ديربورن – خاص “صدى الوطن”
مع استمرار عملية إحصاء السكان في الولايات المتحدة الأميركية، تتمايز المواقف حيال التجاوب معها، فهناك من يعتبر أن المشاركة ضرورية لعكس حاجات المجتمع من الناحية الاقتصادية والتعليمية والبنى التحتية والتي ستعمل الحكومة الفدرالية على تلبيتها من خلال موازنتها العامة. ولكن على الطرف الآخر توجد عدة وجهات نظر تبدي حذرها من الإحصاء، وأبرز هذه الوجهات عند العرب الأميركيين هو التخوف من سيناريوهات تؤدي بهم الى “مصير اليابانيين الأميركيين” في الحرب العالمية الثانية في حال شن هجوم إرهابي جديد على أميركا. كما أن هناك من يرى بالإحصاء “أسئلة مريبة”، مثل رقم الهاتف وتحديد حالة السكن (إيجار، قرض..).
دعوة للمشاركة
دعا امام المركز الاميركي الاسلامي على شارع آوتر درايف في ديربورن محمد المارديني جموع المصلين عقب انتهاء صلاة الجمعة الماضية، الى ضرورة تعبئة نماذج التعداد السكاني وارجاعها للجهات المختصة، معتبرا ذلك “واجبا على كل واحد منا ان يرجع تلك النماذج”.
يأتي ذلك في خضم طلب مسؤولي الاحصاء من أئمة المساجد في منطقة ديترويت التدخل لحث ابناء الجالية المسلمة على تعبئة نماذج الاحصاء وارجاعها، بعد ان تنامى في نفوس هؤلاء هواجس استهدافهم من اي اجراء تقوم به الحكومة الفدرالية على مدى السنوات التسعة الماضية منذ احداث “11 سبتمبر”. وقال راشد العبد من المركز العربي للخدمات الاقتصادية والاجتماعية (اكسس) ومقره ديربورن، والذي ينسق مع مكتب التعداد السكاني، “انهم يسمعون لكلام الأئمة”.
تجدر الاشارة الى ان الجالية المسلمة ليست الوحيدة بحاجة الى عناية خاصة من جانب مكتب التعداد الأميركي، فهناك الماهجرون الجدد والكثير من الاقليات تم استهدافها في المطارات ونقاط العبور على مدى السنوات الماضية، وهؤلاء لذلك يفضلون عدم المشاركة في الاستبيانات والاحصاءات.
عدم ثقة بالحكومة
أحمد نصر والذي عينه مكتب الإحصاء الاميركي للقيام بالمساعدة في تعريف العرب والكلدان الاميركيين في ميشيغن باهمية الإحصاء السكاني قال لـ”ديترويت فري برس” “هناك عدم ثقة بالحكومة”، مضيفا “ان هؤلاء يعتبرون أنفسهم مستهدفين بسبب ما يتعرضون له من مساءلة اضافية وتفحص مشدد”.
وقال نشطاء في الجالية ان عدم الثقة قائم برغم ان نماذج التعداد تخلو من اي اشارة للدين او الاثنية ما اذا كان الشخص عربيا ام ايرانيا مثلا. والرسالة التي يود المتطوعون ايصالها هي: ان المعلومات سرية ولن تطلع عليها اية جهة حكومية اخرى باستثناء مكتب التعداد السكاني، برغم قانون الوطنية (باتريوت آكت) الذي سن عام 2001 ويتيح للجهات الامنية الاطلاع على المعلومات، الا ان هذا القانون لا يفوق القوانين الفدرالية التي تنص على سرية معلومات التعداد.
وكان مكتب الإحصاء الاميركي تعاون على المستوى الوطني مع عدة منظمات من بينها شبكة التفاعل الاميركية الاسلامية والجمعية الاسلامية الاميركية بهدف حث المسلمين على الاستجابة وعدم التشكيك. مهدي علي من الجمعية الاسلامية الاميركية ومسجدها على شارع فيرنور في ديربورن قال “نحن كغيرنا من الاميركيين ونريد ان يتم تعدادنا” وقال مخاطبا جمهور المصلين “ليس هناك من خطر”.
ماك نيديك (34 عاما) مهندس، قال انه بعث نموذجه بالبريد,وهو يرى ان التعداد السكاني قد يعني تلقي الجالية في ديربورن لمزيد من الاموال الفدرالية، لكنه شكك في ان المعلومات لن تستخدم في اغراض اخرى، حتى مع وجود قانون فدرالي يحظر ذلك. وقال “انا غير متأكد من هذا”، فالحكومة تحاول دائما الاستفادة من هكذا معلومات، ولكننا مطمئنون أننا لا نرتكب اي شيء مخالف للقانون، لذا فانا لست خائفا من شيء”.
والجدير بالذكر ان الحكومة الفدرالية خصصت 400 مليار دولار لمنحها للمجتمعات المحلية سنويا، وبما ان التعداد يجري مرة كل عشر سنوات، فان التوقعات ان تخسر ميشيغن مقعدا في مجلس النواب الاميركي بسبب النقص في عدد سكانها، كما ان المتطوعين يجولون في عطلات نهاية الاسبوع على العرب الاميركيين في ديترويت وديربورن لتثقيف المهاجرين الجدد حول التعداد السكاني. ومع ان الكتيبات الارشادية مطبوعة باكثر من ستين لغة بينها العربية والأردية، الا ان الاسئلة مقتصرة على بضع لغات فقط، ويقول قادة في الجالية ان جهودهم اثمرت، فمساهمة ديربورن في التعداد وصلت الى 70 بالمئة في مقابل 69 بالمئة على المستوى الوطني و74 على مستوى ميشيغن.
Leave a Reply