النواب الديمقراطيون حققوا نصر أوباما الأول.. فهل يدفعون الثمن في انتخابات نوفمبر؟
واشنطن – حقق ديمقراطيو مجلس النواب الأميركي مطلع الأسبوع الأول الإنجاز الأول في عهد الرئيس باراك أوباما وذلك بإقرار مشروع إصلاح نظام التأمين الصحي بعد شهور من المفاوضات الصعبة في الكونغرس. وقد نجح الديمقراطيون في تمرير المشروع بفارق تسعة أصوات حيث تم إرسال القانون، بعد إقراره في مجلس الشيوخ، إلى أوباما الذي اعتبر التصويت لصالح مشروعه “انجازا تاريخيا”.
وأجريت عملية التصويت الخاصة بقانون مشروع الرعاية الصحية، على مرحلتين الأولى كانت بخصوص البنود الرئيسية الخاصة بالقانون، التي سبق وأقرها مجلس الشيوخ، بواقع 219 صوتا مقابل 212.
وفي المرحلة الثانية وظف الحزب الديمقراطي أغلبيته في مجلس النواب لإقرار التعديلات الجديدة على مشروع إصلاح برنامج الرعاية الصحية بـ220 صوتا مقابل 211 وذلك بعد ساعة فقط من إقرار التصويت الأول حيث صوت الجمهوريون بالكامل، اي 178 صوتا، ضد مشروع القرار.
يشار إلى أن مشروع القانون كان بحاجة إلى 216 صوتا فقط ليمر في مجلس النواب، وقد صوت ضد المشروع 34 نائباً ديمقراطيا تجاوبا مع المعارضة الشعبية الواسعة التي عكستها استطلاعات الرأي والتظاهرات التي رافقت عملية التصويت خارج مبنى الكابيتول في واشنطن.
فقد تجمع آلاف المتظاهرين امام مبنى الكابيتول مرددين “كيل ذا بيل” (اقتلوا مشروع القانون) و”لن ننسى ذلك في تشرين الثاني” في اشارة الى الانتخابات التشريعية المقبلة التي قد تشهد هزيمة كبيرة للديمقراطيين نتيجة التصويت على هذا القانون كما حصل في ولاية ماساتشوستس مؤخراً. وحمل آخرون لافتة كتب عليها “اطباء وليس طغاة”، لكن القيادات الديموقراطية أصرّت على تحدي هذه التظاهرات.
وقال رئيس الأقلية في مجلس النواب جون بوينر “الشعب الاميركي غاضب. هذا المجلس تحرك ضد ارادتهم. عار علينا”، واضاف “لا اعتقد ان الشعب الاميركي سينسى هذا التصويت في اي وقت قريب”.
ويتحدث الجمهوريون عن فكرة استئناف القانون وأخذ القضية الى المحكمة العليا، وهي أفكار للاستهلاك العلني ومن الصعب تحقيقها عملياً.
ولم يكن التصويت قد حسم بعد مساء الاحد الماضي عندما اعلن مسؤولون ديموقراطيون حصولهم على تأييد النائب الديموقراطي المعارض للاجهاض بارت ستوباك (نائب ديمقراطي عن ميشيغن) وانصاره. وتم الحصول على تأييد ستوباك في اللحظة الاخيرة بفضل تسوية مع الرئاسة. فقد وقع البيت الأبيض مرسوما يعيد التأكيد على حظر تمويل عمليات الاجهاض من المال العام.
وقال زعيم الغالبية الديموقراطية ستيني هوير قبل التصويت “امامنا مشروع قانون لتغيير مسار غير قابل للحياة” في اشارة الى الكلفة المرتفعة للصحة في الولايات المتحدة.
أوباما
وفي كلمته التي ألقاها في “الجناح الشرقي” للبيت الابيض المخصص عادة للامور المهمة، اعلن اوباما ان اقرار مجلس النواب “الاصلاح التاريخي” لنظام التأمين الصحي مما يؤمن تغطية طبية لكل الشعب الاميركي تقريبا، دليل على ان الولايات المتحدة لا تزال قادرة على القيام بـ”امور عظيمة”.
وقال أوباما في حفل التوقيع مع أعضاء الكونغرس الديمقراطيين في البيت الأبيض “اليوم وبعد نحو قرن من المحاولة.. اليوم وبعد أكثر من عام من الجدال.. اليوم وبعد إحصاء كل الأصوات يصبح إصلاح التأمين الصحي قانونا في الولايات المتحدة”. وأضاف “أوقع مشروع قانون الإصلاح هذا ليصبح قانونا باسم أمي التي جادلت شركات التأمين حتى وهي تصارع السرطان في أيامها الأخيرة”.
