يقول الناقد الأردني غالب هلسا بأن الشاعر العراقي لا يريد إلا المدح والإطراء، ربما هذه المقولة فيها الكثير من الصحة، ولكني معترض عليها لكونها غير منصفة بحق الكثير من الشعراء العراقيين، وباعتقادي لا يزال كثير من النقاد يتحدثون عن الجواهري والبياتي وسعدي يوسف بعيوبهم ويتهمونهم بمواقفهم، فما بال حال الشعراء الجدد الذين ينتشرون على الشبكة العنكبوتية وهم يطرحون منجزهم الشعري ومنهم الشاعرة زمان الصائغ، تلك الشاعرة التي تراهن على نحت قصيدتها التي إنطلقت منها، وهي تمتلك لغة حلمية، طيفية، تقول:
يا أيها الليل أين الحب؟
أين الدعاء؟
أين الدين؟
وأين المرجع؟
يبدو أنها خلقت للشعر، ومن أجله تبحث عنه، فهي من عائلة أدبية، فأمها الناقدة دجلة السماوي وأبوها البرفيسور الشاعر عبد الاله الصائغ، واختها الدكتورة الشاعرة وجدان الصائغ، كل هذا الجو المفعم برائحة الادب الجاهلي مروراً بالأموي والعباسي وعصر الحداثة يقلقها ويخلق إيقاعا خاصا ً لها وإن اتسم بتلك القدرة اللغوية التي تملأ قصيدتها توترا ً شعرياً وجواً تأملياً ملتهباً بالحسرة والحنين، وهذا الصوت يأتي من دواخلها داوياً ضاجاً ومقلقاً، ليس فقط لها وانما أيضا لقرائها الذين لازموها والباحثين عنها. تقول مخاطبة الرجل المسيطر على المرأة والمستلب حريتها والضاغط على أنفاسها:
لن أكون إحدى جواريك الاربع
أصلي لك خمسا وأركع
فأنا اليوم أنا أكبر …
يا سيدي.. حبك سلاسل تكبر
حبك حدائق فيها العصافير والفراشات
تُقمع
يبدو أنها تخوض حروباً كثيرة مع الرجال والعالم بفضاءاته المتخيلة والواقعية والحسية، والشعر هو سلاحها الماضي الذي تحتاج إليه في كل الأوقات، ولأن قصيدتها هي تعبير عن كربتها وتخفيف أحزانها وشعرها هو الدفاع عن نفسها. يقول الجواهري “اعتدت على ذلك في النجف منذ البدايات، فحين كانت تداهمني القصيدة كنت أنزل الى السرداب، أحدو ثم أطرب وأدخل في ملكوت الشعر، في عالمه السحري، وعندها يكتمل البناء متجملاً بالشكل، أعود الى نفسي وأضحك معها أحيانا، أحقاً إنني كنت هنا؟ ومن هنا بنت النجف الأشرف تولد قصيدتها، وكأنها في مخاض الولادة ، أي أنها تولد من جديد حتى تحل عليها اللحظة الشعرية،
أكره رجلا ً
يتسلل خلف الأسوار
يبحث ليلاً عن امرأة تلهو
يكسر جناحيها
ويقدمها قربانا للرغبة
وإن ما تكتبه من شعر صادر عن رؤية إيمانية من منطلق أن الشعر هو تحفيز لإتخاذ موقف معين أزاء حالة معينة تتبناها وفق خبرتها الوجدانية، والشيء المؤسف أن سطوة الرجل وصورته كـ”بعبع” شغلت مساحات واسعة في نصوصها، وخاصة في قصائدها “ديك شهرزاد” و”رجل” وغيرها من القصائد الأخرى. وهكذا يستمر قرارها بالمواجهة من منطلق احترامها لنفسها وتمسكها بنديتها، تقول:
“عذرا/ ان لم أزل أنتظرك خلف الستارة/ كأي منارة/ وادعي أني لم ارك/ وأدعي أنك بالجراح لم ترمني/ وأدعي وأدعي/ تحت خيمة الليل ادفن كل البقايا/ واقتل ما بقى مني/ وأمحو ورائي كل أثر”.
يذكر ان الشاعرة زمان الصائغ كانت قد شاركت في الأمسية الشعرية التي نظمها “المركز الثقافي العراقي” في واشنطن الى جانب عدد من الشعراء العراقيين وذلك بمناسبة افتتاح فعاليات المركز
Leave a Reply