قدمت صورة عن العرب والمسلمين مغايرة لما في أذهان الأميركيين
والدا الملكة لـ “صدى الوطن”: فرحتنا لا توصف وفخورون بابنتنا
ديربورن – خاص “صدى الوطن”
انتخبت الاميركية من اصل لبناني ريما فقيه ملكة لجمال الولايات المتحدة مساء الاحد في لاس فيغاس (غرب الولايات المتحدة) لتصبح بذلك أول عربية ومسلمة أميركية من اصل عربي تفوز بهذا اللقب.
وقد اختيرت فقيه البالغة الرابعة والعشرين وهي ملكة جمال ولاية ميشغن من بين خمسين مشاركة اخرى. وقد توجتها ملكة جمال الولايات المتحدة للعام 2009 كريستن دالتون في ختام حفل تابعه 250 مليون شخص عبر العالم.
وريما فقيه مولودة في بلدة صريفا في جنوب لبنان وقد هاجرت عائلتها الى الولايات المتحدة وهي طفلة حيث استقرت في نيويورك قبل الانتقال الى ميشيغن في العام 2003.
وفقيه مجازة في الاقتصاد وادارة الاعمال من “جامعة ميشيغن” وتنوي التخصص بالقانون بعد تسليمها التاج لملكة اخرى العام 2011. وهي تعشق السفر والرقص. وستمثل فقيه الولايات المتحدة في مسابقة ملك جمال الكون المقبلة.
وكانت هيئة التحكيم قد سألت فقيه خلال المسابقة ما إذا كانت تدعم وضع تأمين صحي لعمليات تنظيم النسل (حبوب منع الحمل) فعبرت الأخيرة عن دعمها لذلك، باعتبار أن هذه العملية “مكلفة”.
وحلت فقيه مكان الملكة السابقة، كريستين دالتون، وهي ستنال فرصة العيش دون مقابل في شقة بمدينة نيويورك، كما ستنال علاوة مالية مع إمكانية التسوق دون مقابل وامتيازات أخرى.
اجتياح إعلامي
رغم أن مدينة ديربورن، معقل العرب الأميركيين و”مربط خيلهم”، اجتاحت معظم وسائل الإعلام الأميركية والعالمية، ودخلت في دائرة هائلة من الضوء، الأسبوع الماضي، بعد انتخاب مواطنتها العربية الأميركية ريما فقيه ملكة لعرش الجمال الأميركي من بين إحدى وخمسين حسناء بذلن كل امكاناتهن للفوز باللقب الكبير، إلا أن وقع الخبر على الجالية العربية الأميركية في المدينة لم يحظ بالصدى الكبير، وبدا الحدث البارز أميركيا وعالميا “عاديا” في أوساط عرب المدينة على وجه العموم، أو هكذا تظاهر الكثيرون ممن قيدوا أحاديثهم عنه بسلسلة من التحفظات التي اتخذت من “الغيرة على الدين” عنوانا مشتركا لها.
وباستثناء التجمع الذي شهده أحد المطاعم العربية في غربي المدينة غير ذات الوجه العربي، لمواكبة النقل المباشر للحدث الذي صنعته الفتاة الديربورنية ذات الأصول اللبنانية الجنوبية والتي ينتمي اليها معظم أفراد الجالية اللبنانية في مدينة ديربورن باستثناء ذلك التجمع، لم تشهد الجالية العربية أية مظاهر احتفالية عامة وحيث بقيت الكلمة الأبرز “للتابوهات” الدينية والاجتماعية التي اتخذت منها أكبر جالية عربية في الولايات المتحدة جملا في ليل الانتخاب وذهبت الى النوم بأحاسيس متناقضة.
غير أن الثابت من محصلة الليلة المشهودة في لاس فيغاس أن الجميلة اللبنانية السمراء التي هزمت شقراوات بلاد العم سام وغيرهن من طول البلاد وعرضها، قد وضعت مدينتها الأميركية وجاليتها اللبنانية والعربية على خارطة الاهتمام الأميركي بعد طول “اهمال” وقساوة تنميط.
