نيويورك – قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأسبوع الماضي ان القلق والغضب يتناميان في قلب مجتمع المسلمين الأميركيين بسبب ممارسات مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي)، حتى أن التحالف الوطني للمنظمات الاسلامية حذر في آذار (مارس) الماضي من وقف التعاون مع “أف بي أي” ما لم توقف اختراق المساجد بعملاء سريين للايقاع بالشباب المسلم الذي لا يثير الشك.
وقال التقرير أن أحد رجال الدين في منطقة باي ريدج في بروكلين قاضى السلطات في أيلول (سبتمبر) الماضي بدعوى أن “أف بي أي” هدد باعاقة طلبه للحصول على بطاقة الاقامة (غرين كارد) ما لم يوافق على التجسس على أقاربه بالخارج، وهي المزاعم التي تكررت في قضايا مشابهة في كاليفورنيا وفلوريدا وماساتشوستس.
وبعد اتهام امام من منطقة كوينز في نيويورك الشهر الماضي بمساعدة ما وصفته السلطات بـ”مؤامرة لصنع قنبلة”، بدأت مجموعة من مسلمي جنوب آسيا في جمع بيانات حول الشكاوى من المضايقات التي يتعرضون اليها من محققي مكافحة الارهاب.
ويوضح التقرير ان الـ”أف بي أي” والقيادات العربية والاسلامية الأميركية داخل الولايات المتحدة يتعاونون لبناء علاقة ثقة وتبادل للمعلومات منذ هجمات “11سبتمبر”، وذلك بهدف محاربة الارهاب وحماية مصالح المساجد والمجتمعات الاسلامية. غير أن هذه العلاقات تدهورت كثيراً في الآونة الأخيرة، حسب قول القيادات الاسلامية الأميركية، وذلك بعد الكشف عن عدة قضايا قام فيها مخبرون بالتوغل داخل المساجد، وساعدوا في وضع مؤامرات ارهابية. ومن ثم، فقد انتشر الشعور بالخوف بين المسلمين من أن جواسيس الأجهزة الفيدرالية منتشرون في كل مكان ويستمعون اليهم. وتقول انغريد ماتسون، رئيس “الجمعية الاسلامية لشمال أميركا”، “هناك شعور بأن سلطات تطبيق القانون تنظر الى مجتمعاتنا بعين الشك، وليس على أننا شركاء. والعديد من المسلمين منزعجون للغاية من ذلك”. في الوقت نفسه، فقد أثارت المؤامرات الأخيرة – بداية بمؤامرة نجيب الله زازي المزعومة ونهاية بحادث اطلاق النار في فورت هود على يد الميجور (الرائد) نضال مالك حسن – المخاوف الأميركية من الارهاب الداخلي.
وقد تعهد قادة المسلمون بمضاعفة الجهود لمكافحة التطرف بين صفوفهم، ولكن هذا لا ينفي خوفهم من أثر تلك الاضطرابات على الأغلبية العظمى من المسلمين الأبرياء. فقد ألغى العديد من المسلمين رحلاتهم الى الخارج خوفاً من اثارة الشكوك، وأصبح لديهم حذر في الحديث، بل وترك ذلك أثره على الجمعيات الخيرية الاسلامية التي أصبحت تفتقد المتطوعين.
من ناحية أخرى، يحذر خبراء تطبيق القانون من عواقب المغالاة في مراقبة المسلمين، والذي قد يهدد بضياع نظام الانذار المبكر الحاسم في مواجهة الارهاب الداخلي. فيقول ديفيد شانزر، رئيس مركز “ترايانغل” لشؤون الارهاب والأمن الداخلي في جامعة “ديوك”، “انها قضية أمن داخلي. ومن الضروري أن تتعاون المباحث الفيدرالية مع مجتمع المسلمين الأميركيين”. ويشير التقرير الى أن الحفاظ على العلاقة بين الاثنين كان تحدياً، حتى حينما كانت الأوضاع أفضل من ذلك، لاسيما وأن عملاء مكافحة الارهاب يعملون على مستويات عدة لنشر المخبرين بين صفوف المسلمين.
من جهتها، دافعت السلطات الفيدرالية عن سياساتها، قائلة انه لابد من تتبع المشتبه به أينما ذهب. وأضاف بول بريسون، المتحدث باسم “أف بي أي”، ان المكتب لا يتعقب جماعات بعينها بسبب دينها أو لونها، وانهم يحققون مع الأشخاص – وليس الأماكن – حينما تتوافر أدلة على أنهم يمثلون خطراً على الأمن القومي. ولكن هذا لا ينفي قيام وزارة العدل مؤخراً بـ”تخفيف القيود” على رجال الـ”أف بي أي” لتسهيل عملهم في تحقيقات الارهاب، والتي بموجبها أصبح من السهل عليهم زرع مخبرين داخل المساجد ووضع الدين واللون في الاعتبار أثناء تعقب الأهداف، طالما لم تكن الاعتبارات الوحيدة التي يقوم عليها التعقب.
Leave a Reply