ديترويت – خاص “صدى الوطن”
يصف ويلي جونير ساعة وقوعه بين يدي عنصرين في شرطة ديترويت، بأنه كان يزحف على يديه، بعد ان انكسرت ساقه اليمنى وحطم وركه، في الاثناء كان يصلي لربه ان يأخذوه الى السجن، بينما كان الضابطان ينهالان عليه ضربا فكان يقول في سريرته “على الاقل كنت سأتلقى رعاية طبية”.
اليوم يتكيء جونير على عصا للمساعدة في حمل جبيرة ثقيلة على وركه الايمن واخرى معدنية بعشرات البراغي على ساقه. حدث ذلك في نيسان (ابريل) 2008 حين واجه الشرطيان لشود ويلكوم ورونوس ستيورات، اللذان رفع جونير عليهما دعوى قضائية.
هذان الشرطيان شهدا على مدى خمس سنوات من عملهما على الشارع,خمس قضايا رئيسية رفعها عليهم مواطنون، اضافة الى عشرات الشكاوى، تراوحت الاتهامات فيها بين توقيف وتفتيش غير مبررين وبين الاستيلاء على سيارة “دودج تشارجر” لإحدى النساء وتدميرها. وقد سجلا اثناء مدة خدمتهما رقما غير مسبوق في عدد الاعتقالات والمصادرة، جعلت رصيدهما يرتفع عند المسؤولين المباشرين.
لكنهما خاصة الشرطي ويلكوم، لفت انظار المسؤولين الكبار في شرطة ديترويت اليه لكثرة ما سببه من مشاكل للدائرة، التي تسعى لكسب ود وثقة المواطنين في حربها لكسر حلقة الجريمة والعنف السائدة في المدينة.
الآن هذان الشرطيان يخضعان لبند المراقبة مدة 3 سنوات لسوء سلوكهما الوظيفي.
محامو الشرطيين جون غولدباخ ودونالد ستولبيرغ قالا ان موكليهم رجال شرطة مجتهدين وحاولا فعل ما هو صواب. لكن القاضية في محكمة مقاطعة وين الجزئية ليندا باركر قالت ان تصرفهما لناحية تلفيق التهم ضد رجل بريء كان السبب في ادانتهما، وهذه في نظرها “تعني كل من يهمه تحقيق العدالة”، ومن شأن ذلك تدمير ثقة الأهالي، ويجعل من شهادات ضباط الشرطة مسألة مشكوك فيها.
بينما اكدت القاضية في المحكمة ذاتها فيرا ماسية جونز والتي امضت 31 عاما على منصة القضاء، بأن كثرة الاعتقالات والأدلة المفقودة والشكاوى، ليست غريبة على عناصر الشرطة من امثال ستيوارت.
قالت “مرة اخرى، فإن الكذبة هي في مقام الصدق ان وجدت أحدا يصدقها”، قالت ذلك عام 2008 في معرض رفضها للدعوى المرفوعة ضد ريتشارد فلانغان بتهمة امتلاكه لسلاح غير مرخص، وذلك بعد مشاهدة شريط فيديو ظهر فيه ان شهادة ستيوارت حول كيفية عثوره على السلاح ومجريات الاحداث في محطة للوقود في ديترويت لم تكن يمكن تصديقها. كانت تلك واحدة من سلسلة سلوكيات غير اخلاقية.
الضابط ستيورات وزميله ويلكوم لم يخدما على الشارع مدة طويلة، لكنهما تركا كمّا هائلا من المشاكل، اعتبارا من تاريخ تخرجهما من اكاديمية الشرطة عام 2004 ولغاية وقفهما عن العمل دون راتب في حزيران 2009.
كلاهما الآن مدانان وشوهدا على شريط فيديو وهما يلفقان تهمة لرجل بريء عام 2009، في الوقت الذي سمحا فيه لمذنب مطلوب للعدالة بالفرار من تهمة مخدرات.
وكان ويلكوم أدانته القاضية باركر في 11 أيار (مايو) واخضع لبند المراقبة مدة 3 سنوات عن حادثة 2009، فيما أدين ستيوارت بنفس الحكم ولنفس الحادثة في 27 من الشهر ذاته.
وقالت باركر لـ ستيورات في حيثيات صدور الحكم، بأن جريمته من شأنها تحطيم الثقة بين الناس والشرطة، وأضافت “انها ببساطة تدمر كل شيء”. لكن إدانة الشرطيين لا تعني ضلوع بلدية ديترويت في الجريمة، مع ان البلدية توصلت الى حل وسط في قضية رفعها فلاناغان دفعت له بموجبها مئة الف دولار في آذا(مارس) الماضي، وهناك قضايا اخرى لا زالت معلقة.آخر القضايا تتعلق بامرأة من ديترويت قالت ان الشرطيين عمدا الى مغازلتها ومن ثم اعتقالها زورا بعد ان دمرا سيارتها,، وقد رفعت دعوى عليهما في اواخر أيار (مايو) الماضي.
على ان سجلهما الوظيفي يتضمن ايقاف عن العمل، وتأنيب وشكاوى غير مبتوت فيها، وهذا كثير لفترة خمس سنوات من الخدمة، بحسب رئيس الشؤون الداخلية في دائرة شرطة ديترويت براين ستير الذي قال “شكاوى المواطنين جعلنا نضعهما تحت الانظار”، واضاف ان ادانة الشؤون الداخلية لهما تدل على ان الدائرة تأخذ الشكاوى على محمل الجد.
في حين قال جيمي فيلدز المتقاعد حديثا، والذي كان يشغل منصب رئيس ادارة المخاطر في الدائرة، بأن اسم ويلكوم برز في العديد من شكاوى المواطنين,مع انه كان مشهودا له عند رؤوسائه بكثرة الاعتقالات التي ينفذها.
وكان مسؤولون في بلدية ديترويت لم يردوا على رسائل بالهاتف والبريد الالكتروني طلب فيها منهم التعليق على الدعاوى المرفوعة على ويلكوم وستيورات.
المحامي جون غولدباخ والذي يشارك دونالد ستولبيرغ في الدفاع عن الشرطيين، قال “انهما كانا مثالا للجد والمثابرة، في سعيهما لمصادرة الاسلحة غير المرخصة وتنظيف الشوارع”. واضاف “يبدو انهما كانا يحاولان فعل الصواب ولكن بطريقة خاطئة”. وقال ستولبيرغ ليس مفروضا ان يكون ويلكوم كبش فداء على مذبح التوترات القائمة بين الشرطة والمواطنين في المدينة.
الادعاء غير متعاطف مع الشرطيين فالمدعي، آرنولد وانير وهو محامي ميغال ريد والتي كان ستيورات وويلكوم لفقا لها تهمة السنة الماضية، قال “لماذا كذبوا في حين لم يكونا مضطرين لذلك”؟ وكانت الدعوى التي رفعتها ريد في شباط (فبراير) 2009 هي التي وضعت الشرطيين داخل قفص الاتهام وعلى الطرف الآخر من نظام العدالة.
Leave a Reply