فجأة لم تعد ديربورن بنظر الاعلام الأميركي حاضنة لمناصري “الارهاب” وانزاح الاهتمام بقراءة عقول وقلوب أبناء الجالية العربية وتوجهاتهم الى التركيز على حقيقة أن الملكة المتوجة على عرش الجمال الأميركي هي أول عربية وأول مسلمة تفوز بهذا اللقب.
فرحة عارمة
وكان برنامج السهرات الفني “ليالي لبنانية” (ليبانيز نايت) الذي يقام في مطعم “لابيتا” بشكل أسبوعي في مدينة ديربورن، قد دعا أبناء الجالية العربية في المدينة إلى متابعة برنامج مسابقات الجمال، عبر شاشة كبيرة تم نصبها في الصالة، حيث عرض في البداية شريط فيديو مسجل عن بعض البرامج التي تحدثت عن المرشحة لمسابقة ملكة جمال أميركا الفاتنة ريما فقيه.
كما تم توزيع قمصان ظهرت عليها صور ملكة جمال ميشيغن، وطبعت عليها عبارة تقول: “الجمال يأسر الاهتمام، ولكن الشخصية تأسر القلب”.
وامتلأ الحاضرون بالحماسة منذ اللحظات التي اختيرت فيها ريما فقيه لتكون واحدة من الـ15 الحسناوات الأوائل، وساد تفاؤل كبير بأن المرشحة العربية، ابنة مدينة ديربورن ستحقق شيئاً مهما.
وفي لقاء لـ”صدى الوطن”، قال أحد داعمي الحفل علي أشقر عن أسباب دعمه: “لقد اتصل بي الصديق رامي حداد، منسق البرنامج وصاحب الفكرة، وطلب مني الدعم وقد وافقته على الفور، لأن الفكرة بحد ذاتها جميلة، إضافة إلى قناعتي بالتضامن مع بعضنا البعض”.
وساد الأجواء فرح رائع وبهجة عارمة لحظة إعلان فوز ريما فقيه، بلقب ملكة جمال الولايات المتحدة، وبدا كما لو أنها لحظة لا تصدق فعلا، وهذا ما عبر الناشط رامي حداد الذي قال “شيء لا يصدق.. إنه حلم تحقق، لا أستطيع التعبير عن مشاعري أو قول اي شيء”.
كانت لحظة فخر لجميع الموجودين بلا شك، ولحظة اعتداد، فقال الناشط زهير علوية “إن فوز ريما باللقب يظهر الوجه الحقيقي للعرب الأميركيين على عكس الصورة النمطية التي يظهروننا بها، نحن لدينا تاريخ وجمال وحضارة”.
بينما رأى المدير الاقليمي للجنة العربية الأميركية لمكافحة التمييز (أي دي سي)–فرع ميشيغن عماد حمد، بأن فوز ريما فقيه يدعم فكرة الحلم الأميركي “ويظهر عظمة الولايات المتحدة ومكانية أن ينال كل شخص الفرصة التي يبحث عنها”.
لقاء مع والدي ريما
في المنزل المؤلف من طبقتين، صورة كبيرة لريما بعد ان فازت بلقب ملكة جمال ولاية ميشيغن. كما توزعت في ارجاء المنزل الصحف المحلية الصادرة اليوم والتي حملت كلها صور “بنت صريفا اجمل الاميركيات”، كما كتبت جريدة “النهار”.
وكانت فرحة عائلة العربية الأميركية السمراء بفوزها، واضحة ومدوية. وقد توجهت “صدى الوطن” بالسؤال إلى والدة ريما السيدة ناديا شبلي فواز فقيه عن مشاعرها ومشاعر العائلة ازاء هذا الحدث فقالت: “إنني سعيدة جدا وفخورة بها وقدمت لها كل الدعم الذي باستطاعتي، بل إنني أنا صاحبة الفكرة من أصلها”. وتابعت السيدة فقيه: “نحن أناس منفتحون وأنا من بلدة تبنين التي تضم المسلم والمسيحي وأنا أحترم مشاعر وآراء وقناعات الآخرين وأتمنى عليهم أن يحترموا آراءنا وقناعاتنا”.
