أحيانا الجلوس على القهاوي يعرّي بعض الناس فتجعلك، رغما عنك وبدون رتوش أو مكياج، ترى الوجه الحقيقي لمن يجلس معك أو جنبك فلا تحتاج لطبيب نفساني ليفسر لك شخصية الانسان المتكلم حولك.
في واحد من تلك المجالس الذي ضم عددا من الرجال المرعوبين من جوزاتهم، ومن الستات اللواتي أخذن حقوقهن وفتلن شواربهن، استلمت واحدة منهن الحديث وأدارته على الأحوال الحاضرة والحاصلة هنا في ديربورن.
وحسب رأيها، رأس الكوارث الناتجة عن هذه الأحوال، هو انها مضطرة الى أن تشتغل في بيتها فتمسك بالريموت كونترول لتفتح التلفزيون أو لتفتح باب الكاراج، أو لتشغل السيارة، ثم عليها بعد أن تقوم من النوم متأخرة، تشغّل الغاز وتملأ الركوة ماء من الحنفية وتعمل فنجان قهوة، ثم تطفئ النار. ثم ان عليها، بعد شرب قهوتها، أن تفتح الثلاجة وتأخذ أي شيء وتضعه في الميكروويف ثم تبتلعه كفطور. بعد ذلك، وهنا العذاب الأكبر، عليها أن تغسل الصحن وفنجان القهوة، كل ذلك بيدها هي، فلا خادمة تشتغل عنها ولا صانعة تعاونها، مثل أختها المقيمة في أبيدجان أو بنت خالتها أو بنت عمتها في لبنان.
وتتساءل تلك المرأة التعبانة الغلبانة: “تصوّري بلبنان، اللي هوّي لبنان.. ما في حدا هونيك إلا ما عندو سرلانكية.. وهون أنا بأميركا ما عندي حدن يساعدني في البيت”!. وبالنتيجة يجبرها ذلك عن الانصراف الكلي عن المهمات العظيمة التي يجب أن تقوم بها، وفي طليعة تلك المهمات الذهاب يوميا الى “المولات” ودكاكين الأزياء للاطلاع على اخر الموديلات من الفساتين والجزادين ومستحضرات التجميل، ثم الاستماع الى اعلانات الاذاعات لتعرف وتختار في أي مطعم تتغدى وفي أي صالة تتعشى وتسهر الليلة.
فاذا وجدت مبتغاها وما يوافق هواها أعدت نفسها للخروج. وإن لم تجد ما يسر بالها وخاطرها في هذه الحال، تضطر وأمرها لله، أن تكتفي بلعب الورق في البيت أو عند الجيران وكل ذلك على مرأى ومنخار جوزها النصّاب المحتار!
لو رأيت تلك المخلوقة وهي تتحدث بغضب وتنفض سيجارتها بعصبية وبعتب شديد على الأيام التي أوصلتها الى هذه الأحوال والى هذا المآل في أميركا، أرض الأحلام، لعرفت فورا الفرق بين القرد والغزال وبين الصدق والنفاق وبين الشرق والغرب وبين البشاعة والجمال.
هذه الحرمة المذكورة لا تكتفي بنعمة العصر والزمان على جوزها المهيوب الحربوق الذي أصبح واسع الغنى لأنه تاجر وشاطر في النصب والاهتمام بأحوال الجالية ومؤسساها وكل من ينتمي اليها.
ولا تشكر تلك المرأة التقادير التي هيأت لها الملبس والمطعم والمسكن والعيش باطمئنان وترف وزوج تمطيتيه كيفما شاءت، بينما ثلاثة أرباع السيدات الجميلات والفاتنات أكثر منها مئة مرة يعملن في الليل والنهارويشكرن ربهن على ما أعطاهن من نعمة، في الوقت الذي فيه.. حضرتها مثل الغراب ينعق فوق شجرة تين يابسة، تنفض دخان سيجارتها وأركيلتها بغضب وعتب لأنه ليس لديها خادمة تشتغل عنها في البيت، لتنصرف هي الى الاهتمام بجمالها وفي البحث عما يريحها طوال النهار ويسليها طوال الليل.
حقيقة لا أعرف لماذا العديد من الستات المرفهات الواسعات أو اليابسات.. لا أعرف لماذا هن متذمرات ومنرفزات؟؟
Leave a Reply