وضع الفوز المدوي بلقب ملكة جمال أميركا الذي أحرزته الفتاة العربية الأميركية المسلمة ريما حسين فقيه مدينة ديربورن والجالية العربية الأميركية فيها على خارطة الاهتمام الاعلامي الأميركي والعالمي.
لكن هذا الاهتمام نجم هذه المرة، عن حدث يتصل بصلب الثقافة الأميركية والغربية والمتمثل بمسابقة الجمال التي شاهدها 250 مليون شخص في جميع أنحاء المعمورة.
ورغم أن معايير الديانة التي تنتمي اليها ريما لا تنسجم مع المعايير الأميركية والغربية لقيمة المرأة وكيفية تقديمها، وهذه حقيقة ليس من شأننا أن نجادل فيها أو أن نحاول دحضها، إلا أن الحدث شكل اختراقا مدويا لجدار المفاهيم المنمطة عن العرب والمسلمين وأسدى خدمة لهم لا يمكن انكارها في خضم الحملات السلبية والمؤذية التي يتعرضون لها في أماكن انتشارهم في مختلف قارات الأرض.
قد يتفق كثيرون مع النهج الذي اختطته هذه الفتاة اللبنانية الأميركية الطموحة وقد يختلف كثر مع هذا النهج ولكل أسبابه بطبيعة الحال.
لكن المقياس الذي يجب أن يعتمد في الحكم على هذا النهج يفترض أن يراعي مسألة الخيارات والقناعات الشخصية للأفراد واحترامها في بلاد تنتشر فيها المعابد بكثافة لجميع أتباع الديانات المختلفة وتتوفر حرية الدين والمعتقد بما لا يقارن مع البلدان التي هاجرنا منها، لكنها لا تضع قيودا على العقول والأجساد ولا تقدس التابوهات الدينية والاجتماعية قي قوانينها وأعرافها.
ريما فقيه شابة طموحة وتمتلك مواصفات جمالية خولتها خوض هذه التجربة فأكملتها بكل جدارة. ونجحت في تحقيق نجاح وشهرة تتمناها ملايين الفتيات من بنات جيلها.
ونحن وإن كنا نعتقد بأن الطريق التي اختطتها ريما فقيه لنفسها ليست هي السبيل الأوحد لإبراز وجه عربي ومسلم أميركي مغاير لما هو سائد في المفاهيم الأميركية عن العرب والاسلام إلا أننا لا يمكن أن نتجاهل النتائج التي حققها هذا الفوز على صعيد كسر حدة الصورة النمطية لجالياتنا في هذه البلاد.
وفوز أول عربية ومسلمة أميركية بلقب الجمال الأميركي يحسب أولا لصالح أميركا التي لا تزال تبرهن رغم التغييرات الجذرية التي طرأت على علاقاتها بالعرب والمسلمين إثر اعتداءات 11 أيلول، أنها أرض الفرص ومجال الطامحين المفتوحين لكل الأعراق والثقافات والديانات ولم تعد تقتصر على النخب البيضاء، البروتستانتية تحديدا.
فقبل عامين اعتلى سدة الرئاسة الأميركية رجل افريقي أميركي اسمه باراك حسين اوباما، في تطور غير مسبوق في التاريخ الأميركي. والكونغرس الأميركي شهد أيضا في سابقة تاريخية فوز أول أميركي مسلم هو النائب كيث أليسون بمقعد في مجلس النواب، وأدى اليمين على نسخة من القرآن الكريم تعود لعهد توماس جفيرسون.
لقد حققت ريما فقيه اختراقا هاما للوعي الجماعي الأميركي وبعثت بجمالها الشرقي الذي لا يخضع حتى للمعايير الأميركية والغربية للجمال، رسالة مفادها أن اللبنانيين بأغلبيتهم لا ينتمون الى تلك الصورة النمطية التي رسمها لهم الاعلام الاميركي وحاول تكريسها في المخيلات الشعبية.
وقد لا نبالغ اذا قلنا أن الشابة اللبنانية ريما فقيه التي حققت حلمها الأميركي بسرعة قياسية تحولت بين ليلة وضحاها إلى مؤسسة عربية أميركية فاعلة من حيث التأثير في الرأي العام الأميركي ومكافحة التمييز والتنميط المزمنين ضد صورة المرأة العربية والمسلمة.
رغم ذلك سنظل نسمع انتقادات للملكة العربية الأميركية على الطريق التي اختارتها، وهذا حق للمنتقدين. لكن يجب التذكير هنا أن ريما فقيه لم تخض مسابقة الجمال ممثلة عن المسلمين، رغم أن فوزها قدم خدمة لصورتهم المحاصرة بكل أنواع التشويه.
ولمن يرون في سلوك ريما فقيه “خطيئة” يجدر التذكير .. “من كان بلا خطيئة فليرمِها بحجر”!
أما “شيعية” ريما فقيه، فليست سوى صدفة يمكن لشيعة لبنان والمهجر أن يعدوها، اذا شاؤوا، نصرا آخر على أميركا عبر سلاح الجمال العابر للقارات!
لكن ثمة محاولات بائسة وخبيثة من عنصريين أميركيين وصهاينة انطلقت محاولة نزع التاج من الملكة العربية الأميركية والمطالبة بتسليم هذا السلاح الجديد.
ثمة أهمية لرفض تسليم هذا السلاح!
“صدى الوطن”
Leave a Reply