أمّ الزعيم الليبي صلاة الجماعة التي شارك فيها عشرات الآلاف من بينهم رؤوساء دول ومسؤولون من مختلف بلدان العالم الاسلامي في مدينة بنغازي، بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف.
ليس الغريب إمامة القذافي صلاة بهذا الحجم وبعظمة المناسبة فالرجل هو “الحاكم بأمر الله” الليبي، وفي بلاده لا إمام بعده ولا قبله.
الجديد هو إعلانه في الخطبة التي ألقاها بعد الصلاة عن الجهاد ضد “سويسرا الفاجرة الكافرة”.
“لو أن سويسرا بجوار ليبيا لشنينا عليها الحرب لأنها دولة معادية للإسلام وعدوة لله ويجب مقاتلتها” قال القذافي، لا فض فوه..
وللمرء أن يحمد الله أن سويسرا لا تحاذي الجماهيرية العظمى، هكذا وفرت علينا الجغرافيا حربا ضد الدولة الوحيدة المحايدة، على وجه هذا الكوكب.
لم يكتف “الإمام الليبي” بإعلان الجهاد، بل أصدر فتوى لم يسبقه اليها غلاة المفتين في ديار الإسلام: “أي مسلم في أي مكان من العالم يتعامل مع سويسرا هو كافر وضد الإسلام، وضد النبي، وضد الله، وضد القرآن”.
هي فتوى تكفر الأغلبية الساحقة من المسلمين خصوصا “أولي الأمر” من أصحاب الحسابات المصرفية في البلد الأوروبي الذي وفر على مدى أكثر من سبعة عقود ملاذا آمنا لحساباتهم المصرفية السرية، ولايزال.
القذافي نفسه لم يقطع صلاته ببلد الكانتونات المتعايشة بسلام إلا بعد حادثة اعتقال نجله “هنيبعل” في أحد الفنادق السويسرية بعد اعتدائه على مخدومته التي لجأت الى الشرطة طلبا للعدالة.
هذا زعيم عربي يعلن “الجهاد” ضد دولة أوروبية “أساءت” معاملة نجله. الغريب أن أيا من فقهاء الأمة لم ينبر لتوضيح فتوى القذافي أو تفنيدها لإنارة الدرب أمام مليار و300 مليون مسلم باتوا من “الكفار” في تصنيف الزعيم الليبي.
ظل القذافي يتقلب في العقد الأخير بين “الممانعة” و”المطاوعة” وهو الذي باع كل إرثه “الثوري” بسلامة نظامه بعد سقوط صدام حسين، ووجه دعوة “كريمة” إلى الإدارة الأميركية السابقة لكي ترسل خبراء وكالة الطاقة الذرية لتفكيك برنامجه النووي ولفكفكة عقده خوفه من مصير مشابه لمصير صدام.
جميل أن “يتمرجل” زعيم عربي في هذا الزمن الرديء ويستعرض عضلاته “الجهادية”. لكن أن تتوجه هذه المرجلة نحو “المسكينة” سويسرا بحجة أنها تهدم المآذن. وينسى القذافي سائر أوروبا، خصوصا مستعمره الإيطالي القديم وبرلسكونه شديد التعاطف مع “الحقوق اليهودية” في مقدسات المسلمين في القدس السليب فهذه قمة المهزلة “الجهادية” التي يمثل القذافي فصولها المسرحية هذه الأيام.
Leave a Reply