وسيسمح مشروع القانون هذا بتوفير الضمان الصحي لـ32 مليون اميركي لا يتمتعون به. والهدف منه توفير تغطية صحية لـ95 بالمئة من الاميركيين دون الـ65 من العمر، اما الاكبر سنا فيشملهم نظام “ميديكير” العام. كما سيمنع مشروع القانون شركات التأمين من رفض تغطية اشخاص بسبب حالات مرض مسبقة لديهم.
تفاصيل القانون
ويقضي مشروع القانون الجديد بوجوب شراء كل مواطن أميركي بوليصة تأمين صحي تحت طائلة الغرامة في حال رفضه ذلك، على أن يتم تخصيص الأموال لدعم الأسر التي لا يتجاوز دخلها السنوي 88 ألف دولار.
كما ينص المشروع على توسيع كبير في مجال عمل مؤسسة الضمان الصحي الحكومي “ميديكير” مع إجراء تعديلات إضافية على عمل شركات التأمين الأخرى وأهمها منع هذه الشركات من وضع سقف محدد لقيمة التأمين، ومنعها من حرمان المواطن من الحصول على ميزة التأمين بسبب إصابته بحالات مرضية سابقة، أو إلغاء بوليصة التأمين في حال إصابة حامل بطاقة التأمين بالمرض.
ومن المزايا الأخرى التي يقدمها القانون، رفع سن الرعاية الصحية للأطفال المدرجين على بطاقة الوالدين الصحية إلى 26 عاما، وتوفير الرعاية الصحية للمواطنين المرضى غير الحائزين على بطاقة تأمين حتى العام 2014 أي عندما يتم تطبيق قانون توسيع مجال التأمين ليشمل شرائح أوسع في المجتمع الأميركي.
وسيؤدي القانون إلى سلسلة من التغييرات المتصلة بما يعرف باسم “تبادل التأمين” بحلول العام 2014 عندما يحق لأصحاب الأعمال الحرة والشركات الصغيرة الاشتراك بفئة واحدة للحصول على مزايا التأمين الصحي.
ومن التفاصيل الأخرى:
– لم يعد بمقدور شركات التأمين رفض تغطية أي مواطن بسبب سجل مرضي سابق أو تخفيض مبلغ التأمين في حالة المرض.
– نظرا للزيادة المتوقعة في أعداد عملاء شركات التأمين، فإنه ينبغي على الولايات المختلفة توفير مناخ تنافسي بين شركات التأمين وذلك للسماح للأفراد والمؤسسات من الحصول على أفضل الأسعار.
– ستقدم الدولة تمويلا في حدود 65 ألف دولار في العام للأسر التي يبلغ دخلها أقل من 88 ألف دولار سنويا وذلك لمساعدتها على دفع تكاليف شركات التأمين الصحي.
– الأشخاص الذين يبلغ دخلهم السنوي أكثر من 200 ألف دولار سيدفعون المزيد من الضرائب لتمويل النظام الصحي.
– شركات التأمين التي ستستفيد من عدد كبير من العملاء ستدفع مزيدا من الضرائب من المتوقع أن تبلغ 67 مليار دولار في السنوات العشر القادمة. قطاع الأدوية بدوره ستبلغ فاتورة ضرائبه 23 مليار دولار.
– ستمنح كل ولاية الحق في إمكانية إلغاء المصاريف المقررة لعمليات الإجهاض إذا ارتأت ذلك.
الكلفة
تبلغ التكلفة الأولية لمشروع الرعاية الصحية نحو 940 مليار دولار على مدار عشر سنوات. ومن شأن القانون أن يقدم إصلاحا شاملا في قطاع الرعاية الصحية الذي يبلغ حجمه نحو 17 بالمئة من الاقتصاد الأميركي ليشكل أعلى نسبة عند مقارنته بأي اقتصاد لدولة أخرى. ومن المتوقع أن يصل الإنفاق الصحي كحصة في الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 20 بالمئة بحلول العام 2017.
وقدر مكتب الميزانية في الكونغرس تكلفة الإصلاحات الصحية بقرابة 940 مليار دولار خلال عشر سنوات. وأوضح المشروع أن التكاليف التي سيغطيها ستمول بمجموعة من الضرائب الجديدة والمدخرات من داخل النظام من بينها ضريبة مستقبلية على خطط التأمين الصحي الأعلى تكلفة ونحو خمسمائة مليار دولار في صورة مدخرات مفترضة من خطة تأمين حالية تديرها الحكومة لكبار السن.
وتوقع المكتب أن يخفض مشروع القانون بأسره العجز في الميزانية الفدرالية بواقع 138 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة وتريليون دولار آخر في العقد المقبل. ووصف أوباما الرعاية الصحية بأنها أكبر تهديد على قدرة الحكومة على الوفاء بديونها المالية، غير أن معارضين يتشككون في قدرة إدارته على أن تستخرج المدخرات الواسعة التي تطالب بها.
Leave a Reply