تايلور – خاص “صدى الوطن”
انها لحظة الحسم، إنها لحظة الحماس، انها اللحظة التي تختصر أشهر، الجميع يترقب، يسامر ويحاكي ويتساءل: محتار لا اعرف، لا استطيع الجزم.
كان هذا لسان حال الجماهير التي عجّت بها مجمعات تايلور الرياضية السبت الماضي لحضور نهائي بطولة الدورة اليمنية الشتوية السادسة بين “شباب اليمن” و”سبورتنغ ميشيغن”. فهذان البطلان الكبيران كل منهما يحمل حضارة مختلفة؛ حضارة مملكة سبأ اليمنية التي يفتخر بها كل مواطن عربي من جهة، وحضارة فينيقية لبنانية، حضارة أرواد وجبيل وبتريوس وصيدون وصور.
هكذا، أرادت الأقدار ان تجمع حضارتي سد مأرب وأرجوان صيدا وصور وأرز الجبل الذي خاطبه وديع الصافي وقال له “جايين”. هاتان الحضارتان اللتان اختلفتا في زمن غابر جمعهما الزمن في قومية واحدة ولغة واحدة ودين واحد وغربة واحدة. ولكن رغم كل ما جمعهما فقد أعد أحفادهما كل العدة يوم السبت الماضي لهزيمة نظيره ليصل الى النتيجة التي عمل وتعب ليصل اليها لمدة ستة أشهر كاملة ويرفع الكأس.
مباراة الكأس كانت مباراة قمة، فبعد ان قام السبئيون (شباب اليمن) بغزوتهم الاولى وحصدوا درع البطولة، ها هم “الفينيقيون الجدد” يردون التحية لاخوانهم، وهذه المرة في نهائي كأس البطولة، فكانت هذه المقابلة الرياضية الشيقة والتي حشدت ما يقارب الـ300 متفرج يتقدمهم داعمو ومسؤولو المؤسسة اليمنية قمة في الإثارة والأداء.
فقد كان الجميع يترقب وهو يجزم بأن النهائي سيكون على قدر الآمال والتعب الذي استمر ستة اشهر كاملة وكل شيء كان يوحي بذلك بمجرد مشاهدة الاسماء الكبيرة التي كانت تتحضر في الملعب، انطلقت المباراة بتحفة فنية ولا أروع هجمة هنا، وأخرى هناك، وابداعات بالجملة من لاعبين عودونا دائما على الامتاع في المشاهدة وكأنهم يشكرون الجماهير على حضورها.
ومن هجمة منسقة وبغفلة من الجميع يلدغ العقرب اللبناني احمد زريق لدغته الاولى في المباراة ليتقدم اللبنانيون 1-0، وبين كر وفر لم يستسلم “شباب اليمن” ليعود العجوز الذي لا يشيخ نجم الفريق توفيق البعداني ليعادل النتيجة بتسديدة تسكن الزاوية العليا بعيدا عن متناول الحارس قاسم بزي.
وما بين التحف الفنية التي امتع بها النجم الكبير احمد زريق وديناميكية النجم الساطع دائما عباس حمزة اعلن نجم آخر عن نفسه وانتفض على نتيجة التعادل وقال كلمته المدوية بصاروخ ارض جو انفجر في مرمى علي الشبلاوي، إنه علي رضا الذي قال كلمته ووضع “سبورتنغ ميشيغن” في المقدمة مرة أخرى.
“مهلا يا شباب لم ينته شيء بعد.. ما زلنا هنا”، هذا ما قاله احد نجوم المباراة توفيق البعداني الذي تلاعب بكل من قابله وزرع الكرة مجددا في مرمى “سبورتنغ ميشيغن” ليعيد المباراة الى نقطة الصفر لينتصف معها الشوط الاول على هذه النتيجة، ٢-٢.
دقائق قليلة لالتقاط الانفاس والعودة الى مرحلة الحسم في خمس وعشرين دقيقة أخيرة حملت جملا فنية رائعة ما بين اللاعبين وكأنها مباراة استعراضية سطرها باقدامهم جميع لاعبي الفريقين دون استثناء الى ان يمتع المشاهدين احمد زريق بالهدف الثالث بجملة توازي بروعتها ما رسمته أنامل ليوناردو دافينشي، ويليه بالهدف الرابع الذي جعل “شباب اليمن” يخرج عن طوره وهدوئه ويحاصر مرمى “سبورتنغ ميشيغن” وفي غفلة عن الدفاع والحارس يطلق حسن سعد احدى صواريخه لتلتهب المباراة من جديد بهدف ثالث يقلص به الفارق 3-4 وليزيد الضغط على الدفاع اللبناني. ولكن كان لبطل المباراة كلاما آخر ومن جملة تمريرات ما بين احمد زريق وعباس حمزة وعلي رضا يمرر الاخير الكرة متقنة الى عباس حمزة “على المسطرة” الذي بدوره لا يتوانى في تسجيل هدف الاطمئنان 5-3. وفيما تبقى من الوقت تمكن اللبنانيون من امتصاص حماسة وفورة “الشبابيون” لتنتهي المباراة بالاعلان عن بطل جديد وجد لنفسه مساحة كبيرة ليعلن عن نفسه رقما صعبا في عالم كرة القدم بين الجاليات العربية.
