نيويورك – خاص “صدى الوطن”
على الرغم من أنها تعلمت الغناء على يديّ أمها، وهي طفلة في الرابعة من العمر، إلا أن الفنانة غيدا لم تحترف الغناء إلا بعد مرور زمن طويل، بسبب ممانعة الأسرة الدمشقية التي كانت تنظر إلى حياة الفنانين بعين الريبة والشك.
تربت غيدا على أغاني فيروز، التي كانت تعشقها الأم، ومنذ تلك اللحظة أصبح الغناء والموسيقى جزءين من حياة غيدا، التي اعتادت فيما بعد على الغناء في حفلات المدراس والسهرات التي تجمع الأصدقاء والأقارب.
عندما انتقلت غيدا في العام 1993 للعيش في الولايات المتحدة، انتسبت إلى جامعة “وين ستايت” لمتابعة دراستها في “البيولوجيا”، ووجدت الفرصة سانحة لدراسة الموسيقى والغناء في الجامعة ذاتها، فتابعت دروساً في الفن والتاريخ والتأليف الموسيقى، إضافة إلى دروس أخرى مثل العزف على البيانو، والتمارين السماعية، وتدريبات الصوت.
وكانت في الوقت نفسه تمارس الغناء كهواية، وفي إحدى المرات، قصدت مع بعض الأصدقاء مطعماً عربياً فطلب منها الأصدقاء أن تغني، فغنت لهم أغان فيروزية. أعجب صاحب المطعم بصوتها وطلب منها أن تغني في المطعم نهايات الأسبوع.
تركت غيدا دراسة الموسيقى والغناء في الجامعة بسبب انتقاد أحد أساتذتها المتكرر، إذ كانت غيدا تقوم دائماً بإضافة لمسات شرقية في أدائها للأغنيات الغربية. “أحسست أن ذلك قد يضر بصوتي، فقررت ترك الدراسة”. تقول غيدا.
خلال دراستها الموسيقية تعرفت غيدا إلى بعض الموسيقيين الغربيين الذين عرفوها على أنواع موسيقية غربية، مثل الجاز والبلوز والروك، فأعجبت بتلك الموسيقى. واستضافها البعض لترتجل ألحاناً صوتية على خلفية أغنياتهم، واشتركت مع فرقة Immigrant Sons المعروفة عالمياً، وسجلت معهم في ألبومهم More Than Food.
وفيما بعد، تعرفت غيدا على بعض الموسيقيين والفنانين المهتمين بالموسيقى العربية، في أحد النوادي الثقافية (نادي علوان)، مثل أمير الصفار، ظافر الطويل، جوني فرح، وطارق البوشي، فوجدت غيدا فيهم ضالتها وفرصتها لغناء الأغنيات الأحب إلى قلبها كأغنيات أم كلثوم وفيروز.
وعلى الرغم من الفرق الكبير بين صوتيْ أم كلثوم وفيروز، إلا أن غيدا كانت قادرة على الانتقال بصوتها بين هذين الصوتين الأكثر انتشاراً في العالم العربي، بسبب امتلاكها لصوت مميز ذي خامة واسعة من المساحات والعُرَب الصوتية. وقد وصف الموسيقي أمير الصفار صوت غيدا بالقول: “إنه صوت يمتاز بمساحة واسعة، ويتنوع بين القوة والرقة، والرخامة الأم كلثومية والحنو الفيروزي، وهذا ما يمكن صوتها من الوصول إلى قلب المستمع مباشرة”.
لا تقتصر موهبة غيدا على الغناء فقط، بل تتعداها إلى كتابة الأغاني والتلحين والتوزيع الموسيقي. ولها طريقتها الخاصة في الكتابة والتلحين فهي لا تجلس وتجرب على آلة موسيقية، بل تقوم بالكتابة والتلحين في الوقت ذاته، بالدندنة، ودائماً ما تكون تأتي أغانيها بعد تجارب شخصية حياتية، أغانٍ من لحم ودم، قادرة على العيش خارج الإسطوانات الليزرية، خاصة وأن غيدا تستلهم موسيقاها من التراث العربي الموسيقي عموماً، والتراث السوري بشكل خاص، بألحان مترعة بالعاطفة والتأمل. وبهذا استطاعت غيدا أن تؤسس لحضور صوتي خاص ومميز، لا يسعى إلى مشابهة احد أو إلى تقليد الأصوات التي تستسهل الفن والتي تنتشر كالطحالب هذه الأيام.
انتظرت غيدا وقتاً طويلاً قبل أن تصدر ألبومها الأول Levantine Indulgence، احتراماً لرغبة أهلها، ولأبيها الذات، الذي كان على الرغم من إعجابه بصوتها، غير موافق على دخولها عالم الغناء. لكن الأمر تغير.. حين زار الأب ابنته في أميركا وحضر إحدى أمسياتها الغنائية. بعد الأمسية، احتضن الأب ابنته الفنانة، وأعطاها مباركته، وهمس في أذنيها جملة واحدة: “أنا فخور بك”.
صدر الألبوم في العام 2008، وسوف يتم تسويقه قريباً، وهو يتضمن تسع أغنيات، منها: حلم، عمار، أقلك شي، سلام من دمشق، غايب، بنت البلد. ولمزيد من المعلومات يمكن الاطلاع على الموقع الإلكتروني الخاص بالفنانة غيدا، كما يمكن شراء الألبوم من نفس الموقع: www.gaidamusic.com
لـ”غيدا” أيضاً مشاركات في بعض الأفلام الأميركية، مثل فيلم “جيمي كارتر: رجل من السهول”، للمخرج جوناثان ديم، وذلك بالمشاركة مع المغنيين جيليان ولش واليخاندرو أسكوفيدو. ومع نفس المخرج شاركت في الفيلم “رايتشل تتزوج” مع الفنان روبن هيتشكوك، كما شاركت في الفيلم الوثائقي: “السبت الأول من أيار”، للأخوين هنيغان.
ووصفت مجلة “تايم أوت نيويورك” غيدا بأنها الفنانة التي “تضع قدماً ثابتةً في الموسيقى العربية الأصلية، وتستحضر رومانسية أساطين الغناء العربي مثل أم كلثوم ووردة الجزائرية، ولكن أسلوبها في الغناء وخبرة فرقتها الموسيقية يمكنانها من تقديم فن فريد من نوعه”.
Leave a Reply