كان يعرف أنه أتى ليحتسي فنجان قهوة؛ ولكن المكان الذي كان يزحف نحوه رويداً رويدا أخذه ليرتمي على كرسي أمام فنجانيّ قهوة.
ظن بادئ الأمر أنه خارج الزمان، ولكنه يتذكر جيداً بأن طائرته حطّت للتوّ وأنه توجه مباشرةً إلى مقهاه المفضل.
مقهاي المفضّل؟ وكيف يكون ذلك وأنا لم أطأ هذه الأرض منذ أكثر من عشر سنوات. ولماذا هناك فنجانان من القهوة أمامي؟
مدّ يده إلى جيبه ليخرج علبة السجائر، ولكنه صرخ بنفسه: ماذا تفعل؟ لقد أقلعت عن التدخين منذ سنوات.
تذكر أنه عليه مهاتفتها، ولكن من هي؟
ومن حيث لا يدري وجد نفسه يحدثها..
– مساء الخير
– مساؤك جميل يا عمري
– أتعلمين أنك أجمل..
– أجمل من ماذا؟
– أجمل من كل لحظات عمري؟
– نعم وأنت تعب العمر الجميل.
– ههه، كلامك يخفف عني الكثير، أتمرين إلى مقهانا لنحتسي فنجاناً من القهوة؟
– في هذا الوقت، ما الخطب عزيزي؟
– أخشى أن يعتريكِ بعض من حزني.
– لا تخشي.
– سأسافر
– شكراً لصراحتك، ولكن لماذا؟
– لأجلنا
– ما دمت إخترت مصيرنا، أفكرت للحظة في دموعي، في دفاتر أيامي؟
يصمت.
– أولا تحبني؟
– إني ألف ألف أحبك.
– فـإبــق إذن.
– لا أستطيع؛ أريد المحاولة.
– (ساخرة) ماذا بقي هناك لم تجربه؛ محاربة طواحين الهواء، أم الركض وراء السراب؟. أنت يا حبيبي تؤمن بالمستحيل.
– لعلّي.
– إنك مصمم على الرحيل إذن؟
– نعم.
– وماذا عن حبنا؟
– ستكون تجربة جديدة لكلينا؛ ولكنه أقوى.
– إن الحب حبيبي حالة تعاش لا حالة تجرب.
– سيسخّر حبنا المستحيل.
– كفاك من كلمات لا تعرف معناها.
– لم يعد لدي غيرها. أو تأتين؟ فقد أخذت قهوتك تبرد.
– إشربها و حدك.
طلب من النادل ومن وراء دخان تبغه فنجاناً آخر له ولها، علّها “تأتي”.
Leave a Reply