واشنطن – وقع الرئيس الأميركي باراك أوباما الأربعاء الماضي قانون إصلاح النظام المالي والمصرفي الذي يضم إصلاحات هي الكبرى من نوعها في الولايات المتحدة منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي، وذلك بعد تجاوزه عقبات إجرائية كبيرة.
إلا أن وضع هذا القانون غير العادي، والذي جاء في 2300 صفحة، موضع التطبيق سيستغرق بعض الوقت، إذ لا يزال يتعين على هيئات الضبط المكلفة بمراقبة النظام المالي الأميركي صياغة العديد من القواعد المنظمة والمعقدة غالبا من أجل إتاحة تطبيق الإجراءات الجديدة.
ويقول المحللون إن القواعد الجديدة تنص خاصة على إنشاء غرفة مركزية للتعويض، وعلى المزيد من الشفافية وشروط أكثر صرامة بشأن رؤوس الأموال، وحتى قواعد بورصات للمنتجات المالية المشتقة.
كما يفرض القانون الجديد قيودا أكبر على منح القروض وسياسات وقواعد الإقراض، ويحضُّ على الكشف عن هويات المقترضين من طلاب ومستثمرين.
وقال أوباما في حفل توقيع القانون الجديد إن “قانون إصلاح وول ستريت” وحماية المستهلك سيحل مكان نظام قديم طبّق بشكل سيئ وقاد إلى أسوأ ركود اقتصادي منذ الكساد الكبير، وأضاف أنه سوف يمنع حدوث أزمات مالية كبرى في الولايات المتحدة، وأن الاقتصاد سيعود للنمو مرة أخرى.
وأكد أن هذه الإصلاحات التي تمثل أهم الضمانات المالية للمستهلك في التاريخ، ستحمي المستهلك وستسمح باتخاذ إجراءات صارمة ضد الممارسات التعسفية في قطاع الرهن العقاري.
وفي انتقاد مبطَّن للجمهوريين الذين لم يدعموا بغالبيتهم قانون الإصلاح الجديد، قال أوباما وسط موجة من التصفيق الحار من قبل الحاضرين في حفل التوقيع “بسبب هذا القانون، لن يتعيَّن على الشعب الأميركي أبدا بعد الآن دفع ثمن أخطاء وول ستريت”.
والمفارقة هي أن الرئيس الأميركي الديمقراطي اختار أن يوقِّع على القانون الجديد في مركز رونالد ريغان للمؤتمرات في واشنطن، والذي يحمل اسم الرئيس الأميركي الجمهوري الراحل الذي طالما اقترن اسمه بعملية تحرير النظام المالي من القيود والقواعد.
ووفقا للإصلاحات الجديدة ستتمتع الحكومة و”مجلس الاحتياطي الفدرالي” بسلطات رقابية واسعة على صناديق التحوط الاستثمارية وأسواق المشتقات المالية إلى جانب صلاحيات جديدة واسعة لتقليص حجم الشركات المالية المتعثرة.
كما سيشكل مجلس للهيئات الرقابية بهدف مراقبة المخاطر التي تهدد النظام, ووكالة لحماية عملاء المؤسسات المالية مع التصدي للمنتجات المالية المضللة.
وقال أوباما إن الشعب الأميركي لن يكون مرة أخرى هو من يسدد فاتورة الأخطاء في وول ستريت, ولن يكون هناك مزيد من عمليات الإنقاذ الممولة من الضرائب. بهذا التوقيع ينهي الرئيس الأميركي جهدا استمر نحو عام من أجل تعديل النظام المالي والمصرفي الأميركي لمنع تكرار الأزمة المالية التي ضربت الولايات المتحدة في خريف 2008 وأدت إلى أسوأ ركود اقتصادي منذ ثلاثينيات القرن العشرين.
ويمثل توقيع أوباما لمشروع القانون بعد موافقة الكونغرس عليه في نهاية الأسبوع الماضي، انتصارا سياسيا كبيرا للرئيس الأميركي على الصعيد المحلي. ونجح باراك أوباما أيضا في السنة الجارية في تمرير أكبر مشروع لإصلاح نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة منذ نحو 40 عاما.
Leave a Reply