رغم امتلاكهم نسبة كبيرة من المصالح التجارية الصغيرة
ديربورن – خاص “صدى الوطن”
بعد إقرار الحكومة الأميركية صفقة التحفيز الاقتصادي البالغة قيمتها 787 مليار دولار قبل حوالي السنة، أمل صاحب ملحمة الأمانة على شارع “وورن” نصر موسى أن يكون بإمكانه الاستفادة من أموال المنح الحكومية لتوسيع المبنى الذي يضم الملحمة، فتقدم بطلب للحصول على قرض بقيمة 30 ألف دولار من “إدارة الأعمال الصغيرة” وفي ذهنه أن توسعة المبنى تتيح له توظيف ما بين 15 إلى 20 عاملاً جديدا.
ويقول موسى إنه تقدم بطلب القرض بعيد إقرار صفقة التحفيز ومنذ 30 أيار 2009 لاتزال “ملحمة الأمانة” مدرجة على لائحة المؤهلين للحصول على قيمة القرض الكاملة، لكنه حتى اللحظة لم يتلق بنسا واحدا.
“أكاد أنسى الموضوع برمته” يقول موسى. ويضيف “لقد قدمت “لإدارة الأعمال الصغيرة” كل المعلومات التي طلبتها، غير أن متطلباتهم انتهت الى أن تكون عملية مكلفة جدا. لقد أدركت أخيرا أن علي أن أنفق أكثر بكثير لأجل الحصول على القرض. ثم فكرت: لعلهم لا يريدون منحي هذا القرض، فقد استكملت كل الوثائق المطلوبة، وقدمت لهم المنافع المتأتية من هذا المشروع”.
ويضيف موسى “أعطيتهم كل شيء، لكنهم شرعوا بتوجيه أسئلة اشتبهت أنهم من خلالها يحاولون التراجع عن إقرار القرض. ووجدت نفسي أمام معادلة صعبة: أنا أريد المال وهم يريدون مني صرف المزيد من المال، يريدونني أن أوظف مهندسين وشركات لإجراء التخمينات الإضافية”.
ويعكس إحباط موسى مشاعر العديد من أصحاب المصالح التجارية الصغيرة الذين يشتكون من عدم لمسهم لأية آثار لصفقة التحفيز الفدرالية التي أقرت بموجب “قانون التعافي لإعادة الاستثمار” في 17 شباط (فبراير) من العام 2009.
ثمة إحصائية تفيد بأن 19 بالمئة من العرب الأميركيين في منطقة ديترويت يمتلكون مصالح تجارية، مقارنة مع ما نسبته 14 بالمئة من إجمالي السكان في هذه المنطقة.
يقول أستاذ العلوم السياسية البروفيسور رونالد ستوكتون أحد مسؤولي فريق العمل الذي أشرف على الاحصائية إن التنوع الإجمالي الكبير القائم يجعل من الصعب التقدير فيما اذا كان العرب الأميركيون في موقع اقتصادي لا يخولهم الحصول على أموال التحفيز الفدرالية.
فبعض رجال الأعمال العرب الأميركيين هم في عداد رجال الأعمال الأكثر قوة وفعالية في هذه المنطقة من حيث معرفتهم بأساليب وكيفية عمل النظام المالي الأميركي.
ويضيف “غير أن آخرين هم أقل حجما (من العرب الأميركيين) يفتقرون الى تلك الفعالية وقد يكونون غير قادرين على الاستجابة لكل متطلبات الحصول على الأموال الفدرالية”.
ويقول رئيس غرفة التجارية الكلدانية الأميركية (مقرها مدينة ساوثفيلد) إنه لم يسمع عن عقد واحد من أموال التحفيز تم منحه إلى رجل أعمال كلداني أميركي.
أحد رجال الأعمال العرب الأميركيين ممن نال على الأقل موافقة شفوية على قرض كبير من “إدارة الأعمال الصغيرة” يقول إن العملية يجب أن تكون أكثر بساطة، لتسهيل الأمر على أصحاب المصالح الصغيرة الذين يفتقرون الى الموارد الكافية لاستشكاف الفرص المتاحة.
