بغداد – عادت العملية الانتخابية في العراق الأسبوع الماضي إلى دائرة الضوء مجددا، وبقوة، بعد أن قررت محكمة التمييز العراقية الاستجابة لطلب قائمة “ائتلاف دولة القانون” بزعامة رئيس الحكومة العراقية المنتهية ولايته نوري المالكي بضرورة إعادة فرز أصوات الناخبين يدويا في بغداد.
وتعتبر هذه الخطوة نتيجة مباشرة لتعثر المفاوضات بين الكتل النيابية لتشكيل حكومة جديدة رغم التقارب بين كتلتي نوري المالكي وعمار الحكيم، إلا أن قرار مقتدى الصدر الرافض لتعيين الأول رئيساً للحكومة يحول دون تشكيل هذا التحالف الذي عبرت الكتلة الكردية عن عزمها للانضمام اليه.
وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق أعلنت نتائج الانتخابات في السادس والعشرين من آذار (مارس) الماضي، والتي أظهرت تفوق قائمة إياد علاوي، “العراقية”، بواقع 91 مقعدا تلتها قائمة نوري المالكي بـ 89 مقعدا في البرلمان المقبل الذي يضم 325 مقعدا.
وتوزعت نتائج الانتخابات في مدينة بغداد بواقع 26 مقعدا لقائمة ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي و24 مقعدا للقائمة العراقية بزعامة إياد علاوي و17 مقعدا للائتلاف الوطني العراقي بزعامة المجلس الإسلامي الأعلى ومقعدا واحدا لقائمة “التوافق العراقي” بزعامة الحزب الإسلامي العراقي.
كانت مفوضية الانتخابات رفضت الطلبات التي تقدمت بها قائمة المالكي وقوائم أخرى لإعادة فرز الأصوات يدويا قبل إعلان نتائج الانتخابات، ووصفت ذلك بالأمر المستحيل، وسارعت الكتل المعترضة لرفع أكثر من 332 طعنا الى محكمة التمييز من أجل التحقق من نتائج الانتخابات في أرجاء البلاد فيما قالت قائمة “دولة القانون” إن لديها وثائق تشير إلى حصول عمليات تزوير في خمسة مدن عراقية، بلغ عدد أصواتها أكثر من 750 ألف صوت.
وقالت حمدية الحسيني، عضو مجلس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، “ليست لدينا مشكلة في إعادة فرز الأصوات يدويا استجابة لقرار المحكمة”.
وأضافت: “باشرنا بالاستعدادات لإجراء عملية العد والفرز اليدوي استنادا إلى قرار المحكمة المختصة وتهيئة كل مستلزمات إنجاح العملية وهي تحتاج إلى إعادة عملية العد والفرز لـ11 ألف محطة انتخابية في بغداد.. إضافة إلى التصويت الخاص، والمفوضية تحتاج إلى تهيئة الكادر وتهيئة الاستمارات الخاصة بالعد والفرز لهذا العدد الكبير.. نحتاج إلى يومين للانتهاء من تهيئة المستلزمات وتبليغ المراقبين ووسائل الإعلام للحضور إلى المركز الخاص الذي ستجرى فيه عملية العد والفرز داخل مركز العد المركزي في المفوضية”.
ورجحت رئيسة الإدارة الانتخابية في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية حمدية الحسيني، أن تنتهي عملية إعادة الفرز والعدّ اليدوي لأصوات 2،5 مليون ناخب في بغداد في غضون أسبوعين.
وكان نحو 12 مليون عراقي أدلوا بأصواتهم في السابع من الشهر الماضي في 7574 مركزا انتخابيا يضم 47 ألفا و48 محطة انتخابية في أرجاء البلاد بحضور أكثر من 272 منظمة لمراقبة الانتخابات و17 ألف و625 مراقبا محليا و520 مراقبا دوليا و61 ألفا و608 مراقبا للكيانات السياسية المتنافسة و275 مراقبا إعلاميا محليا و240 مراقبا إعلاميا أجنبيا.
تنافس في الانتخابات أكثر من 6 آلاف و218 مرشحا، بينهم 1798 سيدة لشغل 325 مقعدا في البرلمان العراقي الجديد الذي يعدالأكبر في تاريخ البلاد.
نشرت السلطات العراقية أكثر من 900 ألف من عناصر الأمن، بينهم 500 ألف شرطي و14 فرقة من قوات الجيش العراقي في جميع مدن العراق خلال العملية الانتخابية.
ويعتقد سياسيون عراقيون أن إجراء عمليات العد والفرز لأصوات الناخبين يدويا سيحسم الجدل الذي رافق عملية فرز الأصوات وإعلان النتائج النهائية للانتخابات العراقية، حيث شككت قوائم عراقية وخاصة “ائتلاف دولة القانون” في النتائج وتحدثت عن حدوث عمليات تلاعب في إدخال النتائج إلكترونيا داخل مركز العد والفرز المركزي، وأن هناك عدم تطابق بين نتائج الانتخابات واستمارات الناخبين التي حصلت عليها من المفوضية المستقلة للانتخابات خلال مراحل العد والفرز الجزئي.
وقال كمال الساعدي عضو قائمة “ائتلاف دولة القانون” إن فريقا من المحامين تابعا لقائمته “قدم 4500 استمارة فيها تلاعب كنماذج إلى محكمة التمييز وأن قرار الهيئة التمييزية بإعادة فرز الأصوات لم يأت استجابة لضغوط من السلطة التنفيذية، كما يروج البعض”.
وأضاف “نحن نريد التحقق من عملية تزوير في إدخال بيانات خاطئة أثناء عمليات العد والفرز المركزي تم اكتشافها وفق بيانات رسمية”.
وتخشى قائمة “العراقية” بزعامة إياد علاوي حدوث التفاف على نتائج الانتخابات رغم احترامها لقرار محكمة التمييز لإعادة فرز الأصوات يدويا في بغداد.
وقال فتاح الشيخ، عضو القائمة العراقية، “نحترم قرار القضاء على أن لا يكون به التفاف على النتائج ومصادرة رأي الشعب العراقي”.
وأضاف “نريد أن تكون هناك الية لعملية العد والفرز مع وجود رقابة دولية من الامم المتحدة لان عملية العد والفرز اليدوية لمدينة بغداد تعني اعادة الانتخابات، مع فارق عدم وجود ناخبين”.
وذكر “نريد حضورا أمميا في عملية اعادة فرز الاصوات.. وهذه العملية لا تستهدف القائمة العراقية فقط ربما ستؤثر نتائجها على جميع القوائم المتنافسة في بغداد ونحتاج الى الية واضحة والى رقابة الامم المتحدة ووكلاء الكيانات السياسية وخلاف ذلك ستكون وصمة عار والتفاف على نتاج الانتخابات”.
يتعين على العراقيين الانتظار أياما لحسم نتائج الانتخابات، ومن ثم المصادقة عليها رسميا والاعتراف بها من قبل الجميع ما يتيح للقوى المتنافسة أن تحسم مفاوضات لتشكيل الحكومة الجديدة التي لا تزال ملامحها بعيدة ومفوضات تشكيلها تواجه عقبة من سيقود الحكومة.
Leave a Reply