وفي تقييم خاص للاعبي الفريقين فقد ظهر بوضوح ان الضغط الجماهيري قد أثر سلبا على اداء لاعبي “شباب اليمن” ولم يستثمروا دعم جمهورهم لهم فكان عاملا سلبيا رغم تشجعيهم لهم طيلة وقت المباراة، فأصيب لاعبو “شباب اليمن” بالإرباك مراراً خاصة في خط الدفاع الذي كان مسؤولا عن الاهداف التي سجلت، حيث أمعن المدافع شمسان في ارتكاب الاخطاء الفنية ولمس الكرة بيده دون أي مبرر وكاد أن يوتر المباراة ويخرجها عن اطارها في اكثر من مناسبة لولا حزم الحكم.
أما من ناحية “سبورتنغ ميشيغن” عرف اللاعبون كيف يديرون المباراة بخبرة المميز علي صبرا الذي امتص فورة “شباب اليمن” وضغط الجمهور وقاد فريقه من الخلف بحنكة ودراية، في حين ان احمد زريق اربك المدافعين معظم فترات المباراة ومنعهم من مواكبة هجمات فريقهم. والحق يقال ان لاعبي “سبورتنغ ميشيغن” كانوا جميعهم نجوما فوق العادة وعرفوا كيف يحدون من خطورة طارق ناصر وحسن سعد وقد تم تحييدهم معظم فترات المباراة ووحده توفيق البعداني نال منهم ولكنه فشل في ترجمة مجهوده الرائع لتجيير الكفة لفريقه.
خسر “شباب اليمن” وفاز “سبورتنغ ميشيغن”، ولكن الجميع فازوا.. من المنظمين الى الجماهير والداعمين الى كل من ساهم في انجاح هذا الحدث الرياضي الابرز بين الجاليات العربية، ويبقى الفائز الاكبر هو الاخلاق الرياضية التي طغت على ما عداها في هذا النهائي الحدث.
وبنهاية المباراة جرى توزيع الدروع التقديرية وجاءت على الشكل التالي:
فقد تم تسليم درع تكريمي لمحمد العزاني، مدير الخطوط الجوية اليمنية في اميركا وكندا، وتم تكريم السيد عبده الزنداني مدير شركة “الافاق للسياحة والسفريات”، وكذلك الحكم شفيق طه ومسؤول التوقيت والنتائج عنان نصر الله ووليد محسن على المجهود الكبير الذي قدموه لنجاح الدوره.
وكذلك قام رئيس المؤسسة محمد ناصر “أبو طارق” بتوزيع شهادات تكريمية لرؤساء الفرق المشاركة من ست جاليات عربية وهي: الجالية اليمنية، واللبنانية، والعراقية، والفلسطينية، والتونسية، والسعودية وشكرهم على مشاركتهم الطيبة في هذه الدورة متمنياً لهم النجاح في المناسبات القادمة.
ومن جهة اخرى، قام رئيس المؤسسة بتكريم اللاعب اسماعيل ناصر لاعب فريق “الشباب” بكأس هداف الدورة في المجموعة الأولى، واللاعب مصطفى الزينو من فريق (آي سي دي-أي) هداف المجموعة الثانية، وعلي الشبلاوي كأفضل حارس في الدورة، وحصل اللاعب حسن سعد كأس افضل لاعب في الدورة.
وكذلك كرم رئيس المؤسسة اللاعب عبد القوي عبدالله من فريق “هامترامك أف سي” ونبيل شاهين من “ديربورن ستارز” كأفضل لاعبين مثاليين. ومن جهة اخرى، قام رئيس المؤسسة بتكريم مدربي فرق المؤسسة وكانوا على النحو التالي: جمال الحيافي لفرق ما دون العاشرة، علي جيلان وأمين أحمد لفريق ما دون الثانية عشر، ومحمد الرياشي لفرق ما دون الرابعة عشر، اسماعيل ناصر لفرق ما دون السادسة والثامنة عشر.
كما كرم رئيس المؤسسة الدكتور نبيل سليمان على دعمه وتشجيعه المتواصل ومحمد عبدو سهوبة الرئيس التنفيذي لشركة “فارمر” للصيدلة على دعمه لأنشطة المؤسسة.
Leave a Reply