“دولة القانون” تطالب بإعادة الفرز.. رغم تقدمها الطفيف.. والحكيم مستعد للتحالف مع أي طرف سياسي
سباق محموم على رئاسة الحكومة بين المالكي وعلاوي
بغداد – أظهرت النتائج الجزئية للانتخابات في العراق تحولا حادا وباعثا على الخلاف في ميزان القوى بظهور حالات تصدع تمثلت في تحدي أحد المرشحين العلمانيين رئيس الوزراء نوري المالكي والتحالفات القديمة مع بروز الحركات المعارضة.
ومع أن النتائج ليست نهائية حتى الآن، فإن المراقبين يتوقعون أن يحدث تغير يؤثر على المتانة النسبية للتحالفات الرئيسية. غير أن رصدا للانتخابات التشريعية يوحي بظهور معادلة جديدة على مستوى الزعامة.
فقد واجهت التحالفات التقليدية بين الأكراد والشيعة العرب تنافسا من حركات تطعن في حق تلك القوى في المطالبة بالزعامة، وعلى وجه الخصوص من أتباع رجل الدين مقتدى الصدر، الذي وصفته الصحيفة بالمتطرف.
غير أن الانتخابات أدت في أوجه عديدة إلى تكريس الانقسامات العرقية والطائفية التي أطلقها الغزو الأميركي في 2003 من عقالها.
دخلت الانتخابات التشريعية العراقية الأسبوع الماضي مرحلة التنافس المحموم وتسابق الأرقام التي أظهرت تقدم ائتلاف رئيس الوزراء نوري المالكي مجدداً على منافسه رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي اثر فرز 83 بالمئة من محطات الاقتراع، ومطالبة قائمة المالكي بإعادة العد والفرز مرة أخرى، وجاء تقدم المالكي بعد إعلان تقدم طفيف لكتلة “العراقية” التي يرأسها علاوي.
وحتى الآن يتنافس أربعة مرشحين بينهم 3 من القائمة العراقيّة للحصول على أعلى الأصوات في عموم العراق بحسب النتائج التي أعلنتها مفوضية الانتخابات حتى الان. ويحتل المالكي المركز الاول بحصوله على 460 الفا و453 صوتا يليه علاوي بـ 286 الفا و362 صوتا ثم اسامة النجيفي رئيس قائمة عراقيون ضمن القائمة العراقية بحصوله على 220 الفا و382 صوتا ثم طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية رئيس حركة تجديد ضمن العراقية ايضا بحصوله على 143 الفا و547 صوتا.
وكانت قائمة علاوي حققت مفاجأة كبرى الثلاثاء الماضي بحصولها على عدد متساو من المقاعد البرلمانية مع ائتلاف المالكي، وفق ارقام المفوضية. وليس ممكنا تأكيد ما اذا كانت هذه النتيجة ستعمل على تغيير أعداد المقاعد.
وقد اكدت ارقام المفوضية الثلاثاء ان ائتلاف “دولة القانون” و”العراقية” سيحصلان على 87 مقعدا لكل منهما من اصل 310 مقاعد.
كما يتوقع حصول الائتلاف الوطني العراقي الذي يضم الاحزاب الشيعية على حوالى 67 مقعدا مقابل 38 مقعدا للتحالف الكردستاني. ويبلغ عدد مقاعد البرلمان المقبل 325 بينها 15 مقعدا مخصصة للاقليات والمقاعد التعويضية، وهي خارج حلبة التنافس. وتم تخصيص ثمانية مقاعد للاقليات بينها خمسة للمسيحيين وواحد لكل من الصابئة المندائيين والايزيديين والشبك.
وتشير الارقام المتوفرة الى تفوق المالكي بحوالى اربعين الف صوت. وهذه النتائج محصورة بالتصويت العام في العراق، اي من دون احتساب التصويت الخاص للعسكريين والمرضى والسجناء، وتصويت العراقيين في الخارج.
