أعرفه منذ عمر، من زمن الكروم والبيادر والوجوه السمر. أيام كان الغمر يحضن غمر، مواسم تعب وسهر وحب ومواويل، من أيام الضيعة في لبنان.
الأسبوع الماضي، ضاقت عليه الدنيا بما رحبت، عندما استدعت زوجته شرطة ديربورن، واستنجدت برجال البوليس لمعاقبته وتأديبه، حسب ادعائها، على ذنب سخيف ومش حرزان، حسب رأيه هو.
قلت له:
“ليش أنت مستغرب.. نحن نعيش الآن في اليونايتد ستايتس أوف أميركا. والأسلوب القديم والسابق في استخدام الكف والسكربينة وعصا المكنسة التي كانت تستعلمها الجوزات في معاقبة وتأديب أزواجهن أو بعولتهن، عند الضرورة -حيث كانت عند الضرورة موفورة في معظم الأحيان- هذا الأسلوب “مش ماشي بأميركا”، والزوجة التي يضطرها سلوك زوجها الأعوج، أو عندما تزهق من زوجها خصوصا بعد أخذها نفس أركيلة مع فنجان نسكافيه ويتحكم بها الميل إلى أن تثأر لنفسها ولبنات جنسها، فلا تجد أمامها أسهل من أن تحمل تلفونها الخاص وتتصل بالشرطة.
في السابق، وعلى أيام الجدات، كانت المرأة تقتني عدداً من الأحذية يتناسب مع درجة ذنوب الأزواج، وكانت تلك الأحذية تعلق وراء درفات الأبواب، كي لا تتعب الزوجات أنفسهن في البحث عنها، عند الحاجة اليها، وغالبا ما تكون مصفوفة بالترتيب:
هذه سكربينة، مدببة الكعب، لا توجع إلا قليلا، تضرب بها الزوجة “وعلها” على كتفيه اذا ما تأخر في الرجوع الى البيت.
وتلك سكربينة خضراء ذات كعب أطول من الأول، تضربه على قفا رقبته اذا نظر إلى الجارة الأجمل منها.
أما السكربينة الحمراء فتضربه بها على بوزه اذا خالف رأيها وتكلم بما لا يرضيها، وهناك سكربينة ذات كعب أطول وأشد وأحد رأسا وأكثر ايلاما اذا أخطأ وزار حماتها” (أي أمه).
وهكذا.. إلى أن تصل إلى السكربينة الأخيرة التي كعبها طويل جدا ومروس كرأس الحربة، وهذه لاستخدامها عند منتصف الليل، حين يرجع الزوج متأخرا من سهرته مع أصدقائه وخلانه. المضحك، أن وراء الباب أيضا يوجد “بوط” طويل الساق يشبه جزمة العسكر، تستعمله الزوجة عندما يمكث جوزها مثل اللوح في البيت و”في خلقتها” طوال النهار، فترميه بذلك البوط، من بعيد، فيحس على نفسه ويهرب في الحال في وجهها، وهكذا يأكلها المسكين اذا حضر واذا غاب.
ضحك وهو المهموم لما قلته له. وقال: رزق الله على تلك الأيام وتلك العقوبات الخفيفة واللطيفة مقارنة بعقوبات هذه الأيام الأميركانية التي تشبه عقوبات مجلس الأمن الدولي حيث يعاقب البريء والضعيف ويكافئ المفتري والظالم.
حيا الله المرأة القوية، الفهيمة، الواعية لقوانين أميركا، فلا تمد يدها على بعلها، بل تعاقبه بأسلوب حضاري!!
Leave a Reply