طرحت عميدة الصحافيين في البيت الأبيض، اللبنانية الأصل هيلين توماس، سؤالا على الناطق باسم البيت الأبيض روبرت غيبس، كانت الإجابة عليه شاهداً على أن تبرير الموقف المتراخي بعذر أضعف من الموقف نفسه ليس صعبا على الإطلاق.
فور طرح توماس لسؤالها عثر غيبس على السبب بعدم إدانة الإدارة الأميركية لإسرائيل بشكل واضح وصارم، فقال ردا على سؤالها: “لا شيء بمقدوره أن يعيدهم ثانية” في إشارة منه إلى أن الإدانة الصارمة لإسرائيل لن تعيد الحياة إلى من قتلتهم. وكان غيبس يشرح للصحافيين حيثيات الموقف الأميركي مما أقدمت عليه إسرائيل حين طلبت هيلين توماس، الإذن لها بالسؤال، فقالت: “الموقف (تعني الموقف الأميركي) منذ البداية من مجزرة السفن، وهي جريمة دولية ومجزرة متعمدة، كان موقفا يرثى له.. ماذا تعني بقولك إنك تأسف لما كان من الواجب إدانته بشدة وصرامة أكثر؟ وأي علاقة متينة لنا مع دولة تتعمد قتل الناس وتحاصر أي نجدة لهم وتحاصرهم”؟
حاول غيبس مقاطعة هيلين توماس مرات عدة حين كانت تطرح سؤالها، لكنه تركها تكمل على مضض قبل أن يجيب بأن البيت الأبيض “أسف في البداية للخسارة في الأرواح ولم يتخذ أي موقف حاسم من أي طرف قبل أن يلم بالمعلومات الضرورية عن قضية حساسة”. فقاطعته بفحوى السؤال الأول ثانية، وهنا أجابها: “لا شيء يمكنه أن يعيدهم ثانية”.
ثم قال: “الإدارة الأميركية تعتقد أن تحقيقا موثوقا به وشفافا يمكنه أن يغوص في عمق ما حدث ونحن نتطلع لمشاركة دولية في هذا التحقيق”. وذكر أن ما حدث لن يحدث أي تغيير في برنامج زيارة مزمعة للرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى واشنطن، وستتم في موعدها المحدد يوم 9 الجاري.
ومجددا سألته “سيدة الصحافة الأولى” كما يصفونها، وقالت: “لماذا لم تقفز مباشرة إلى النتائج حول هذه المجزرة، كما فعلت أنا مثلا”؟. فعاد غيبس إلى شرح موقف الإدارة الأميركية المبدئي ثانية، ولم يجب على هذا السؤال، حتى أعطى الإذن لصحافي آخر، فطرح سؤالا مختلفا ضاع معه الجواب عن السؤال الأول.
وتشتهر توماس بأسئلتها الجريئة التي دفعت الرئيس جورج بوش الى عدم دعوتها لحضور مؤتمراته الصحفية عدة مرات. واحتفل الرئيس باراك أوباما بعيد ميلاد توماس العام الماضي وغنى لها بعد أن فاجأها بحضوره الى قاعة المؤتمر الصحفي خصيصاً للمناسبة ومعه قطع حلوى. والمعروف عن هيلين توماس أن والدها جورج توماس هاجر في 1890 من مدينة طرابلس في الشمال اللبناني وهو بعمر 17 سنة، لينضم إلى شقيقين كانا هاجرا قبله إلى ولاية كنتاكي الأميركية، ثم عاد إلى طرابلس بعد 13 سنة ليتزوج والدتها مريم، وكانت أيضا من طرابلس، وعادا معا للعيش في قرية بكنتاكي اسمها “وينشستر” وهناك في 4 أغسطس (آب) 1920 أبصرت هيلين النور.
ثم انتقلت العائلة في 1924 إلى مدينة ديترويت المزدهرة بصناعة السيارات، حيث افتتح والدها محلا للبقالة كما عمل في حقل العقارات ليعيل عائلة من 9 أفراد على تجاوز فترة “الركود الكبير” في الثلاثينيات. وفي ديترويت نشأت هيلين، أو “العجوز العربية” كما يسمونها في واشنطن، وفيها بدأت العمل بالصحافة منذ 69 سنة بلا توقف.
Leave a Reply