إذا كان هناك شيء واحد ينبغي أن يتأكد الوالدان منه فهو هذا: إن أولادكم دائما يقتفون آثار خطاكم، سواء علمتم هذا أم لم تعلموا، سواء أحببتم ذلك أو لم تحبوه.
إن أولادنا يراقبون ما نفعله أكثر مما نقوله، فإذا رأى أولادنا أننا نضع ثقتنا بالله، فإنهم سينشأون وهم يضعون ثقتهم بالله. وإذا رأى أولادنا أننا قانعون وشاكرون من أجل نعمته، وإذا سمعنا أولادنا ونحن نقول الحق كل الوقت، فإنهم سينشأون وهم يقولون الصدق كل الوقت وإذا رآنا أولادنا نقول نفس الشيء أو نفس القول للناس في مواجهتهم كما نقوله خلف ظهورهم، فإنهم سيكبرون ويفعلون الشيء ذاته.
السلوك مثل العادات، تتوارثها الأجيال جيلاً بعد آخر. أحيانا لا يمتّ بالضرورة بصلة إلى علم الوراثة لأن الأبناء والأحفاد يراقبون آباءهم وأجدادهم وإن ما يرونه من سلوك وتصرفات يكون أكثر تأثيرا عليهم مما يسمعونه منهم.
بعد أن اغتيل الرئيس ابراهام لينكولن استدعت أرملته “المستر باركر” الذي كان رئيس حرس الرئيس إلى غرفتها، وقالت له: لماذا لم تكن موجودا عند الباب فلا تسمح للقاتل بالدخول إلى مقصورة الرئيس؟ فأجاب المستر باركر ورأسه منحنية إلى أسفل: لقد تبت عما فعلت بكل أسف ومرارة، ولكني لم أتوقع أبدا أن هناك أي شخص يمكن أن يقتل مثل هذا الرجل الطيب والعظيم وفي مكان عام كهذا. لقد جعلني هذا الاعتقاد مهملا، فقد كنت منجذبا إلى المسرحية التي اشاهدها ولم أرَ القاتل وهو يدخل المقصورة. أجابت أرملة الرئيس آبراهام لينكولن: كان يجب عليك أن تراه، لا عذر يمكن أن يجعلك مهملا.
بكل مرارة قالت أرملة الرئيس هذا الكلام وهي ترتمي على وسادتها وتغطي وجهها بيديها وتقول من عمق عواطفها وهي تبكي قائلة له: اذهب الآن.. لست أنت الذي لا أستطيع أن أغفر له، إن الذي لا أستطيع أن أغفر له هو القاتل.
الابن الشاب للرئيس لنكولن وكان اسمه تيد، كان قد قضى تلك الليلة التعيسة أسفل مكتب أبيه في غرفة المكتب. وبعد أن أنصت إلى تلك المحادثة بين أمه والحارس الخاص لأبيه. سُمِع الابن وهو يقول: لو كان أبي مايزال حياً لغفر لذلك الرجل الذي قتله. إن أبي كان يغفر لكل إنسان. والحقيقة، إن الذي حدث هو أن هذا الشاب الصغير كان يراقب أباه ويلاحظه، ومن ثم عرف وأدرك أن والده كان رجلا مسامحاً وغافراً للجميع.
إذا أردنا أو لم نرد، فإن الميراث الحقيقي الذي نعيطه لأولادنا ليس هو المال أو الممتلكات المادية. ليس هو الهيبة والاحترام أو الشهرة. إن ما سوف نتركه لأولادنا هو العمل الصالح وميراث التقوى والسير في محبة الله وتقواه والاسلوب الراقي للعيش. هذا هو الميراث الحقيقي.
كان رجل وابنه يتسلقان أحد الجبال. وصلا إلى منطقة وعرة صعبة التسلق وخطرة، فطلب الأب من ابنه المكوث في مكانه ريثما يتحقق بنفسه من تضاريس المكان، وعندما كان الأب في أخطر نقطة من الطريق الغادر، سمع ابنه يقول له: اختر يا أبي أفضل ممر في الطريق فإني أسير وراءك تماما.
خلاصة القول، إن الأبناء لا يراقبون الآباء وحسب، بل إنهم في معظم الحالات يقتفون خطواتهم ويقلدونهم.
“ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والديّ وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي أني تبت إليك”. صدق الله العظيم
Leave a Reply