في غضون ذلك، قال النائب علي الاديب المرشح عن “ائتلاف دولة القانون” لوكالة فرانس برس “هناك تلاعب واضح داخل المفوضية (العليا المستقلة للانتخابات) لصالح قائمة معينة”، في اشارة الى “العراقية” بزعامة علاوي. واضاف “قدمنا طلبا لإعادة عمليات العد والفرز للتأكد من عدم وجود تلاعب”. ولم يوضح ما اذا كانت المطالبة بعمليات العد والفرز تشمل جميع محطات الاقتراع والبالغ عددها 46,640 الفا في عموم العراق. واضاف “لقد سلمتنا المفوضية أقراصا مدمجة للنتائج للتدقيق في النسب بشكل تدريجي وسنواصل العملية حتى نتحقق من الامر”. وابدى الاديب شكوكا حيال تقدم قائمة علاوي، قائلا ان “تفوق العراقية هكذا (يعتبر) معجزة”.
يذكر ان المالكي اعلن قبل ثلاثة ايام، حين كانت النتائج لصالح ائتلافه، خلال اجتماع لمجلس الامن الوطني ان الشكاوى المقدمة للمفوضية حول مخالفات “لن تتمكن من قلب النتائج”. لكن اياد الكناني عضو المفوضية قال ان “المفوضية تتعامل الان مع استمارات وردتنا من محطات العد والفرز، حيث جرت العمليات بإشراف ممثلي الكيانات السياسية ووسائل الاعلام”. واكد رفض المفوضية اعادة عمليات العد والفرز، قائلا “ليس هناك ما يستوجب اعادة العد والفرز. كان الاجدر بهم ان يعترضوا قبل ذلك”. وشدد على نزاهة عمل المفوضية، موضحا انها “تعمل بشفافية واهتمام كبير لانها تدرك اهمية المرحلة وتعقيدات الوضع السياسي الذي يتطلب ذلك”.
وباتت قائمة علاوي الاولى في خمس محافظات مع فوارق شاسعة جدا في اربع منها هي الانبار وديالى وصلاح الدين ونينوى، لكنها تعادلت تقريبا مع التحالف الكردستاني في كركوك. ويبقى المالكي متصدرا في بغداد وست محافظات جنوبية هي بابل وكربلاء والنجف والمثنى وواسط والبصرة، في حين حصل الائتلاف الشيعي على المرتبة الاولى في ثلاث محافظات جنوبية هي ميسان وذي قار والقادسية. ويحل “الائتلاف الوطني العراقي” ثانيا في ست محافظات جنوبية بينما تحل قائمة علاوي ثالثا، لكن بفارق شاسع عن القائمة الثانية.
ويضم هذا الائتلاف الاحزاب الشيعية الرئيسة مثل “التيار الصدري” بزعامة رجل الدين المقيم في ايران مقتدى الصدر، و”المجلس الاعلى الاسلامي العراقي” بزعامة عمار الحكيم، بالاضافة الى شخصيات اخرى مثل احمد الجلبي المثير للجدل. وتؤكد ارقام المفوضية تفوّق مرشحي “التيار الصدري” على مرشحي “المجلس الاعلى الاسلامي”.
إلى ذلك اكد زعيم الائتلاف الوطني رئيس المجلس الاعلى الاسلامي عمار الحكيم عدم وجود اي خطوط حمر في التحالف مع أي قوة عراقية من خلال الاتفاق على برنامج وطني يحقق حكومة خدمة وطنية. وقال الحكيم في ختام اجتماع لقيادة الائتلاف في بغداد انه تمت مناقشة توحيد الرؤية الائتلافية في جميع تفاصيلها واشار الى أن الائتلاف متماسك وعاقد العزم على أن يبقى في إطار واحد يتحرك لما فيه خدمة العراق وفق برنامج ورؤية واضحة في بناء دولة المؤسسات والالتزام بالقانون والدستور والتطلع لبناء حكومة شراكة وطنية “لأن العراق يجب ان يدار من قبل جميع العراقيين بمختلف أطيافهم”.
بالمقابل قال حيدر الملا المرشح عن “العراقية” ان “الشعب العراقي لم ولن يصوت لمن اجتث رموزه الوطنية ولن يصوت الا للهوية الوطنية”. واضاف ان “ما اعلن، يكشف حقيقة تقدم العراقية منذ اليوم الاول للانتخابات، وستبقى في الطليعة لانها تمثل مشروع الهوية الوطنية”.
وشارك في الانتخابات التي جرت الاحد الماضي 6281 مرشحا، بينهم 1801 امرأة، موزعين على 12 ائتلافا كبيرا و74 كيانا سياسيا.
Leave a Reply