ديربورن – خاص “صدى الوطن”
لبى العديد من المؤسسات العربية والإسلامية دعوة “كونغرس المؤسسات العربية الأميركية في ميشيغن” للمشاركة في الاحتفالات التأبينية لتكريم ذكرى شهداء “اسطول الحرية” الذين سقطوا بداية الأسبوع الماضي إثر الاعتداءات الإسرائيلية، وهم في طريقهم لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة الفلسطيني.
ورفعت الصلوات والقداديس لراحة ورحمة أرواح الشهداء وشفاء الجرحى وعزاء عائلاتهم وذويهم، في كنيسة “أم المخلص” اللوثرية والمجمع الإسلامي، في مدينة ديربورن، مساء الأحد الماضي، وألقيت كلمات عدة في المناسبتين.
ففي قاعة المجمع الإسلامي الثقافي، الأحد الماضي، شجب عريف الاحتفال الزميل أسامة السبلاني، المتحدث باسم “كونغرس المؤسسات” الممارسات الإجرامية المستمرة على الشعب الفلسطيني. واستغرب انصراف الكثير من العرب الأميركيين عن المشاركة في المناسبة في الوقت الذي ماتزال فيه تداعيات أحداث “أسطول الحرية” تحظى باهتمام عالمي، في مختلف بقاع الأرض وعواصم العالمين الغربي والشرقي.
وقال السبلاني “ليس صحيحاً أن قضية فلسطين هي مسألة تخص الفلسطينيين وحدهم، وإن أكبر خطأ نرتكبه إذا اعتقدنا بذلك. إن الصراع مع اسرائيل هو صراع فوق القوميات والديانات، وهو صراع البشر ضد الشر المطلق الذي اسمه اسرائيل”.
ولفت السبلاني إلى أنه بإمكان العرب الأميركيين أن يقدموا الكثير للقضية الفلسطينية، متسائلا عن الأسباب التي تجعل العرب يحجمون عن القيام بدورهم الأخلاقي والإنساني في الوقت الذي يقوم فيه الأتراك والإيرانيون بأدوار مشرفة ويتصدون بشجاعة وبسالة للانتهاكات الإسرائيلية.
وخاطب السبلاني الحاضرين بالقول: “وانطلاقا من ذلك، أقول لكم، أنني سأشارك شخصياً في قوافل كسر الحصار على غزة، بحراً أو براً، على متن “أسطول الحرية-٢” الذي سينطلق في نهاية شهر رمضان والذي سيقوم النائب البريطاني جورجة غالاوي، وأسأل كل من يستطيع الانضمام منكم ألا يقصر في هذا الأمر، إذ علينا أن نخبر العالم أجمع أن العرب الأميركيين هم ضد الحصار على غزة، وهم يدعمون حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وهم جاهزون للدفاع عن تلك الحقوق”.
ونوه رئيس مجلس أمناء المجمع الإسلامي الثقافي الحاج موسى قدوح “أن إسرائيل ما كانت لتقوم بتلك المجازر لولا علمها بأنها فوق القوانين الدولية وفوق الشرعية الدولية، ولولا تقاعس الحكام العرب الذين يسيرون عكس المنطق والتاريخ، وضد الأمانة التي حملتها الشعوب العربية لهم”. ورأى قدوح أن “غزة بعد جريمة “اسطول الحرية” هي التي تحاصر إسرائيل، وليس العكس”.
واستذكر الدكتور خليل قطاطو الناشطة الأميركية راشيل كوري التي دهستها البلدزورات الإسرائيلية، وانتقد مواقف الحكومة الأميركية التي لم تتخذ أي إجراء ولم تطالب بفتح تحقيق حول الحادثة، وقال: “إن حياة الأميركيين مقدسة ومحمية حسب الدستور، ولكن تختلف الأمور عندما يتعلق الأمر باسرائيل.. فاسرائيل لها الحق في القتل!”.
وندد المدير التنفيذ لـ”مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية” (كير) في ميشيغن، داود وليد بالجرائم الإسرائيلية منوها بأنه “على المسلمين الأميركيين، أكثر من غيرهم، تقع مسؤوليات عظيمة لأن الولايات المتحدة تعتبر الداعم الأكبر لإسرائيل بتقديمها المساعدات العسكرية الهائلة فضلاً على المساعدات المالية الأخرى”. وشدد وليد على ضرورة تعاون المسلمين وعملهم جنباً إلى جنب مع المجموعات الأخرى لتشكيل قوى ضغط موازية للوبيات اليهودية والصهيونية.
كما ألقى الأب راني عبدالمسيح كلمة شدد فيها على ضرورة العمل الإسلامي المسيحي المشترك لنصرة الشعب الفلسطيني.
