بغداد – تعرّض العراق مطلع الأسبوع الماضي إلى موجة عنف واسعة عندما شنت مجموعات مسلحة سلسلة هجمات وتفجيرات بعضها انتحاري، فاقت الـ30 هجوماً على مواقع امنية ومدنية في “منطقة عمليات واسعة” امتدت من اقصى الشمال في الموصل الى اقصى الجنوب في البصرة التي ظلت نسبياً بمنأى عن الاستهداف، مروراً بالعاصمة بغداد، ما أدّى الى مقتل وإصابة مئات العراقيين.
وتظهر موجة الهجمات المنسقة والمنفذة بطريقة احترافية، أن من يقف خلفها ليس تنظيماً صغيراً او حتى ميليشيا مسلحة، بل أشبه بجيش سري، استطاع ان يخترق الإجراءات الامنية المشددة ويشن الهجمات المنظمة.
وقال المتحدث باسم قوات الاحتلال الأميركي الرائد ستيفان لانزا إن الهجمات “تظهر أن التهديد لا يزال موجوداً وعلينا أن نقلق منه، كما انه لا يزال قادراً” على شن هجمات.
وقال نائب الرئيس عادل عبد المهدي إن الهجمات تظهر ضرورة المضي قدماً في إقرار نتائج الانتخابات وتشكيل حكومة. ودعا، في بيان، جميع التكتلات السياسية إلى العمل بجد من أجل مصلحة البلاد والتحرك بصورة مسؤولة خلال “هذه الفترة الحساسة”، مشدداً على ضرورة أن تتضمّن الحكومة الجديدة جميع الفصائل السياسية.
وفي خلفية الذعر الذي خلفته الهجمات في كافة أنحاء العرق واصل زعيما “القائمة العراقية” إياد علاوي و”ائتلاف دولة القانون” رئيس الحكومة نوري المالكي صراعهما حول من يحقّ له ترؤس الحكومة المقبلة.
وقال المالكي إن تسمية رئيس الحكومة أصبحت أمراً محسوماً يقرره ائتلافا “دولة القانون” (89 مقعداً) بزعامته و”الائتلاف الوطني العراقي” بزعامة “المجلس الأعلى الإسلامي العراقي” (70 مقعداً) برئاسة عمار الحكيم والتيار الصدري برئاسة السيد مقتدى الصدر بعد تحالفهما مؤخراً. وأضاف إن “هذا الموضوع نعتبره محسوماً وهو غير خاضع لرغبات الأطراف السياسية بقدر كونه موضوعاً قانونياً ودستورياً فضلاً عن انه عملي وموضوعي”. وأشار إلى أن “الحجم الكبير للائتلاف الجديد يمنع أي محاولة لتشكيل الحكومة من خارجه”.
وحول اجتماعه المرتقب مع علاوي، قال المالكي “لم تنقطع اتصالاتنا بجميع القوائم الفائزة ومنها القائمة العراقية. وهذا اللقاء عندما ينعقد سيكون حلقة ثانية من سلسلة التحرك لتشكيل حكومة الشراكة بعد إنجاز الاتفاق الأولي مع الائتلاف الوطني، الذي ننطلق منه لاستكمال الحوارات”.
في هذا الوقت، كرر علاوي تمسك كتلته بحقها في تشكيل الحكومة المقبلة وفقا لما أفرزته الانتخابات، حيث نالت 91 مقعداً. وقال، في مؤتمر صحافي في بغداد، “نحن ملتزمون بالاستحقاق الدستوري والديموقراطي”. وأضاف إن “العراقية صممت بشكل واضح وغير متردد على إن تتقدم بخطى ثابتة من اجل تعزيز الرؤى التي طرحتها للشعب العراقي”، مشدداً على أن “العراقيين صوتوا للعراقية بكثافة من اجل تغيير الأوضاع السائدة وتحقيق ما يصبو إليه الشعب”. وحول لقائه مع المالكي، قال علاوي، الذي عقد لقاء بين ائتلافه و”الائتلاف الوطني” في منزل القيادي في “المجلس الأعلى” عادل عبد المهدي، إن “هذا اللقاء سيجري قريباً ولن يكون سرياً وسيكون واضحا ومعلنا”. وأضاف إن “العراقية” “ترفض الإقصاء والتهميش ولن نقف مكتوفي الأيدي إذا حدث ذلك”.
وأعرب علاوي عن إحباطه من البطء الذي يلازم المفاوضات الجارية بين الأحزاب السياسية لتشكيل حكومة ائتلافية. وقال في مقابلة أجرتها معه مجلة “تايم” الأميركية “إننا ندور في حلقة مفرغة لا نخرج منها، والأحزاب تجيء لتفاوضنا ثم تعلن بعدها اتحادها مع أحزاب أخرى”.
وأضاف علاوي أن الأكراد يقولون إنهم سيقفون مع الشيعة ثم يصدر بيان بعد ذلك ليعلن أن العراق يجب أن يُقسَّم إلى ثلاثة واحد للشيعة وآخر للأكراد وثالث للسنة، واصفاً ذلك بأنه “ضرب من الفوضى”. ومع ذلك لم يستبعد زعيم كتلة “العراقية” التي احتلت المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية الأخيرة، تشكيل تحالف مع ائتلاف دولة القانون برئاسة غريمه رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي. وكشف أنه عرض عليه، عبر قنوات عديدة منها الأمم المتحدة ونائب المالكي نفسه ومندوبين عن “العراقية”، تحالف لكنه آثر التريث رغم قبوله بالتفاوض من حيث المبدأ.
وأعرب علاوي في هذا الصدد عن اعتقاده أن المالكي يعتقد أن عدد مقاعد البرلمان ستتغير بعد إعادة فرز الأصوات وكذا التحالفات، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء الحالي يترقب ظهور تلك النتائج قبل أن يوافق على العرض.
إلى ذلك، قال نائب الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أحمد بن حلي إن “هناك مؤشرات على أن الأمور في العراق تسير في اتجاه التوافق على تشكيل الحكومة العراقية”، معتبراً أن “تشكيل الحكومة العراقية أسهل من تشكيل الحكومة اللبنانية في أزمتها التي تعرّضت لها في وقت سابق”.
Leave a Reply