أنا لست من رأيكم و لكنني سأصارع من أجل قدرتكم على القول بحريّة .
فولتير
تعاقب عمالقة الفلاسفة لوضع الاضاءات عليها، وجاء بعدهم الأدباء والشعراء لتجميلها (وهي الجميلة أصلا) والتباهي بها.
ونحن منذ أن خلقنا أحراراً، إما نؤمن بها فطرياً، أو يصبح إيماننا بها لإرضاء نزواتنا.
فهناك بيننا من هو توّاق للحرية على أنها مقاومة للإستعباد بكلّ أشكاله: الجسدي، الفكري.. والقائمة تطول.
وبيننا أيضاً من هو توّاق للنزعة السلطوَّية؛ فترانا نتنازع “بحرّية” على مراكز القرار، ليس فقط لأنها توفّر الجاه والمال (وهذا عامل مهِّم)؛ ولكن لأنها تمكننا و”بحرّية” من فرض أفكارنا ومبادئنا.
و لتجميل هذه الصورة؛ صورة الحكم “بحرية”؛ كانت هناك الديموقراطية، بحيث ينتخب “نصف الشعب + ١” حكّام الشعب بأكمله، وعندها يقوم “نصف الشعب – ١” بشكر إلهه أولاً لأنه وفّقهم لقول كلمتهم “بحرية”، وعندها تبدأ عمليّة المعارضة والتي لا تغني ولا تسمن من جوع.
و هنا جاء التحاذق الغربي حيث أخذ هذه الديموقراطية وأعطى شعبه؛ الذي يظن أنّه حرّ؛ حريّة الإختيار بين اليمين أو اليسار، فقط لا ثالث لهما.
أمّا نحن ففقناه تحذلقاً، فنحن إلا ما ندر، تحت حكم الملكيّة والتي قُبَّحت حيث جعلت برلمانية، وإمّا جمهورية وراثية قُبِّحت بحيث أُستفتي الشعب بها وجاءت النتائج (دوماً)، ٩٩،٧ بالمئة لمصلحة الرئيس. والمفارقة المضحكة، أن بعضها يعمل لمصالح الأمّة أكثر من أعتى الديموقراطيات في العالم.
فإن كنت تقول رأيك و”بحرية” أن غزو العراق الَّذِي حصل بإسم الحرية؛ أنه في المقلب الآخر منها: تحت شمس واشنطن، أو في ظلمة جامعات القاهرة، فسيّان لأن صوتك لن يصل في كلتا الحالتين.
فحتّى أن نبدأ بالصراع فعليّاً من أجل مقدرة الآخر على القول بحرية، فسنبقى إمّا مغلوب على أمرنا، أو في أحسن الأحوال مُتَحَّكَم، و”بحرية، بأمرنا.
Leave a Reply