ولفت رئيس “مجلس المنظمات الإسلامية في ميشيغن” غالب باغ إلى تنوع الشرائح والمجموعات التي تساند القضية الفلسطينية لجهة الثقافات والأعراق والأديان، وقال “إنني كهندي أميركي مسلم، وداود وليد كافريقي أميركي مسلم، والأب عبدالمسيح كمسيحي، وكذلك يوجد نشطاء يهود أميركيون… دليل على قوة الالتفاف حول المسألة الفلسطينية، وهذا الالتفاف ليس موجودا في أميركا فقط، بل هو موجود في كل أنحاء العالم”. وقال باغ: “علينا أن نعمل لكي نقوي أنفسنا ونقوي مجتمعاتنا، ليس من أجل القوة فقط، بل من أجل أن نكون قادرين على صنع الأشياء الجيدة، وهذا يكون من خلال تغيير الرأي العام والثقافة السائدة، لذلك من الواجب علينا أن نلتقي وأن ننظم أنفسنا وأن نضع استراتيجية واضحة للعمل المشترك”.
واستنكر الشيخ باقر بري اعتداء القوات الإسرائيلية على نشطاء السلام في “اسطول الحرية”، الذي كان هدفهم إيصال المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينين المحاصرين في القطاع وسط أقسى الظروف، ووصف بري قطاع غزة “بأنه مخيم لاجئين كبير”.
ونوه بري بأنه اذا كانت عملية السلام التي يتم الحديث عنها صادقة، فيجب أن تكون مع الفلسطينيين أنفسهم وليس مع البلدان المجاورة الأخرى.
قداس في كنيسة “أم المخلص” اللوثرية
وأقيم ظهر الأحد الماضي قداس وصلاة على راحة شهداء “اسطول الحرية” في كنيسة أم المخلص اللوثرية في ديربورن، بمشاركة جموع من المسلمين والمسيحيين.
وتلا القداس حفل خطابي افتتحه عريف الاحتفال القاضي سام سلامة بتحية “النشطاء الأبطال الذين بذلوا ارواحهم في سبيل كسر الحصار”.
وقال سلامة: “نحن لسنا متفاجئين بالعملية الاسرائيلية ولا بموقف الولايات المتحدة ودعمها اللامحدود”. واضاف “إن العديد من المثقفين والسياسيين الأميركيين ضاقوا ذرعا بدعم أميركا لإسرائيل التي لا تتوانى عن القيام بأية أعمال إجرامية”.
واستذكر الأب راني عبدالمسيح معاناة أكثر من 1.5 مليون فلسطيني في قطاع غزة، وقال “إننا نستذكر الذين يعانون في غزة وفي كل المدن الفلسطينية، لا لشيء إلا لأنهم فلسطينيون، فاذا كنا مؤمنين فيجب أن نتألم لآلام الآخرين، ونفرح لأفراحهم”.
وأضاف: “إن المسيح الذي علمنا المحبة الحقيقية علمنا كيف نضع حياتنا في خدمة الآخرين. واليوم نحن هنا لنقول لا للاضطهاد ونعرف أنهم سيقولون أننا ضد السامية ولكننا نقول لهم إن ابناء الشعبين الفلسطيني واليهودي يعانون من الاحتلال بسبب حقد الصهاينة وعنصريتهم”.
ودعا الشيخ محمد دبوق “الجميع أن يقفوا وقفة الحق، وأن يعملوا مسلمين ومسيحيين على كسر الحصار ونصرة الفلسطينيين في محنتهم”. وختم بالصلاة “على الذين قضوا وندعو لهم بالرحمة والمغفرة” داعيا الله أن يفك الحصار ويكف البلاء عن كامل فلسطين.
وأشار المتحدث باسم “كونغرس المؤسسات” الزميل أسامة السبلاني إلى أهمية الصوت المسيحي في إيصال القضية الفلسطينية إلى المحافل الدولية والشعبية، وخاصة في الولايات المتحدة. وقال السبلاني “إن اللوبي الصهيوني في هذا البلد نجح في ربط صورة العربي بصورة الإرهابي، وهذا يقيد من حركة العرب المسلمين، ولذلك فنحن ننتظر من العرب المسيحيين أن يكونوا في الخط الأمامي”.
وأضاف “لقد شارك رجلا دين في “أسطول الحرية”، هما مطران القدرس هيلاريون كبوتشي والشيخ رائد صلاح، ولكن الذي حصل أن الإعلام ركز على الشيخ صلاح، وهذا يعني أن المسيحيين لديهم حرية الحركة دون الخوف من الاتهامات المسبقة كما هو حاصل مع المسلمين”.
وفي نهاية الحفل ألقى الشاعر عبدالنبي بزي قصيدة هجا فيها الأوضاع والأنظمة العربية التي ينخرها المرض والتقاعس، وتشغلها سفاسف الأمور، عن الاهتمام بالقضايا المصيرية. (اقرأ القصيدة في الصفحات الثقافية).
Leave a Reply