شهدت القضية الفلسطينية الاسبوع الماضي تقدما “ملموساً” باعلان الرئيس محمود عباس موافقته على بدء مفاوضات غير مباشرة مع اسرائيل، حملها الموفد الاميركي ديفيد هيل من رام الله الى واشنطن، ليبشر بها رئيسه باراك اوباما الذي احبطته على مدار عام ازمة اقتصادية داخلية كأداء، وازمات سياسية عالمية هائلة، يود على وقعها لو انه ظل استاذا جامعيا ولم تطأ قدماه عتبة البيت الابيض.
المفاوضات غير المباشرة هذه، جاءت ثمرة جهود بذلها المبعوث الاميركي الخاص للشرق الاوسط جورج ميتشل، ومن ورائه وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون وأوباما نفسه، جميعهم مارسوا ضغوطا على رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي اصدر قرارا قبل بضعة اسابيع نص على تجميد الاستيطان في الاراضي المحتلة عشرة شهور، كأنه بذلك لبى شرطا فلسطينيا لاستئناف المفاوضات، والتي كان اوقفها الجانب الفلسطيني اثر الحرب الأخيرة على غزة.
المفاوضات غير المباشرة حددت مدتها بثلاثة اشهر، يصار بعدها الى الدخول في مفاوضات مباشرة للوقوف على حل نهائي للمسائل الشائكة في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، وهي القدس واللاجئين والحدود والدولة و المياه.
يقول مراقبون ان اسرئيل ابعد ما تكون عن الحاجة للبدء ببحث أمور جوهرية كهذه مع الفلسطينيين، وان القيادة الصهيونية منشغلة هذه الاثناء في امور اكثر اهمية والحاحاً، من بينها الترسانة العسكرية لـ”حزب الله” والذي يمتلك اربعين الف صاروخ جميعها قادرة على الوصول لمدن اسرائيلية، في حال نشوب حرب اقليمية او ضربة اميركية توجه لإيران، وكلاهما تسعى اليهما اسرائيل وتحضر نفسها للمواجهة.
هي اسرائيل كذلك دائما منذ ولادة كيانها، لا ترى من الكأس الا الجزء الفارغ منه، فهي لا يكفيها ولا يلبي حاجتها الامنية ان تربطها معاهدات صلح مع مصر والاردن، وعلاقات تجارية مع الامارات وقطر والمغرب وموريتانيا، واتفاقات مبرمة مع منظمة التحرير,وقبول غير متوج في انحاء العالم العربي، يزعجها وجود بؤرة ضوء قادمة من غزة او الجنوب اللبناني او حتى من ايران التي تبعد آلاف الاميال، تريد اطفاء أي جذوة للمقاومة، بكلمات اخرى تريد من 400 مليون عربي ومليار ونصف من المسلمين ان يكونوا مناصرين للدولة اليهودية.
يخشى الفلسطينيون ومن ورائهم العرب ان يكون سيناريو المفاوضات غير المباشرة الذي اقترحه نتنياهو وقبل به عباس، مجرد ستار دخان لما يدور في اروقة الموساد وأركان الجيش الاسرائيلي، الهدف منه شراء الوقت في التحضير لحرب اقليمية تود اسرائيل اشعالها في المنطقة يكون الهدف منها اجتثاث المقاومة في غزة واعادة القطاع الى حظيرة دولة فلسطينية مرتقبة تبدأ مفاوضات غير مباشرة بشانها منتصف آذار (مارس) القادم، أو تدمير صواريخ المقاومة في لبنان، قبيل ضربة أميركية ضد ايران النووية، وفي كل الاحوال يظل زمام المبادرة يمسك به الاسرائيليون دون سواهم فما من حرب اندلعت في الشرط الاوسط منذ ستين عاما الا وكانت البادئة فيها هي اسرائيل.
Leave a Reply