ويصف طارق داود صاحب معرض “آل لونغ فاميلي أوتوسنتر” عملية التقدم للحصول على القروض الفدرالية بـ”الطويلة والبطيئة” ويضيف “أعتقد أن هذه العملية يجب أن تكون أقل تعقيدا ومعقولة بالحد الأدنى”.
وتقدم داود بطلب الحصول على قرض بمليوني دولار لتوسعة مشروعه التجاري وبالتالي إمكانية خلق عشرات الفرص واستعادة بعض الوظائف التي افتقدها سوق العمل جراء الأزمة المالية الاقتصادية القائمة.
ويشرح داود “لقد حصلنا على الموافقة على طلب القرض، لكننا لم نحصل على المال حتى الآن. وقد مضى على نيلنا الموافقة شهران، غير أن المصارف لم تبادر الى الصرف”.
ومن جهتها تستمر هذه المصارف في نهجها بالامتناع عن الإقراض رغم الدعم المالي الحكومي الهائل الذي تتلقاه، مما يؤدي الى نشر أجواء المرارة والاحباط في أوساط أصحاب الأعمال الصغيرة الذين يكافحون من أجل النمو وإعادة تنشيط الدورة الانتاجية لمصالحهم التجارية. ويوضح داود “في الماضي كان بامكاننا الحصول على قروض بملايين الدولارات بلا أية عوائق. لكن الأمور تغيرت كثيرا. وانا أدرك بأننا نمر بازمة اقتصادية وبأن عمل المصارف صار مختلفا عن الماضي، لكن الحاجة الى القروض لاتزال قائمة من اجل الاستمرار في إدارة المصالح الصغيرة وخصوصا على صعيد خلق فرص عمل جديدة لدفع عجلة الاقتصاد مجددا”.
مؤسسة ورئيسة “مجلس السيدات العربيات الأميركيات للأعمال” جمانة جودي تقول “إن الصعوبات في الإقراض تسهم في هذه الحلقة المفرغة من الأخبار السيئة عن أوضاع المصالح الصغيرة”.
وتشرح جودي: “المصارف لاتزال تمتنع عن الإقراض كما نتوقع، وأصحاب المصالح الصغيرة، يتأذون من جراء هذا الامتناع. وأنا اعرف بأن “إدارة المصالح الصغيرة” لم تمنح قرضا واحدا من أموال التحفيز الفدرالية، وهذا أمر يبعث على الأسف”، لكن جودي تعلق: “لا يمكننا توقع أن تغامر المصارف بالإقراض في هذا الوضع الاقتصادي السيء (..) ليس من الضروري أن ألوم أصحاب المصارف. ونحن كمجتمع أصحاب مصالح نتوقع من المصارف أن تقدم على الإقراض خلافا لأي منطق متعارف عليه، وهم إذا كانوا سيقرضون اعتمادا على مسؤولياتهم المدنية فإنهم لن يكونوا في هذا الموقع أساسا”.
خلال زيارته إلى مدينة ديترويت في شهر تشرين أول (أكتوبر) من العام الماضي أعلن وزير التجارة الأميركي غاري لوك أن افتتاح مكتب الاتصال التابع للوزارة في منطقة ديترويت كان يهدف الى المساعدة في عملية التواصل بين برامج الوزارة وأصحاب الأعمال.
وكان لوك قد اجتمع خلال زيارته مع فعاليات اقتصادية عربية أميركية واستمع الى شكاويهم وشكوكهم حول الاستفادة من الأموال الفدرالية، وأبلغهم أن المكتب بإمكانه مساعدتهم في مجال بعض البرامج التي تشرف عليها الوزارة.
ويقع المكتب في مدينة بليموث وهي إحدى الضواحي الغربية في مقاطعة وين، وتتميز بالقليل من التنوع السكاني.
وليس من الواضح فيما إذا كان المكتب المنشأ قادرا على توفير التوجيه أو التواصل المناسبين في السعي من أجل الحصول على فوائد برامج التحفيز المالية. وقد تم توجيه عدة استفسارت خلال الأسابيع الماضية من قبل الناطق باسم وزارة التجارة وناطقين باسم البيت الأبيض الى المشرفين على عمل المكتب، لكن دون الحصول على أجوبة حتى الآن.
