أحد فرسان “زوبعة الخريف” انفجر في وجهي فجأة وهو يقول: “يوشك اليأس أن يقتحم شغاف عقلي” بعد أن حار في فهم الكثير من التصرفات وهي تأخذ البعض، في المسالك الوعرة وتحاول أن تجرنا وراءها الى المنزلقات المحذورة. واستطرد قائلا: “.. ومما يضاعف العجب هو تكرار الظاهرة ذاتها رغم اختلاف الأشخاص”، وكأن الناس لايتعلمون أو لايريدون أن يتعلموا من الأخطاء التي عرفوا بوقوع الأغيار فيها في ذات الأسبوع أو الشهر، الأمر الذي لا يمكن معه التسليم بأن كل هذه التصرفات والسلوكيات بريئة تماما ودائما: وبعد أن أنهى صديقي محاضرته الصاخبة، تصنعت الاهتمام بالموقف، لاظهار واجب التعاطف والمؤازرة، من منطلق “انصر أخاك…”، بالمفهوم “القبلي” وذلك باطالة زمن الاطراق، على نحو ما يفعل الحمير، ثم استحضرت ما يناسب من المعزوفة الرائعة التي تسمى “نظرية الموأمرة”، وبدأت أهدئ من روع الرجل بالعزف على الأوتار المهترئة لتلك السمفونية. أعرف أن هذه الكلمات ستنزل بردا وسلاما على بعض القلوب العامرة بـ”ثورة الدود”. وقد كنا نحرص على حرمان هؤلاء المتربصين من التلذذ والتشفي باختلافاتنا، ولكن سامح الله الاخوة “رفاق التجديد” الذين يتسببون في اتاحة الفرص للشامتين ليغمزوننا بتقولاتهم الممجوجة، وابتساماتهم الساخرة. اذ يحلو للبعض من هذه الفئة أن ينظر الى الزوبعة التي أنطلق غبارها يوم 17 تشرين الأول (أكتوبر) 2009 في قاعة المركز الثقافي-ديربورن من منظور محدود، من حيث النطاق والأثر، فهي من وجهة نظرهم لا تعدو عن كونها زوبعة في قمقم، وقد استمتعت طويلا بهذا الوصف ولا أزال، وأنا أراقب وأرى التفاعلات والفعاليات التي كانت “الزوبعة” باعثا على نشوئها وتفاعلاتها. فالاجتماعات والمؤتمرات والتنسيقات والتحالفات في أوساط فئات الجالية وفيما بينها البين لم تتوقف منذ لحظة التاريخ المشار اليه آنفا، كما انتقلت تجربة “الزوبعة” بحكم ريادتها الى ولايات أخرى وبلدان اخرى، ووصلت تفاعلات الحدث وأصداؤه وتداعياته وانعكاساته الى أعلى المستويات الحزبية الحاكمة والمعارضة في اليمن.
بطبيعة الحال، أزعجني أن أرى هذا الصديق “الزوبعي” وهو بهذه الحالة من الاستياء عقب الاجتماع الأخير الذي عقدته اللجنة التحضيرية، حيث اختلطت عليه الامور بسبب التوتر الذي ساد الاجتماع، ذلك التوتر كان ناتجا عن محاولة الحاضرين مغادرة الاجتماع بأسرع ما يمكن، هربا من البرد الذي كانت عليه قاعة الاجتماع، وما ترتب عليه من مضاعفات اختلط فيها اللغط. مما أثر على فهم ثلاثة “مزوبعين” لحقيقة المقررات التي خرجت بها اللجنة من اجتماعها المذكور.
والحق ان ذلك الاجتماع قد تميز عن سابقيه بحضور شخصيات كبيرة بحجم عبدالواحد الجهمي وعبد الولي الحدي وعبدالكريم بابكر وعارف المذحجي ومجاهد الجهمي ومحمد التريادي وأحمد علي ومسعد شاجرة وأحمد قفعان وجبر غلاب وجبر السقا ومحمد يحي العمري ولطف الحدي ومحمد حسن وعارف المضلع وعبدالناصر الشوحطي وسعد المصري وعبدالناصر الماوري وأحمد العصفور وأحمد حيدرة وفضل حسين وعلي سعيد وصقر الجبلي وفهد غابشه وعلي السحاقي، بالاضافة الى رئيس اللجنة التحضيرية سالم السوجري، وغيرهم من القامات العالية في الوسط الاغترابي للجالية اليمنية في ولاية ميشيغن. وأبسط نظرة الى هذا الحضور ببعديه “الكمّي والنوعي” لا بد أن تكون كافية لمعرفة أهمية الهدف المقصود من وراء هذا المسمى “اللجنة التحضيرية لهيئة الجالية اليمنية” وحرص الجميع، بل وإصرار اليمنيين على بلوغ هذا الهدف مهما كانت العراقيل والصعوبات، وان الاجتماع المذكور، ببعده النوعي بالذات، قد وجه رسالة صريحة وواضحة الى الوسط الاغترابي اليمني في ولاية ميشيغن مفادها عدم التخلي عن هذا المنجز بوصفه خيارا أمثل لمستقبل العمل الاجتماعي للجالية اليمنية، وكذا عدم السماح لأي طرف أن يعبث بهذا المنجز، وتأكيد العزم على المضي بهذا المشروع قدما حتى بلوغ الغايات المنشودة، رغم النوايا المشككة والقدرات المتواضعة، حيث فسح المجال لميلاد هذا القادم الذي يأبى الا أن يكون حيا فاعلا ليترجم الأماني والتطلعات الصادقة والمخلصة ويجسد الضالة التي طالما أنفقنا سنوات طويلة في البحث عنها.
