بغداد – استمرت في أيار (مايو) الزيادة في أعداد القتلى بين المدنيين في العراق منذ الانتخابات التي أجريت في السابع من اذار (مارس) مما يشير الى استغلال “جهات خفية” لحالة تخبط سياسي حاد بعد الانتخابات غير الحاسمة وربما لفرض معادلات سياسية توجه عملية تأليف الحكومة.
وأظهرت أرقام أعلنتها الحكومة العراقية الثلاثاء الماضي أن ما يصل الى 275 مدنيا قتلوا في انفجارات قنابل أو هجمات أخرى الشهر الماضي. وقتل 274 شخصا في نيسان (أبريل) ارتفاعا من 216 قتلوا في آذار و211 شخصا قتلوا في شباط (فبراير) أثناء الحملات الانتخابية.
وشهد أيار أيضا زيادة في عدد الخسائر البشرية في صفوف قوات الجيش والشرطة العراقية بالمقارنة مع نيسان. ولا يزال العراق بدون حكومة بعد قرابة ثلاثة أشهر من الانتخابات التشريعية التي فازت بها القائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي والتي يدعمها بشدة الناخبون من الاقلية السنية في العراق.
ولم تحقق القائمة العراقية أغلبية وتحاول الكتلتان الشيعيتان الرئيسيتان في العراق تشكيل أغلبية حاكمة في البرلمان المكون من 325 مقعدا لكن يبدو أنه لا يزال أمامهما أسابيع للتوصل الى اتفاق كامل.
وأمام مشهد شلال الدماء المستمر في بلاد الرافدين أعلنت القائمة “العراقية” الفائزة في الانتخابات النيابية الأخيرة أن رئيسها أياد علاوي سيباشر الأسبوع المقبل مفاوضاته مع الكتل السياسية بشأن تشكيل الحكومة المقبلة بعد مصادقة المحكمة الاتحادية على الفائزين من قائمتي “العراقية” و”الائتلاف الوطني” اللذين أرجأ التصديق عليهما، ومن جهة أخرى، لم يتوصل ائتلافا “دولة القانون” و”الوطني العراقي” الى حسم امرهم للاتفاق على مرشح لمنصب رئاسة الوزراء مع بدء العد العكسي لانعقاد الجلسة الاولى لمجلس النواب بعد مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات التشريعية.
ويتزامن ذلك مع توجيه زعيم المجلس الاسلامي العراقي الاعلى عمار الحكيم انتقادات حادة مبطنة الى رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي.
وقال في هذا الصدد خلال ندوته الاسبوعية “اخاطب الساسة واقول لهم انزلوا من بروجكم العاجية وطموحاتكم الشخصية” وأضاف “عليكم ان تتنازلوا عن مطالبكم وعن طموحاتكم وهذا التصلب”. واضاف “لا بد لنا ان ندعوكم لتذكر الحكمة الشهيرة: لو دامت لغيرك لما وصلت اليك”.
وتابع ان “مبدأ الشراكة الحقيقية وحضور القوائم الاساسية في الحكومة المقبلة يمثل ركيزة مهمة” وتابع “لايمكن ان نتخلى عن هذا الاساس لأي سبب من الاسباب وسوف لن نتحمل وزر حكومة تستثني وتستبعد اي من المكونات الاجتماعية الاساسية في بلادنا”.
وختم الحكيم مشيرا الى ان “التحالف بين الائتلافين ما يزال متماسكا وهناك تطور ملفت في التوصل الى آلية لاختيار رئيس الوزراء نتمنى من جميع القوى في الائتلافين ان تتحلى باعلى مستويات المسؤولية وان تقبل بالحلول الوسط”.
ويشير بذلك الى اتفاق بين الائتلافين حول آليات اختيار رئيس الوزراء المقبل.
وقد اعلن القيادي في دولة القانون عدنان السراج الأسبوع الماضي ان الائتلافين توصلا الى “آلية اختيار رئيس الوزراء التي تعتبر انجازا مهما كونها من العقبات الرئيسية”.
