ديترويت – ما كاد تشارلز جونز ينتهي من تغطية ابنته (7 سنوات) وهي نائمة على أريكة في غرفة الضيوف، حتى تفاجأ باقتحام الشرطة لشقته في الجانب الشرقي من مدينة ديترويت في ساعة مبكرة من يوم الاحد الماضي أدت الى مقتل طفلته، إيانا.
مقتل إيانا احتل طوال الأسبوع الماضي عناوين الصحف والنشرات الإخبارية المحلية بالترافق مع موجة غضب عارمة وتساؤلات حول عنف الشرطة الذي أودى بحياة الطفلة.
وصف جونز تلك الليلة قائلا “سمعت قرعاً مدوياً على الباب وبعدها صوت إطلاق نار”، وتابع “كنت في غرفة النوم عندما قاموا بتقييد يدي بالأصفاد وبطحوني أرضاً”.
من جهتها، أصدرت شرطة ديترويت بياناً في وقت لاحق جاء فيه ان جدة الطفلة وتدعى مارتيلا جونز (46 عاماً) حاولت الإمساك بسلاح الشرطي جوزيف ويكلي، الذي لم يتم الكشف عن اسمه مباشرة، ما أدى الى إطلاق النار بشكل عشوائي، إلا أن رواية الشرطة تخللها العديد من الثغرات وبدت غير مقنعة لمحامي الدفاع الشهير جيفري فايغر، وتبع ذلك تصريح من المتحدث باسم الدائرة ويدعى جون رواش قال فيه ان الشرطي والجدة ربما حدث بينهما عراك، إلا أنه تبين لاحقاً أن عملية الاقتحام كان يرافقها فريق تصوير لأحد البرامج التلفزيونية المتخصصة.
وقال فايغر أنه تمكن من مشاهدة الفيلم الذي أمنه له مصدر لم يكشف عن اسمه، ووجد أن إطلاق النار كان من المصطبة الأمامية من خارج المنزل بعيد انفجار قنبلة ضوئية. وأضاف “المشاهد التي التقطتها الكاميرا شديدة الوضوح وهي كافية لإدانة الشرطة.. إلا إذا تم تدمير الشريط المصور قبل المحاكمة”!
وقال فايغر أنه على بلدية ديترويت أن تعتذر من جدة الطفلة بسبب اتهامها المجحف وإلقاء القبض عليها أثناء العملية بدون مبرر ملوحاً بإمكانية مقاضاة المدينة.
الجدة ميرتيلا قالت في مؤتمر صحفي مشترك مع أسرة الطفلة والمحامي، انه لم يكن هناك عراك، وانها وقعت على الارض حين سمعت طرق الشرطة على نافذة المنزل قبل أن يتم إلقاء قنبلة ضوئية داخل المنزل، وقالت “لقد فجروا دماغ حفيدتي، قتلوها أمام ناظري، رأيت الشرر يقدح من عينيه، رأيته حقاً”.
مساعد قائد شرطة ديترويت رالف غودبي وصف الشهر الجاري بأنه كان دمويا وقال “لا استطيع تذكر اسبوعين ضمن 23 سنة من خدمتي، بمثل هذين الاسبوعين البائسين”.
وكان اطلاق النار على الطفلة حدث تمام الساعة 12:40 بعد منتصف الليل، ضمن عملية إقتحام مفاجئة نفذتها وحدة مهمات خاصة في شرطة ديترويت على شقة على شارع ليلي بريدج، قام خلالها الشرطي بإلقاء قنبلة ضوئية بهدف نشر حالة من الذهول في المكان، فيما قام ضابط آخر باقتحام المنزل. وقال تشارلز جونز (25 عاما) في وصف الهجوم “رأيتهم (الشرطة) وهم يهرعون خارج المنزل وهم يحملون ابنتي، بعد أن اسقطوا والدتي على الارض، وابقوني على هذا الحال مدة ساعتين”. واضاف “أدركت ان الامور سيئة وان طفلتي اخذوها الى المستشفى، لأن احدهم سألني ما إذا كان عندها حساسية تجاه شيء” واضاف “دماء ابنتي كانت تملأ المكان، وكنت أحاول البقاء هادئاً، لكن أحدا لم يكلمني، لا أحد منهم حاول تهدئتي”.
الشرطة نفذت هذه العملية اثناء البحث عن مشتبه به (24 عاما) نفذ جريمة قتل راح ضحيتها طالب (17 عاما) من ثانوية “ساوث إيسترن” يدعى جيريان بليك، أردي قتيلا برصاصة اطلقت عليه امام متجر لبيع الخمور بالقرب من شارع ماك أفينيو، قالت الشرطة لاحقا انها القت القبض على المشتبه به.
غودبي تحدث نيابة عن قائد شرطة ديترويت وورن ايفانز الذي يقضي اجازة من عمله قال “هذا أسوأ كابوس لعائلة تفقد ابنتها، مثلما هو أسوأ كابوس لأي شرطي”.
وقال تشارلز جونز ان الشقة التي يقيم فيها تضم والدته وابنته وساعة الهجوم عليها كان فيها اربعة اطفال وستة بالغين، وقال “إذا كانوا يراقبون لمعرفة ما إذا كان المشتبه به هنا، لماذا لم يلاحظوا العاب الاطفال امام المنزل، والاطفال الداخلين والخارجين من المنزل”، وأضاف “اقتحموا شقتي بقنبلة صوتية ورصاصة قاتلة”، وقال “يتهمون والدتي انها حاولت الاستيلاء على سلاح الشرطي والحقيقة انها لم توضع الاصفاد في يديها طيلة حياتها”، وقال “يا ليتهم قتلوني بدل طفلتي”.
والدة الطفلة لم تكن في المنزل ساعة قتل ابنتها، وقال جونز ان الشرطة صادرت غطاء ابنتي بعد ان احرقته القنبلة الصوتية، طفلتي كذلك احترقت بها. غودبي تعهد بنشر تفاصيل كاملة عن الحادثة بعد اجراء التحقيقات اللازمة، مضيفا انه لم يقل ان الحادث عرضي ولا هو يؤكد انه تم بنية مبيتة.
وتبين لاحقاً أن الشرطي القاتل، الذي تم فصله بانتظار التحقيقات، قد اتهم في عام ٢٠٠٩ بقضية فدرالية انه اقتحم منزلاً وقتل كلبين وصوب مسدسه تجاه أطفال.
رئيس بلدية ديترويت دايف بينغ علق على الحادث بالقول “هذا الجنون يجب أن يتوقف”، وتابع “مسلسل القتل يجب أن يتوقف، وعلى سكان ديترويت أن يؤمنوا أن الشرطة هي لحمايتهم وليس لقتلهم”. كما اتهم بينغ المحامي فايغر بأنه يسعى الى تحقيق الأرباح من خلال رفعه قضية على مدينة ديترويت.
Leave a Reply