لقد ذهب البعض بعيدا في صلفهم وغرورهم، وظنوا، تحت تأثير الجهل والأنانية، بأننا ازاء لعبة ينالها من يستطيع على الصراخ الأكثر والأعلى كما يفعل الأطفال المدللين في سعيهم للحصول على اللعب التي تقع عليها عيونهم بما في ذلك محاولة انتزاع اللعب من أيدي الاطفال الاخرين.
لا يا سادة، السلوك الطفولي المدلل الذي يبدو على النحو الذي نراه في تصرفات وسلوكيات بعض أفراد الجالية يعبر عن مجموعة من العقد المترسبة عميقا في نفوس هذا البعض. هذا السلوك يدل على حالة مرضية تسمى انفصام الشخصية، ومكان المصابين بهذا المرض أقبية مصحات الأمراض النفسية. وليس ميادين الحياة العامة والطبيعية. لقد أتيحت الفرصة كاملة لكل مدع، وحلق كل في سماه حتى تبينت النوايا المبيتة لدى البعض، واتضح تواضع الكفاءة والخبرة والمصداقية للبعض، وفشت روائح التبجحات والادعاءات الزائفة والمضللة، وفي الوقت نفسة فان التجربة قد كشفت عن معادن ثمينة ومواقف صادقة أصيلة، وكفاءات علمية وثقافية عالية في أوساط الجالية، وها هي التجربة قد أفرزت في مسيرتها الخلاصة المأمونة والموثوقة. هذه الخلاصة تجسدت في أشخاص اللجنة التحضيرية بالصيغة التي تمخضت عن الاجتماع الاخير المنعقد في “قاعة الشرق” في مدينة ديربورن، بتاريخ 28 شباط (فبراير) 2010، حيث ضم هذا الاجتماع خيرة ما ظهر في المعترك من القدرات والكفاءات التي توافرت بعد ما مرت به اللجنة التحضيرية خلال مرحلة المخاض التي شهدتها منذ نشأتها الأولى في ١٧ تشرين الأول (أكتوبر) 2009 وحتى اليوم. واللجنة التحضيرية لهيئة الجالية اليمنية، بما يتوفر لأعضائها من مكانة في ميزان المعرفة والخبرة والحرص، قد فرضت على نفسها مهمة استيفاء كافة الأساليب والوسائل للحفاظ على أقصى ما يمكن الحفاض عليه من وحدة الصف والموقف، وشكلت لهذه الغاية فريق عمل من خيرة أعضائها، ولكن بالنظر الى ادراك الجميع ووعيهم بصعوبة هذه المهمة في التوفيق بين حتميةحياد واستقلالية اللجنة التحضيرية، ورغبات وتطلعات بعض الأطراف والأفراد في الانفراد باللجنة أو التأثير في مهمتها بما يخدم مصالح وتوجهات ضيقة حزبية أو مناطقية أو شخصية، وعلى ضوء معرفتها أيضا باستشراء الاوهام المرضية من أنانيات ورغبات وأهواء تبتعد عن الموضوعية بقدرما بها من جهل، وتشطح في غيّها وغرورها بعيدا في تقديرها للذات.
على ضوء ذلك كله، فقد رأت اللجنة بأن هذه المهمة يمكن اعتبارها هدفا لجهد دؤوب ومتصل يرفد اللجنة التحضيرية بمن يعود الى رشده، أو من الكفاءات والقدرات المستجدة التي ترغب في المشاركة في جهود اللجنة التحضيرية لانجاز مهمتها وصولا الى الانتخابات العامة للهيئة الادارية. حيث أبقت اللجنة باب العضوية فيها مواربا ليستقبل بكل الود والترحاب أي عنصر يرغب في المساهمة البناءة في حمل أعباء اللجنة، كما تم تشكيل فريق عمل أخر تحددت مهمته في العمل على ضمان تمثيل كل المناطق اليمنية المتواجدة في هذه الولاية في اللجنة التحضيرية. والله المستعان.
Leave a Reply