وهل تعتقد والدة ريما أن فوز ابنتها بلقب الجمال الأميركي قدم خدمة لقضايا العرب في هذه البلاد. تجيب قائلة: “طبعا. لقد خدمت العرب واللبنانيين وخدمت قضية المرأة العربية واللبنانية وقدمت صورة عن انفتاحها، وليس كما يفكرون في اميركا والعالم بأننا منغلقات على أنفسنا وأسيرات لمفاهيم مشوهة وهم لا يقدرون على التصديق أن فتاة عربية لبنانية ومسلمة من الجنوب اللبناني قد حققت هذا الانجاز”.
وعن رأيها بالحملة التي قادتها بعض وسائل الإعلام الأميركية ضد انتخاب ابنتها والاتهامات التي وجهت لابنتها ولعائلتها تقول السيدة فقيه: “هم لا يريدون شيئا مشرفا عن العرب يريدون ابقاء الصورة النمطية عنا وبأننا أناس ارهابيون ونعشق العنف والدم ونرفض السلام”.
وردا على سؤال حول الانتقادات التي وجهت الى ابنتها والى العائلة من منطلق “الغيرة على الدين والتقاليد” قالت السيدة فقيه: “إن البعض حتى أشاع بأنني غير مسلمة، وقالوا إنني مسيحية. وأنا مع كل احترامي للديانة المسيحية، مسلمة من بلدة تبنين وعائلتي معروفة. وعند هجرتنا الى نيويورك في العام 1993 فتشت عن مدرسة اسلامية لبناتي وأبنائي وعثرت على احداها. لكن مديرها أبلغني بأنه سوف ينزل ابنتي ريما الى مستوى أدنى من المستوى الذي أتمته في لبنان فرفضت ذلك بشدة وكان أن قمت بتسجيلها في مدرسة كاثوليكية، رحبت بها وابدت اعجابها بمستواها وتبين لها أن علاماتها متفوقة ولن تكن لديها أية مشكلة”.
وعبرت السيدة فقيه عن شكرها وشكر عائلتها لكل من دعم ريما بالكلمة وبالتشجيع المعنوي وخصت بالشكر “صدى الوطن” التي واكبت نشاط ريما منذ انتخابها ملكة لجمال ولاية ميشيغن وحتى فوزها بلقب الجمال الأميركي.
وسألت “صدى الوطن” والد ريما السيد حسين فقيه ابن قرية صريفا الجنوبية عن مشاعره فأجاب: “شعوري لا يوصف وريما حققت الانجاز الكبير لنا وللبنان وكل العالم العربي ونتمنى أن يكون هذا الفوز خيرا لنا ولبلدنا لبنان ونحن فخورون جدا بابنتنا التي أعطت صورة مشرقة عن وطنها اللبناني وستمثل وطنها الثاني في مسابقة ملكة جمال الكون”.
وكيف يرى والد ريما ان ابنته خدمت قضايا العرب، يقول السيد فقيه: “نحن متهمون زورا بأننا ارهابيون وهذا الانجاز الذي حققته ريما يعكس صورة مغايرة عن العرب. وأنا وعائلتي لا نفرق بين الأجناس والأعراق ونؤمن بأن الانسان أخو الانسان ونتمنى أن يكون اللقب بداية لتصويب المفاهيم الخاطئة عن شعوبنا وبلداننا.”
وسألنا والد ريما: هل سمعتم أي انتقاد لما قامت به ريما؟ فقال: “الحقيقة أنتم وسيلة اعلامية نتحدث اليها. ولم نسمع أي انتقاد والحمد لله فنحن أناس مسلمون ومؤمنون ولكننا منفتحون والدين هو محبة وسلام وانفتاح وأنا ربيت بناتي وأبنائي على هذه القيم، وبالأخص حب الخير لكل الناس”.
وعن ما يود قوله في هذه المناسبة ختم فقيه: أشكر أميركا أولا ولا أنسى فضلها وما تقدمه للمهاجرين من حقوق، وأشكر بلدي لبنان واعلامه الذي أولى هذا الحدث الاهتمام الذي يستحقه وأشكر زوجتي وأفراد عائلتي وأخص بالشكر صحيفتكم “صدى الوطن” التي كانت سباقة دوما وأعطت ريما ما تستحقه من تغطية واهتمام.
Leave a Reply