل إعادة أية أراض للعرب بغالبية 68 صوتاً في مقابل 21 صوتاً، وامتناع عضو كنيست واحد عن التصويت. وكان لافتاً أن جميع وزراء الحكومة الإسرائيلية، بمن فيهم من يدّعون الاعتدال، مثل دان ميريدور صوتوا في الكنيست إلى جانب القرار. وفي ختام التصويت أعلن رئيس الكنيست رؤوفين ريفلين نقل مشروع القانون إلى لجنة الدستور لمواصلة البحث فيه تمهيدا لعرضه لاحقا للقراءتين الثانية والأخيرة. وفور انتهاء التصويت عقد نتنياهو اجتماعاً لأعضاء الكنيست من حزبه أعلن فيه “إننا نخوض صراعاً دائماً على كل خريطة إسرائيل”.
وبدا غريباً كيف أن أعضاء الحكومة ممن كانوا يعارضون هذا المشروع صوتوا إلى جانبه في الكنيست. وكانت المعارضة في الحكومة قبل أيام مبدئية، لناحية أن قانون الاستفتاء الشعبي يخل بأنماط العمل البرلماني ويحرم الحكومة حقها في إبرام اتفاقيات وعرضها على الكنيست. ويبدو أن حكومة نتنياهو، التي تعاني اليوم مصاعب جمة مع جمهورها اليميني في أعقاب قرار تجميد البناء المؤقت والجزئي، تحاول تنفيس الاحتقان عبر جملة من الإجراءات كان تمرير القانون أحدها. ومن المعروف أن نتنياهو أعلن أن المستوطنات المعزولة، الواقعة خارج الكتل الاستيطانية، ستنال “مكانة أفضلية” وبالتالي دعماً أثناء فترة تجميد البناء.
وسبق لباراك أن أعلن أن “القانون المقترح لا حاجة إليه لسببين: إنه يضع قيوداً لا حاجة لها على رئيس الحكومة في إدارته للمفاوضات مع سوريا ويخلق انطباعاً مضللاً بأن إسرائيل ترفض السلام”. وشدد باراك على أن هذه “مسـألة دستورية معقدة تتناقض بشكل ما مع بنية النظام البرلماني، ولذلك كان يجدر في حال أردنا ذلك أن تسن ضمن قانون أساس يسري على جوانب أخرى”. ولكن ذلك لم يمنعه وأعضاء حزبه من رفع أيديهم في الكنيست تأييداً للقانون.
وحاولت جهات يمينية عديدة منذ سنوات سن مثل هذا القانون، إلا أن حكومات إسرائيل المتعاقبة كانت تفشل هذا المسعى. وكانت آخر مرة في عهد إيهود أولمرت الذي رأى في الأمر محاولة لتقييد رئيس الحكومة وأفشل مخططات الداعين لتمريره.
غير أن نظرة على من صوتوا إلى جانب القرار تظهر أن هناك تأييداً له في أوساط جميع أحزاب الائتلاف (الليكود، العمل، إسرائيل بيتنا، شاس، الاتحاد القومي، البيت اليهودي)، وحتى في حزب “كديما” المعارض. ومع ذلك كان هناك في “كديما” وحزب العمل من عارض القانون. وقد صوتت زعيمة كديما تسيبي ليفني ضد القانون معتبرة أن “الحكومة تنتخب من أجل أن تتخذ القرارات وليس من أجل أن تعيدها إلى الشعب”.
Leave a Reply