وتلقي جمانة جودي بعض اللوم في نقص الادراك في أوساط أصحاب الأعمال على سلطات الولاية لقيامها باستخدامها اجزاء كبيرة من الأموال الفدرالية لسد العجز في ميزانيتها وفي ميزانيات بعض القطاعات المدرسية.
غير أن بيث بنجامين مدير مكتب ميشيغن الذي يشرف على أموال التحفيز قال إن تلك الأموال كانت في الواقع مخصصة لتلك الغاية وبأن التعامل مع أزمة الميزانية جنب الولاية الآثار السلبية الأكبر المترتبة على حالة الركود الاقتصادي.
ونال القطاع المدرسي في مدينة ديربورن الذي يشكل الطلبة العرب 40-50 بالمئة من مجموع طلابه، الضربة الأسوأ جراء الاقتطاعات في الإنفاق على المساعدات المدرسية، مما أدى إلى إيقاف أكثر من مئة مدرس ومدرسة عن العمل واضطرار القطاع الى اجراء عملية دمج صفوف قاسية الأسبوع المنصرم.
وذهبت حوالي ربع أموال التحفيز الفدرالية المخصصة للولاية نحو اعفاءات ضريبية تهدف الى اعطاء دفعات صغيرة لمعدلات الأجور.
وأعلن البيت الأبيض في 30 كانون ثاني (يناير) الماضي أن ما يقرب من 600 ألف وظيفة جرى تحويلها من أموال التحفيز الفدرالية في الربع الأخير من العام 2009. وأعلنت الحكومة الأميركية أن 20,140 وظيفة من بين تلك الوظائف كانت موجودة في ولاية ميشيغن التي تعاني من أعلى معدل للبطالة على الصعيد الوطني يبلغ 14,6 بالمئة. وأعلن نائب الرئيس جوزيف بايدن أن قانون التعافي الاقتصادي يسير على طريق خلق أو إنقاذ نحو 3,5 مليون وظيفة على الصعيد الأميركي مع نهاية العام 2010.
ونالت شركة واحدة على الأقل مملوكة لعرب أميركيين عقدا بعدة ملايين من الدولارات من أموال التحفيز الفدرالية. فقد تم منح شركة “غفري وشركاه” للهندسة المعمارية التي يملكها رجل الأعمال اللبناني الأصل وسفير الولايات المتحدة السابق لدى سلوفينيا، عقدا للمساعدة في تحديث مبان فدرالية.
غير أن رجل الأعمال العربي الأميركي إد ديب رئيس “جمعية ميشيغن لأصحاب المصالح والمهنيين” ورئيس جمعية ميشيغن للأطعمة والأشربة قال “إن العقود التي تنالها الشركة الكبيرة ليس لها التأثير ذاته الذي تحدثه الأعمال الصغيرة في معالجة التصدعات المجتمعية”. وأضاف “الغفري رجل طيب وهو عربي أميركي إلا أن شركته كبيرة”، وتابع “إن المصارف لا تقوم بقرض الأموال التي تحصل عليها من الحكومة الى الأعمال الصغيرة، فهم إما يحتفظون بها أو يقومون بإقراضها الى الشركات الكبرى”. ولدى “إدارة الأعمال الصغيرة” تمثيل في مكاتب ديب الذي يوضح “إننا لم نرَ أي تبادل للأموال فهنالك أناس تقدموا بطلبات غير أنهم ساخطون لعدم حصولهم على أي شي لأن هنالك الكثير من الخطوط الحمراء”.
ويوم الأربعاء الماضي أعلنت وزارة الخزانة الأميركية عن برنامج منفصل لا يحتاج الى موافقة الكونغرس الأميركي سيجري بموجبه استخدام ما بين 500 مليون الى مليار دولار من أموال “برنامج الأرصدة الفاسدة” لتحريك عملية إقراض الأعمال الصغيرة في المناطق ذات المداخيل المتدنية.
Leave a Reply