وكشف ان الائتلافين “وضعا اربعة شروط لمن ينبغي عليه ان يتسلم رئاسة الحكومة، وهي ان يكون مؤمنا بالدستور ومقبولا من قبل الشركاء السياسيين، وان يديم العلاقات الخارجية والداخلية، وان لا ينفرد بالسلطة”.
وذكر السراج بان “آليات الاختيار تتمثل في ان يكون المرشح متوافقا عليه وان يحصل على نسبة ثمانين بالمئة من اصوات الائتلافين، اذ ان حصوله على هذه النسبة يعني انسحاب المرشحين المتنافسين”.
وتابع ان “المرشحين المتنافسين هم المالكي من دولة القانون، وعادل عبد المهدي وابراهيم الجعفري من الائتلاف الوطني العراقي”.
لكن رئيس قائمة العراقية إياد علاوي حذر من أن تحالفا للتكتلات الشيعية يستبعد كتلة العراقية التي يتزعمها سيكون له تداعيات خطيرة وقد يجدد الصراع الطائفي في العراق مرة أخرى.
وقد فازت قائمة “العراقية” التي تضم عدة طوائف متنوعة من بينها شخصيات سنية بارزة ويترأسها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي بـ91 مقعدا بفارق مقعدين على قائمة دولة القانون برئاسة رئيس الحكومة نوري المالكي، بينما جاء الائتلاف الوطني العراقي ثالثا بحصوله على سبعين مقعداً، والتحالف الكردستاني رابعاً بحصوله على 43 مقعداً.
تصديق نتائج الانتخابات العراقية
وصادقت المحكمة الاتحادية العليا في العراق الثلاثاء الماضي على النتائج النهائية للانتخابات، في خطوة مهمة تجاه تشكيل حكومة عراقية جديدة، غير أنها أجلت النظر في التصديق على مرشحين أحدهما من ائتلاف العراقية والآخر من الائتلاف الوطني.
وأعلن رئيس المحكمة العليا القاضي مدحت المحمود في مؤتمر صحفي أن المحكمة قررت المصادقة “على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب لعام 2010 والواردة في الاستمارات المعتمدة من مفوضية الانتخابات العراقية”.
وأضاف أن المحكمة سترسل استمارة المصادقة إلى رئاسة الجمهورية والمفوضية العليا للانتخابات لاتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها، لكن إرسالها مجرد إجراء دستوري وأن “مصادقة المحكمة على النتائج تعتبر نهائية ولا يحق لأي طرف الاعتراض عليها أو الطعن بها”.
وأكد المحمود أن المحكمة اعتبرت المرشح عن القائمة العراقية إبراهيم المطلك فائزا في الانتخابات العامة وألزمت المفوضية العليا للانتخابات بإلغاء قرار استبعاده وإدراج اسمه ضمن الفائزين وحذف بديله عبد الكريم علي عبطان. وأضاف كذلك أن المحكمة قررت إرجاء النظر بتصديق النتائج المتعلقة بكل من المرشح عمر عبد الستار الكربولي (العراقية) والمرشح فرات محسن سعيد (الائتلاف الوطني العراقي) لحين إصدار المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قرارها بشأنهيما.
وذكر المحمود أن المصادقة النهائية على نتائج الانتخابات تمت بعد حسم جميع الطعون من قبل الهيئة القضائية، ويسمح تصديق المحكمة العليا على النتائج للتكتلات الانتخابية بالبدء في مفاوضات جادة لتشكيل حكومة بعد انتخابات لم تسفر عن فائز واضح.
وقال المحمود في المؤتمر إن إعلان النتائج يعني تحول القوائم الانتخابية إلى كتل برلمانية، وإن تحديد حجم الكتل البرلمانية سيتبين في الجلسة الأولى لمجلس النواب بعد أن تقوم كل قائمة بالإعلان عن نفسها سواء بقيت كتلة برلمانية بمفردها أو تحولت إلى كتلة أكبر بالاندماج مع كتل أخرى.
Leave a Reply