أتلانتا – في خطوة مفاجئة أقالت شبكة “سي أن أن” التلفزيونية الخبيرة بشؤون الشرق الأوسط، الإعلامية اللبنانية الأميركية أوكتافيا نصر، لأنها أعربت عن تقديرها للمرجع الشيعي السيد محمد حسين فضل الله الذي توفي الأحد الماضي. وكانت الصحافية نصر قد عبرت على موقع “تويتر” على الإنترنت، عن شعورها بالحزن عندما علمت بوفاة فضل الله، ولم تشفع لأوكتافيا نصر رسالة التوضيح-الاعتذار لأن الشبكة اعتبرت ان مصداقية هذه الصحافية فقدت لمجرد التنويه بالمرجع الراحل.
وجاءت الاستقالة بناء على طلب من باريسا خصراوي، نائبة رئيس الشبكة الأميركية، التي دعتها إلى مغادرة الشبكة بسبب الرسالة المذكورة، وفي مذكرة داخلية قالت خصراوي انها بحثت الامر مع اوكتافيا “وقررت أن عليها أن تغادر المحطة” مضيفة أن “تعليقها خلق ردود فعل كثيرة نهاية الاسبوع”.
وأوضحت خصراوي في مذكرتها قائلة “نعتبر أن مصداقيتها كصحفية متخصصة في شؤون الشرق الاوسط قد تأثرت بما كتبته، وكتبت الصحفية التي كانت تعمل في المحطة منذ العام 1990، في رسالتها انها “حزينة لتبليغها نبأ وفاة اية الله محمد حسين فضل الله احد الرجال الكبار في “حزب الله” والذي كنت احترمه كثيرا”.
وهي الرسالة التي أعقبها اعتذار اوكتافيا على الموقع الالكتروني لمحطة “سي أن أن” على الرسالة التي نشرتها حول هذه الشخصية الاسلامية الشيعية التي ادرجتها الولايات المتحدة على لائحة “الارهابيين الدوليين” موضحة أن “الأمر يتعلق بخطأ من قبلي لاني كتبت تعليقا من هذا النوع وبهذه البساطة”.
وأوضحت خبيرة شؤون الشرق الأوسط بالشبكة قائلة “كنت اقدر عنده موقفه المتميز بين رجال الدين الشيعة حول حقوق المرأة”، مضيفة “هذا لا يعني اني كنت احترمه لكل شيء اخر قاله او قام به”.
تجدر الإشارة إلى أن أوكتافيا نصر التي ولدت في بيروت كانت قد غطت النزاعات الرئيسية في المنطقة لحساب “سي أن أن” طوال 20 عاما وقدمت برنامج “سي أن أن وورلد ريبورت” و”سي أن أن انترناشونال وورلد نيوز” من 1993 الى 2003، وجاء رحيلها عن المحطة بعد شهر على رحيل عميدة المراسلين في البيت الابيض هيلين توماس التي احيلت على التقاعد بعد تصريحات مثيرة للجدل حول اسرائيل.
وقبل انضمامها للعمل مع “سي أن أن”، عملت أوكتافيا نصر في المؤسسة اللبنانية للإرسال (أل بي سي)، حيث بدأت عملها في مجال الصحافة عام 1985.
إدانة للإعلام الأميركي
ومن جهته، دان “حزب الله” اللبناني اليوم الخميس طرد نصر من الشبكة الاميركية، معتبرا انه يكشف “ازدواجية المعايير” الاميركية في التعاطي مع العرب ومع اسرائيل.
وندد مسؤول العلاقات الاعلامية في “حزب الله” ابراهيم الموسوي في بيان ما اسماه “الارهاب الفكري المتمثل بطرد الصحافية اوكتافيا نصر من قناة “سي ان ان” لتعبيرها عن حزنها لوفاة الراحل الكبير آية الله السيد محمد حسين فضل الله”.
واعتبر ان “هذا الاجراء يكشف الازدواجية في المعايير التي تحكم الغرب في تعاطيه مع قضايا المنطقة ويفضح المزاعم الاميركية حول حماية حرية التعبير”.
واشار الى ان الاعلام الغربي عموما والاميركي خصوصا يفسح المجال “للاساءات المتعمدة الى مقدساتنا ويخفي الجرائم الصهيونية المتمادية التي ترتكب في حق شعوبنا، في حين يضيق صدر هذا الاعلام بمشاعر صحافية امضت سنوات طويلة في خدمة مؤسسة اعلامية تدعي العراقة”.
وفي حين اثنت رابطة مكافحة التشهير بالسامية على قرار “سي أن أن”، استنكر مركز “سكايز” للدفاع عن الحريات الاعلامية والثقافية قرار الفصل التعسفي بحق زميلة خدمت المحطة عشرين سنة، واعتبره “تجاوزا وخرقا فاضحا لحرية الرأي والتعبير، خاصة من قبل وسيلة اعلامية تنتمي الى بلد ديموقراطي وتعددي عريق”. وتابع “فلا الحق في حرية التعبير عن الرأي، الذي مورس خارج الاطار الوظيفي، ولا حتى اعتذار الزميلة نصر قد دفعا المحطة للتراجع عن قرارها”.
وقال موقع “بولوتيكو” الإلكتروني الأميركي أن قرار “سي أن أن” بفصل نصر أثار إشمئزاز الكثير من الأميركيين الليبراليين، حيث نقلت عن بروفيسور العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة “جورج واشنطن” مارك لينش قوله “لو كنت أشاهد “سي أن أن” لكنت هددت بمقاطعتها، ولكن للأسف إن سياسات الشبكة الإخبارية منعتني أن أشاهدها منذ مدة طويلة”.
فيما وصف البروفيسور في جامعة “هارفرد” ستيفن والت قرار “سي أن أن” بأنه لا يستند على أي شيء سوى الضعف.
فيما قال ناشر ورئيس تحرير صحيفة “صدى الوطن” الزميل أسامة سبلاني لموقع “بوليتيكو” إن ما يحصل اليوم في أميركا لا يمكن تصديقه”، تابع بالقول “يمكنك أن تقول هنا ما تشاء باستثناء انتقاد إسرائيل!..”
كما اتهم السبلاني “سي أن أن” بانها تخلت عن معايير المهنية وتعتمد اسلوب الكيل بمكيالين وقال “ان مقدم البرامج في الشبكة وولف بليتزر عمل مراسلا في صحيفة “جيروزاليم بوست” وهو عضو في اللوبي الصهيوني “آيباك”، ولكن لا يجوز لأوكتافيا نصر أن تدلي بقول يوافقها عليه الملايين حول العالم”.
وأضاف: إنه لأمر مخز الدرك الذي وصلت اليه “سى أن أن”.
وختم بالقول “إن السيد فضل الله يعتبر مرجعا إسلاميا تقدميا، وأنا أحترمه، فليأتوا ويزجوني في السجن، فأنا اعترف بجريمتي”.
ومن جهته قال رئيس “المعهد العربي الأميركي” في واشنطن د. جيمس زغبي أن قرار فصل نصر كان غير حكيم لشبكة تلفزيونية تسعى أن تستقطب جمهوراً في جميع أنحاء العالم.
وقال “هذه الخطوة ستزيد القناعة بأن الإعلام الأميركي غير عادل في تغطيته لأحداث الشرق الأوسط”. وأضاف “نصر شكلت صوت العقل في “سي أن أن”، وطردها يبعث برسالة مفادها أن وجهة نظر العرب لا تهم المحطة”.
Leave a Reply